شركات وهمية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٢/يونيو/٢٠١٦ ٢٠:٢٥ م
شركات وهمية

حمد الهادي

استوقني أحد الأصحاب وقال لي إنه تلقى دعوة من أحد الأشخاص يريده في موضوع مهم جدا وعاجل، ولابد أن تكون هذه الجلسة في وقت محدد، ولابد أن يكون بمفرده لضرورة الأمر المهم الذي يريد أن يقوله، حان موعد الجلسة وصل ثلاثة أشخاص ومعهم قلم ومذكرة وهو الرابع، فأخذوا يحدثونه من جوانب كثيرة، ويسألونه أسئلة من بينها: كم نسبة السعادة التي تشعر بها! وهل الأطعمة التي تأكلها صحية! وهل العمل الذي تعمله أنت راض عنه! وهل تريد أن تكون أحد أغنى الأشخاص في العالم! استمر الثلاثة بطرحة الأسئلة وهم يرسمون في المذكرة الدوائر والمربعات تارة والمسارات التي يجب أن ينتهجها تارة أخرى وكأنما يعطون مفتاح الجنة لهذا الشخص، بعدها قالوا له إذا تريد هذه الأشياء تتحقق لابد أن تنضم إلى شركتنا بعد هذه الجلسة الشاقة والعصيبة على صاحبنا استسلم للأمر الواقع، قدم استقالته من عمله، وذهب وقام بالتسجيل لهذه الشركة الخارجية والوهمية.
لهذه الشركات حيل ومكائد كثيرة، تستهدف فئة معينة من الناس ليسجلوا فيها، وتوهم الضحية بتحقيق دخل كبير في حال انضم أشخاص آخرون معه، وبعد استدراجه شيئا فشيئا تسحب البساط فجأة من تحته وتسرق أمواله وتختفي عن الوجود.
وليس لهذه الشركات وجود قانوني أو نظامي، ولكنها وجدت لتمارس الاحتيال المالي على من ينساق وراء إدعاءاتها الزائفة والمضللة، وليس لهذه الشركات ترخيص في السلطنة ولا في الخارج، وتتجه هذه الشركات للعمل في الخفاء والتستر على ألا ينشر المنضمين لها أي شيء عنها في مواقع التواصل الاجتماعي.
هناك القليل من الشركات الخارجية التي لها ترخيص معتمد ومنتجات وأدوية مرخصة ومصدقة محليا وخارجيا، وتقيم بعضها دورات تدريبية مجانية في تنمية الموارد البشرية ويجب على المجتمع أن يستفسر ويبحث جيدا قبل الدخول في أي شركة مشبوهة.
هناك سلبيات كبيرة تصاحب هذه الممارسات، تتسبب في حدوث تشوهات واختلالات في سوق العمل، كونها لا تحقق العدالة والكفاءة المطلوبة في السوق، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على مفاصل الاقتصاد وأهمها النظام المالي والمصرفي، كونها تسعى إلى تمرير عمليات تجارية واستثمارية غير نظامية لا تدخل في حسابات الناتج المحلي الإجمالي للدولة. أما الأضرار الاجتماعية تشيع ثقافة الاحتيال والكذب والاستيلاء على أموال الآخرين بغير حق، وشيوع البطالة والعزوف عن الدراسة والاتجار المشروع، مقابل انعدام الثقة بين الناس في العقود والتعاملات ولو كانت مطابقة للحقيقة، وأما الأضرار القانونية فهي إهمال النظم والقوانين المنظمة لإقامة الشركات الفعلية وضعف ثقة الناس بالقوانين وتطبيقها لاسيما المتعلقة بأموالهم وحقوقهم وانشغال الجهات القضائية بالمطالبات والدعاوى باستعادة رؤوس الأموال المسلمة لأصحاب تلك الشركات الوهمية، واستهجان الأفراد لأداء الجهات الحكومية المناط بها تطبيق وتفعيل الأنظمة والقوانين الاقتصادية والمالية.