المؤسسات المالية ..تنمية واقتصاد

مقالات رأي و تحليلات السبت ١١/يونيو/٢٠١٦ ٢٠:٥٣ م
المؤسسات المالية ..تنمية واقتصاد

د حامد بن شظا المرجان

عندما تسلم صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد أيده الله بنصره مقاليد الحكم،لم تكن بالسلطنة مؤسسات اقتصاديه أوقطاع مصرفي او شركات مساهمه او موسسات ماليه كشركات التأمين او غيرها من الموسسات الاقتصاديه بالمعنى المتعارف عليه دوليا. فكان من أولويات السياسة الاقتصادية العمانية فى القرن الفائت انشاء البنيه الأساسية الاقتصاديه بما فى ذلك قطاع مصرفي يكون داعما للتنمية الاقتصاديه والتطوير والتحديث. وبما أن مقالنا ليس حول التنمية العمانية الشامله والتى تحدثنا عنها كثيرا فى مقالات سابقه وإنما حول دور المؤسسات المالية و الاقتصاديه فى التنمية. نستطيع بأن نشيد بالتطور الذى حصل فى القطاع الاقتصادى والمالى بالسلطنه بصرف النظر عن التأثيرات الدوليه فى الاقتصاد العمانى وينبغي أن تكون هناك مراجعه للقوانين المتعلقه بهذا القطاع الاقتصادى الهام لما له من اهميه للامن الاقتصادى وانعكاس ذلك على مسيرة الاقتصاد ومتانته خاصه ما يتعلق بالشركات المساهمه العامه وألية عملها. لذا سنستعرض عزيزي القارئ أهمية الائتمان المقدم من النظام المالى لأجل التنمية, حيث تعد القروض والائتمانات المصرفية أهم التمويلات التى تقدمها المؤسسات الاقتصاديه لدعم التنمية.
يقصد بالائتمان المصرفي صافي مطلوبات النظام المصرفىي من القطاعات الاقتصادية المختلفة وتنبع الحاجة الى الائتمان المصرفي نتيجة لعدم وجود توافق زمني بين الايرادات داخل الاقتصاد والإنفاق وهذا يؤدي الى وجود مؤسسات اقتصادية لديها فائض فى وقت ما مثل المصارف ومؤسسات التمويل المختلفه لسد العجز المالى او السيوله النقديه للشركات و المؤسسات التجارية المختلفه، وهنا يأتى دور الائتمان لتنظيم العلاقة المتبادلة بين مؤسسات الاقتصاد المختلفه. يقوم بدور التمويل المؤسسات المصرفية المختلفة مثل البنك المركزي من خلال ائتمانه المباشر أو غير المباشر والمصارف والمؤسسات التمويليه التجارية بالإضافة إلى المصارف المتخصصة لدورها فى تعبئة المدخرات ولقدرتها فى اقراض مقادير تفوق ما يتوفر لديها من مال للمؤسسات التجارية التى لديها عجز، ولهذا يأخذ النظام المصرفي فى شكل هرم للتمويل الائتماني يقف فى قمته البنك المركزي وفى قاعدته توجد المصارف أو الموسسات التمويليه التجارية والمتخصصة. نجاح نظام التمويل المالى في عمله يعتمد على مقدرته فى توفير المال وقدرته على اجتذاب الأموال ومنح الإئتمان من ناحية اخرى.
هنا يجب على نظام التمويل وسياساته الائتمانية وغيرها أن تتجه نحو الإدخار المحلي ووضعها فى خدمة التنمية الاقتصادية فى إطار من الإستقرار الاقتصادي ومحاربة التقلبات الاقتصادية من ناحية التضخم والانكماش. وبما أن الإئتمان يعتبر مصدرا مهما للنشاط الاقتصادي إلا أنه قد يؤدى الى حدوث أضرار بالإقتصاد إذا لم يحسن ادارته و استخدامه .فالائتمان في حالة انكماشه يؤدي الى كساد وفى حالة الإفراط فيه يؤدى الى التضخم.وفى كلا الحالتين التضخم أو الانكماش سوف يؤدي الإئتمان المصرفي إلى تشوهات فى عملية التنمية والاستقرار الاقتصادى وبالتالي فى تحقيق أهدافه بما في ذلك فقدان التوازن والإستقرار الإقتصادي ولا يضمن حالة التوافق بين ما يقدم من الإئتمان المصرفي وعملية التنمية الاقتصادية وحاجاتهاإلى وجود سياسة ماليه وائتمانية منسجمة مع الاحتياجات الفعلية للنشاط الاقتصادي ومتكاملة مع النشاطات الاقتصادية الاخرى. وهذا يعنى أن هناك ترابط بين النظام المالى وعملية التنمية ذاتها أساسها قدرة هذا النظام فى نقل الأموال من القطاعات التى لا تستطيع وضعها فى الاستخدام التنموي الى تلك القادرة على ذلك.
وقد يحب القارئ التعرف على الدور الذى يقوم به البنك المركزي فى العملية التنموية. البنك المركزي من خلال تمويله المباشر وغير المباشر للتطور التنموي ومن خلال عمله على إقامة الهيكل المالي الأساسي للعملية التنموية ودوره فى رسم السياسة النقدية والرقابة على النظام المصرفي والإصدار النقدي هذا بالاضافة الى تطوير النظام المالي ويعتبر الهدف الرئيسي للبنك المركزي في الاقتصاد هو أخذ المبادرة فى إقامة هيكل مالي سليم مؤسسات وأوراق مالية وأسعار فائدة لعملية التنمية الاقتصادية يتمثل فى إقامة سوق نقدية وسوق رأس مال توفي بطلبات التنمية الإقتصادية وإشراف رقابي فعال على النظام المصرفي وتشريع سياسة نقدية وائتمانية وضمان سياسة لأسعار الفائده تضمن التمويل المستمر لعملية التنمية الاقتصادية وبإقامة هذا الهيكل المالي السليم والمتفق مع الاحتياجات التنموية يكون للبنك المركزي دورا فعالا فى التنمية الاقتصادية.
أما المصارف التجارية فتلعب دورا مركزيا فى الإقتصاد فهي الوديع لجزء مهم من وسائل الدفع في الاقتصاد وهي تتداول يوميا مبالغ كبيرة من الاموال السائلة وتزود المواطنيين والشركات والقطاعات الاقتصادية بمقادير من العملة والائتمان التى تحتاجها كما تحتفظ بجزءمن الدين العام الداخلي لذلك سلامة عملياتها وصحة سياستها تعتبر من المقتضيات الأساسية لسلاسة عمل الاقتصاد ذاته واستمرار استقراره وامكانية تحقيق أهدافه التنموية. وقد احتل الإئتمان المصرفي للمصارف التجارية دورا هاما ومتزايدا فى عملية التنمية فى سائر النظم الاقتصادية لإتساع قدرتها على توفير النقود ولهذا فإن حجم الإئتمان المصرفي الذي تقدمه المصارف التجارية إلى قطاعات الإقتصاد تؤثر تأثيرا محسوسا على عملية التنمية الاقتصادية. وفى تركيزنا على الدور التنموي للمصارف التجارية نشير إلى أن قدرة المصارف التجارية على توفير الإئتمان أو النقد المصرفي يعنى قدرتها على التمويل لا تتحدد فقط بحجم مالديها من مدخرات والتى يطلق عليها الودائع الأولية بل تلك الودائع التى توفرها والتى يطلق عليها الودائع المشتقة والتي تأتي نتيجة قيام المصارف التجارية بوظيفة قبول الودائع والإقراض منها تختلف المصارف التجارية فى شكل المساهمات الائتمانية فى ضوء فلسفة الدولة الاقتصادية فمنها مايعمل بسياسة التمويل القصير الأجل للقروض التجارية لكونه التمويل الذى يضمن للمصارف الربحية العالية وهناك الائتمانات طويلة الأجل للصناعة والزراعة. أما المصارف المتخصصة فتقوم بالتمويل المتوسط والطويل الأجل وبما يخدم كل قطاع وتعتمد هذه المصارف عند تقديمها للائتمان ومزوالتها النشاط المصرفي على مواردها وعائداتها التي قد تكون حكومية أو على ما تقترضه من السوق المالية.

باحث و مستشار تنموى