العمانية
بدعم وإشراف مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية توصلت أعمال التنقيب الأثرية للبعثة الإيطالية بحصن وقرية سلّوت الأثرية في ولاية بهلاء بمحافظة الداخلية إلى اكتشاف موقع مهم في جنوب شرق الجزيرة العربية يعود إلى العصر الحديدي أطلق عليها "مستوطنة سلوت".
واستمرت أعمال المسوحات والحفريات الأثرية للبعثة الإيطالية من جامعة بيزا في مواقع خور روري "سمهرم" والبليد ووبار الأثرية بمحافظة ظفار، وكانت البعثة الإيطالية قد تمت دعوتها في عام 2004م لإجراء دراسات أولية على ما يُعرف حالياً بحصن وقرية سلّوت الأثرية في ولاية بُهلا بمحافظة الداخلية.
وأكدت البروفيسورة أليساندرا أفنزيني رئيسة البعثة الأثرية من جامعة بيزا الإيطالية العاملة بموقع حصن سلّوت بولاية بهلا أن الحفريات كشفت عن بقايا مستوطنة حقيقية حيث يوجد في الهضبة التي تحتضن حصن سلّوت الأثري نظام مدرجات واسع النطاق ويضم أيضا بعض الخصائص الأثرية المتعددة.
وأضافت في مؤتمر صحفي عقد اليوم بمكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية للإعلان عن بعض المكتشفات الأثرية إن الأعمال الأثرية تركزت أساسا على المنحدر الشرقي من الهضبة، حيث تم اكتشاف عدة جدران على المنحدر الآخر أيضاً. وعلى الرغم من أن تاريخ هذه المستوطنة في شبه الجزيرة العربية يعود إلى العصر الحديدي، إلا أنه لا يُعرف أي مستوطنة أخرى تحتوي على بقايا أثرية مشابهة لها.
وقالت أفنزيني إن بعض مسبار الاختبارات في شرق سهل سلّوت أثبتت أن المباني تمتد أيضا إلى هذه المستوطنة المكتشفة وينطبق الشيء نفسه على شمال هضبة سلّوت حيث تم العثور على مصطبة كبيرة بارتفاع أقل بقليل من مترين من السهل المحيط بها. وأوضحت البروفيسورة أنه تم العثور كذلك على قطع فخارية تعود للعصر الحديدي وجدران حجرية كبيرة وختم من العصر الحديدي وشظايا أواني حجرية من السطح في هذه المستوطنة إضافة إلى جدار حجري كبير يضم أيضا صخورا كبيرة يبدو هذا الجدار دفاعيا يغلق المستوطنة من الشمال أما في الجهة الغربية تم الكشف عن طبقات أرضية قديمة مقابل الجهة الجنوبية للمستوطنة.وأشارت إلى أن المباني القديمة في الهضبة والمناطق المجاورة تؤهل لتكون بمثابة المقر الفعلي للمستوطنة الرئيسية لسلّوت والمرتبطة مباشرة بموقع حصن سلّوت الأثري ومواقع أخرى صغيرة تم اكتشافها خلال عمليات المسح السابقة ومكننا هذا التطور بأن يكون اسم الموقع "قرية سلّوت الأثرية".وأكدت أفنزيني أن اكتشاف هذه المستوطنة الجديدة لا يقل أهميةً عن حصن سلّوت الأثري الذي يعدّ الاستكشاف الأكثر إبهاراً حتى الآن في جنوب شرق الجزيرة العربية
وأوضحت أفنزيني أنه تم التحقق من الأسطح التي تعود للعصر الحديدي في جزء من المستوطنة الواقعة على سهل سلّوت وقد طرأ على الطبقات ومنحدرات الهضبة عمليات التعرية التي كان لها تأثير كبير وتم اكتشاف مستويات متعددة في المصاطب الدنيا ومؤشرات عن وجود أنظمة تصريف المياه.وأضافت أن المستوطنة ستتميز بالأهمية العلمية الهائلة وذلك بعد انتهاء كافة أعمال الحفريات الأثرية والتي ستتطلب وقتاً طويلاً لاستكمالها حيث تم البدء في برنامج الحفريات الأثرية بشكل واسع النطاق وطويل تحت إشراف مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية مثمنا فريق البعثة الإيطالية هذا التعاون والدعم المتواصل خلال سنوات العمل في السلطنة.وتكمن الأهمية التاريخية لسلّوت في ارتباطها المباشر مع بدايات التاريخ العماني الذي بدأ بوصول القبائل العربية إلى عُمان من مختلف مناطق الجزيرة العربية؛ ويرتبط الموقع بظهور نظام الأفلاج في شبة الجزيرة العُمانية حيث أدى العمل في موقع حصن سلّوت الأثري إلى ظهور معلم بارز في المنطقة والذي يمكن للسائح زيارته وفهم طبيعته.
وقالت أفنزيني أنه تم توسيع عمل البعثة الإيطالية في موقع حصن سلّوت الأثري تدريجياً على مدى عدة سنوات، ففي عام 2010م تم بدء عمليات الاستكشاف في موقع البرج الذي يعود للعصر البرونزي المبكر (ST1؛ تقريبا 2450-2100 / 2000 قبل الميلاد)، ويقع على بعد 300 متر إلى الشمال الغربي من الحصن. واستمرت الحفريات حتى أواخر عام 2015م من أجل تسليط الضوء على نظام إدارة المياه الكبير.وأضافت أنه تمت صياغة مشروع حماية الموقع من جريان مياه الأودية التي تحدث نتيجة هطول الأمطار الغزيرة من خلال تشييد سور الموقع.وأوضحت رئيسة البعثة الأثرية من جامعة بيزا الإيطالية العاملة بموقع حصن سلّوت بولاية بهلا أنه تم التنقيب في عدد من المدافن التي توجد في قمة جبل سلّوت، أي الهضبة التي تواجه حصن سلّوت الأثري في الشمال الشرقي ومن المرجّح أنها تعود للعصر الحديدي المتأخر (650-300 قبل الميلاد)، كما تم اكتشاف ضريح مباشرة فوق مجموعة من المدافن. وبعد انتهاء هذه المشاريع الأساسية، قالت أليساندرا أفنزيني إن البعثة قامت بإعادة عمليات التنقيب الأثرية في ديسمبر عام 2015م بالقرب من حصن سلّوت الأثري وبشكل رئيسي في المنحدرات المتبقية من هضبة سلّوت والمناطق المجاورة.