لميس ضيف
منذ أن بدأت الكتابة الصحفية قبل سنوات "لن أحدد عددها، لا درءا للحسد – حاشا- بل تحاشيا لأولئك الذين يسارعون لحساب عمرك في كل مناسبة" مذ تلك السنوات الغابرة أقول؛ ونحن نستغل – أنا وغيري- شهر رمضان المبارك لترديد ذات " الكليشه" :
-رمضان شهر عبادة لا مسلسلات. وهناك تعارض عضوي بين التهجد ومسلسلات غادة عبد الرازق ! المساجد والأرحام أولى بالساعات الممتدة المخصصة للتلفاز. ومع ذلك يتفجر الإنتاج التلفزيوني كل عام، وتزداد مادته رداءةً وانحداراً وتحديا للقيم. وتتسع شبكة المتابعين الذين ينتظرون مدفع الإفطار على وقع البرامج الكوميدية السمجة والمسلسلات التي – كلما زادت كآبة وانحرافا- كلما توسعت رقعة معجبيها.. !
-في كل موسم رمضان نوصي الناس بأن يرحموا معدتهم، ونذكرهم في الصحافة على لسان الأطباء والمختصين بفوائد الصوم وإراحة المعدة، ونذكرهم أن المعدة تحتاج لصيانة وأن تلك هي فرصتهم لإراحتها. ومع ذلك فقد دأب الناس على تعويض ساعات الصيام بساعات طعام . و تغرق مواقع الاتصال الاجتماعي - منذ رجب – بوصفات رمضانية متخمة بالسكريات والدهون استعدادا " للشهر الفضيل" .
-سنويا، منذ سنوات ممتدة لا نذكر عددها، يذكر الخطباء والواعظون الناس بحرمة الإسراف، وبوجوب عون الفقراء والإحساس بهم. ورغم أن هذا متحقق بشكل نسبي في دولنا ،ولله الحمد، إلا أنه مازال دون الواجب. فعمال البناء المجاورين لمنازلنا ، والمغتربون المتناثرون في كل أصقاع البلاد أجمالا. يستحقون لفتته عطف وكرم في شهر الخير هذا منا جميعا.
-الصوم عبادة لا تثريب، ولكن العمل عبادة أيضا. وفي كل عام، نكرر المكرر، ونذكر الناس بأن شهر رمضان ليس بإجازة غير رسمية ولا مبرر لتعطل كل المعاملات وشلّ الحياة على مدار شهر كامل بدعوى الصيام!
وتذكر المقالات بلا كلل كل عام؛ بحسن الخلق.. وضبط الأعصاب.. وعدم التهور في القيادة كي لا تتكرر مآسي..
هل أتت كل تلك العضات أُكلها ؟
لا أرى ذلك للأمانة؛ فالغالبية تزداد إسرافا، وتشجيعا للإنتاج التلفزيوني الهابط، وتصوم عن العمل الجاد وكأنه من المفطرات ! وعوضا عن أن يكون هذا الشهر فرصة لضبط إيقاع الصحة فأن الجسم يهلك فيه أكثر من سواه. لذا فقد قررت أن أوقف تلك " العضات الموسمية " وأقول للجمع الذي يلبس سترة مضادة للنصائح :
أفعلوا ما بدا لكم.. و " بكرة تندم يا جميل" ..