ناصر اليحمدي
منذ بزوغ شمس النهضة المباركة على يد قائدنا المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه وأبقاه نال قطاع الصناعة في بلادنا اهتماما ورعاية ودعما خاصا وذلك للدور الهام الذي يرسمه لكي تحتل الدولة مكانة عالمية رفيعة .. فمنذ قيام الثورة الصناعية التي شهدها العالم في القرن الثامن عشر والمخترعات والصناعات تتطور بشكل متسارع والتقدم التكنولوجي يسير كالبرق ويفتح المجال لتنوع الصناعات والمنتجات وأصبح مقياس تقدم الدول ما تمتلكه من صناعات وما تقدمه هذه الصناعات من خدمات للبشرية وكلما تطورت وتنوعت المنتجات احتلت الدولة مكانة مرموقة في السوق العالمي .. هذا إلى جانب ما لهذا القطاع الهام من تأثير إيجابي على الاقتصاد الوطني أو استيعابه للقوى العاملة الوطنية.
ولقد حرصت حكومتنا الرشيدة على دعم القطاع الصناعي فنراها سنت القوانين وقدمت التسهيلات التي تشجع المستثمرين على إقامة المشاريع الصناعية المختلفة سواء كانت كبيرة أو متوسطة أو صغيرة ويسرت الإجراءات وذللت كافة العقبات التي تواجه مسيرة الاستثمار بل قامت باستحداث جائزة خاصة تحفز أصحاب الصناعات والشركات والمؤسسات على التنافس الشريف لتقديم المنتج الأفضل وخصصت يوما للصناعة العمانية يتم فيه الاحتفاء بكل مؤسسة تحرص على تحسين جودة الصناعات العمانية.
واللقاء الذي جمع مؤخرا معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة وعددا من ممثلي المصانع بالسلطنة خير دليل على حرص الحكومة على تذليل العقبات التي تقف حجر عثرة في طريق الصناعات العمانية حيث تم خلال اللقاء مناقشة التحديات التي تواجه هؤلاء المصنعين لتسويق منتجاتهم في السوق المحلية والخارجية كما بحثوا السبل التي من شأنها أن تصل بالمنتجات العمانية إلى العالمية حيث يرى أصحاب المصانع أن المجمعات التجارية من الممكن أن تكون بوابتهم للولوج إلى الأسواق العالمية.
من يتتبع منتجاتنا العمانية يجد أنها في السنوات الأخيرة اكتسبت جودة وتميزا أهلها كي تنافس المنتجات الأخرى المشابهة لها بل يمكن القول إنها في بعض الأحيان تفوقت عليها فمن يقارن بين بعض منتجاتنا العمانية ومثيلاتها الصينية أو الكورية وغيرها سيلاحظ أنها تتفوق عليها ولكن كل ما ينقصها هو التسويق الجيد الذي يجعلها في متناول مواطني الدول الأخرى.
ينبغي ان يحرص أصحاب المصانع على تمكين منتجاتهم في السوق المحلي أولا وهذا ما تم مناقشته خلال لقائهم بمعالي وزير التجارة والصناعة حيث أكدوا على أهمية تعزيز العلاقة الإيجابية بين المصانع من جهة ومراكز بيع التجزئة كالسوبرماركت والهايبرماركت من جهة أخرى .. فالمواطن العماني والمقيم عليه أن يقدر قيمة المنتج العماني وأهمية الإقبال عليه وشرائه لدعم هذا المنتج وتمكينه في السوق فهو لن يصل للعالمية إلا إذا اكتسب مكانة طيبة في نفوس المواطنين وهو ما يحصل عليها بالفعل.
إن كل عماني يحلم أن يرى شعار "صنع في عمان" يطوف العالم ويغزو الأسواق الدولية ويظهر اسم السلطنة بارزا بجانب الدول الأخرى التي تعج منتجاتها أسواق العالم .. وقيادتنا الحكيمة لم تقصر في توفير المناخ الاستثماري المناسب لأصحاب الصناعة والتجارة كي ينتجوا بضائع ذات جودة عالية لكن تسويقها ليس بالشيء السهل كما يعتقد البعض رغم وجود وسائل التواصل المتعددة التي أتاحت تعرف الشعوب على ما تتمتع به الشعوب الأخرى من ثقافة وسياحة وصناعة وغيرها .. لذلك نقترح إقامة معارض متنقلة على غرار "أوبكس 2016" الذي أحتضنته أديس أبابا عاصمة أثيوبيا مؤخرا وأتى ثماره بتوقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية بين الشركات العمانية والأثيوبية وعلى غرار معارض التسامح الديني التي طافت العالم أجمع شرقا وغربا .. فمثل هذه المعارض إلى جانب أنها تروج لمنتجاتنا المحلية فإنها تساهم في تعريف الشعوب الأخرى بتراثنا وثقافتنا وتروج لمقوماتنا السياحية وتحافظ على اسم السلطنة حاضرا في المحافل الدولية.
إننا نمتلك ثروة تصنيعية كبيرة ومتنوعة ما بين الغذائية والأسمدة والعطور والأثاث والصناعات البلاستيكية والطبية والبتروكيماويات والجلديات والأثاث وغيرها من المنتجات المتميزة التي أثبت العمانيون من خلالها مهارتهم وقدرتهم على تحقيق الجودة التي لا تقل عن أي منتج عالمي .. لذلك نتمنى أن يأتي اليوم ونرى هذه المنتجات في كل منزل حول العالم حتى يظل اسم بلادنا عاليا شامخا.
* * *
مبارك على المؤسسة القضائية صرحها الجديد
منذ بواكير النهضة المباركة لم تأل قيادتنا الحكيمة جهدا من أجل تحقيق الاستقرار والأمان للبلاد وترسيخ مبادئ العدل بصفته فضيلة سامية تصبو إلى تحقيقها كل القوانين والنظم الإنسانية في كل زمان ومكان .. فأصبحنا نلمس شفافية وعدل قضائنا ونزاهته وأصبحت المنظومة القضائية بالسلطنة مثالا للتفاني والسعي لكل ما يحقق مصلحة الوطن والمواطن حتى أضحت وجها حضاريا مشرقا في مقدمة مكتسبات مسيرتنا المباركة وأحد أهم عناوينها الناهضة التي يفخر بها كل عماني .
ومن هنا فإن مبنى المحكمة العليا والمجلس الأعلى للقضاء الجديد الذي رعى افتتاحه سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة وبحضور فضيلة الشيخ الدكتور اسحاق بن أحمد البوسعيدي رئيس المحكمة العليا نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء لا يعد مجرد صرح قضائي شامخ جديد بقدر ما هو ترجمة حية للاهتمام السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة المفدى بالمنظومة القضائية وحرص جلالته أبقاه الله على تحقيق العدالة والحق وإضفاء المكانة اللائقة على المؤسسة القضائية العظيمة لاسيما أن المحكمة العليا تقع على قمة المنظومة القضائية وهذا الصرح يعد تكريما لها ويمنحها حقها اللائق بها.
لقد حرصت قيادتنا الرشيدة منذ انطلاق نهضتنا المباركة على إقرار فضيلة العدل في المجتمع العماني كما حرصت على أن يتمتع كافة أفراده بالمساواة ويحصل على حقوقه كاملة غير منقوصة . فنراها سنت القوانين والنظم التي تكفل ذلك واعتبرت أن الجميع أمام القانون سواسية كأسنان المشط .. والمتتبع لمؤسستنا القضائية يلاحظ أنها قد شهدت تطورا كبيرا واستطاعت أن ترتقي لتواكب متطلبات العصر وزيادة عدد السكان وحلت بجدارة المشاكل وتصدت للجرائم التي طرأت على المجتمع نتيجة الانفتاح على الثقافات الأخرى وتزايد عدد الوافدين واستطاعت إقرار العدل في البلاد وهو ما منح المواطنين الاستقرار النفسي والشعور بالاطمئنان على مستقبلهم ومستقبل أولادهم.
* * *
خدعة إسرائيلية جديدة
مازالت تنتهج الدولة العبرية سياسة اللف والدوران والمراوغة والتهرب من المسئولية ومن الدخول في أي مبادرة تتعلق بعملية السلام فمثلا تعيين اليميني المتشدد أفيغدور ليبرمان وزيرا للجيش الإسرائيلي يثبت أن الحكومة الصهيونية ماضية نحو مرحلة جديدة أكثر تطرفا وعنصرية وأن القضية الفلسطينية ستصبح أكثر تأزما وبعدا عن أية تسوية.
ومؤخرا أعرب بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي عن رغبته في إحياء عملية السلام والتفاوض على حل الدولتين بشرط تعديل المبادرة العربية للسلام عن طريق تقديم التطبيع العربي والإسلامي من جانب 57 دولة على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة أو حتى الحديث عن أي حل للصراع المزمن وهذه طريقة جديدة وقديمة في ذات الوقت للتهرب من التوصل لحل قاطع للقضية .. فتعديلاته مرفوضة لأنه يهدف من ورائها لتفريغ المبادرة من محتواها والتنصل من أي حق فلسطيني بالحصول على الأرض الفلسطينية دون مقابل.
السؤال الذي يفرض نفسه .. كيف يمكن استغلال تصريحات نتنياهو لتوجيهها فيما يعود على الفلسطينيين بالمصلحة ؟.
* * *
آخر كلام
النجاح الذي تستمع به اليوم .. هو نتيجة الثمن الذي دفعته في الماضي.