خميس البلوشي
تحظى السلطنة ولله الحمد بسمعة طيبة وتقدير واسع في جميع أرجاء هذه البسيطة مما جعل هذا الوطن العزيز مُرحّباً به في كل المنظمات الاقليمية والقارية والعالمية ..ولا يختلف الشأن الرياضي في هذا الامر وعلى وجه الخصوص اتحدث هنا عن كرة القدم العمانية وعلاقتها بالبيت الاسيوي الكبير فهي علاقة وثيقة ومتينة منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً ..وحتى تكون الصورة واضحة للجميع فإن دخول الكوادر العمانية في المناصب الرئيسية للاتحاد الاسيوي لكرة القدم بدأ في بداية التسعينيات من القرن الماضي حيث كان الشيخ سعود الرواحي رئيس الاتحاد العماني لكرة القدم(١٩٨٩-١٩٩٤) رجلاً مؤثراً ومعروفاً في الكرة الاسيوية وتبوأ منصب نائب رئيس الاتحاد الاسيوي ( منصب لم يتكرر لنا) حتى نهاية عمله بالاتحاد وفي هذه الفترة كذلك شغل الشيخ سعود عضوية المكتب التنفيذي ورئيسا للجنة القانونية ولجنة امن الملاعب وعضو اللجنة المالية ولجنة الطوارئ ..ولعب الشيخ سعود دورا كبيراً للكرة العمانية في المكتب التنفيذي للاتحاد الاسيوي بفضل علاقاته الكبيرة في القارة الصفراء والعالم ايضاً وكان شخصية جذابة وذات كاريزما خاصة وكان سبباً في وصول العديد من الشخصيات الخليجية الى هذا الاتحاد القاري وأسهم بخبرته وعلاقاته في استضافة بعض الدول الخليجية للبطولات الاسيوية ..وبعد رحيل الشيخ سعود عن اتحاد الكرة العماني توقف مشواره مع الاتحاد الاسيوي وغاب المقعد العماني حتى عام ١٩٩٧ حين اصبح الشيخ سيف بن هاشل المسكري رئيساً للاتحاد العماني لكرة القدم (١٩٩٧-٢٠٠٢) حيث ان هذه الشخصية جاءت من بيئة سياسية وثقافية ذات علاقات متنوعة ومترامية الاطراف على المستوى المحلي والاقليمي والقاري والدولي بحكم مهام عمله التي صنعت منه رجلاً ذكياً جداً صاحب قرار واضح ويعرف كيف تدار الامور بعيداً ان أية تشنجات او بهرجة اعلامية.. وساهم الشيخ سيف المسكري بقدراته المعروفة في مسيرة الاتحاد الاسيوي بعضويته في المكتب التنفيذي ..وبعد أربع سنوات (عام٢٠٠٦) عاد الشيخ سيف المسكري الى رئاسة الاتحاد العماني في فترة انتقالية وعمل بجهد كبير جداً من اجل عودة مقعد المكتب التنفيذي للسلطنة وتحقق له ما اراد لكنه بعد عام واحد ترك المنصب بعد الانتخابات التي شهدتها الكرة العمانية (٢٠٠٧) ليذهب ذلك المقعد للسيد خالد البوسعيدي رئيس الاتحاد وهنا بدأت حكاية اخرى ..بعد بداية جيدة أصبحت علاقة الكرة العمانية بالبيت الاسيوي تتأرجح وتتوتر وتتأزم شيئا فشيئا واستمر الوجود العماني حتى العام الماضي عندما خسر رئيس الاتحاد في انتخابات المكتب التنفيذي التي اقيمت في العاصمة البحرينية المنامة لنخسر معه وضعاً استراتيجياً مهما -داخل البيت الكبير -استمر ولو بشكل متقطع قرابة خمس وعشرين عاما وكانت هذه الخسارة فاصلة لعهد من الشفافية والثقة المتبادلة والمصالح المشتركة التي جمعت اتحاد الكرة العماني بالاتحاد الاسيوي واحسبني لست بحاجة الى ذكر حوادث الشد والجذب بين الطرفين في مناسبات كثيرة منها انتخابات الفيفا الأخيرة وقبل الاخيرة وقبلهما الانتخابات المفصلية الشهيرة اسيوياً بين محمد بن همام والشيخ سلمان ال خليفة وكيف ذهب الصوت العماني يومها ..الحقيقة الثابتة انه عندما خرج الشيخ سعود الرواحي والشيخ سيف المسكري من عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد الاسيوي كان ذلك الخروج بسبب نهاية عملهم في اتحاد الكرة المحلي وبعد توثيق علاقات شفافة ومتزنة وقوية مع جميع الاعضاء لكن الخروج الاخير في ٢٠١٥ كان بسبب اختلاف التوجهات والمصالح والانفراد بالرأي ومحاولة لعب دور البطولة والتعارك الخفي تارة والواضح تارة اخرى مع اطراف قوية اسيوياً تعلمونها جميعاً .. لم يكن ذلك المقعد المهم منسوباً للأشخاص بقدر ما كان معروفاً أنه لسلطنة عمان ..المشهد الاسيوي حالياً بالنسبة الينا عادي جداً وليس لنا قوة فيه فنحن خارج البيت الا من عضوية بعض اللجان ،واصلاح ماحدث بالامس ليس سهلا في وضعيتنا الحالية وربما ليس متقبلاً من الاطراف الاخرى ..مع كل اسف اصبحنا بعيدين عن المكتب التنفيذي ( الصندوق الأسود )للاتحاد الاسيوي وخارج اطار ما يحدث من أسرار وتفاهمات داخل هذا البيت الكبير ،وليس هناك أدنى شك في ان خسارة المقعد الاسيوي العام الماضي حلقة جديدة في سلسلة المفقودات التي تعاني منها الكرة العمانية من بعد الفوز بخليجي ١٩ وفي مقدمتها المنتخب الاول ومعه اشياء اخرى باتت اطلالا وذكريات لا اكثر ..لكنني شخصياً أرى بأن كل شيء ممكن ان يعود الى سابق عهده في حالة وجود رئيس جديد للكرة العمانية قد تفرزه الانتخابات القريبة لأن هذا التغيير المحلي سيتبعه تغيير قاري للأفضل والأيام القادمة ستحكي لنا بقية التفاصيل ..
خميس البلوشي