سياسة الاصلاح الاقتصادى فى الخليج

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٥/يونيو/٢٠١٦ ٠٠:١٦ ص
سياسة الاصلاح الاقتصادى فى الخليج

د حامدبن شظا المرجان

فى ظل ازمه النفط الحاليه وكثر الحديث حول التحديات الاقتصاديه والماليه التى تعانى منها الدول المنتجه للنفط دول مجلس التعاون، لا احد ينكر بان التحديات الاقتصاديه التى تواجه هذا الدول ليست بكبيره ومن السذاجة ايضا بان نصدق بان هذه الدول غير ذات تخطيط اقتصادي او نقول بان دول المجلس ليسوا بقادرين عن حل التحديات الماليه والاقتصاديه نحن نميل الى ان خصوصيه هذه الدول فى تعاملها مع قضاياها السياسيه والاقتصاديه فى كثير من الاحيان محل اعجاب المتخصصين وعدم رضا بعض المواطنيين، وهناك اسباب مختلفه لعدم رضا المواطنيين منها غياب الرؤيه الواضحه حول التخطيط الاقتصادى والسياسي. نحن نعرف بان العوامل الاجتماعية والسياسية تلعب دورا مهما فى التخطيط الاقتصادىي ومدى تاثير الخطط الاقتصادية على استقرار المجتمعات ونموها وان النظره الاقتصادية لاتكفى لوحدها لتحقيق الامن والاستقرار للشعوب، نعم يمكن للشعوب ان تنموا اقتصاديا لو طبق عليها تخطيط اقتصادي يتعارض مع احوالها ولكن على حساب امنها واستقرارها، ما سمى بالانفتاح الاقتصادى او نظام اقتصاد السوق الحديث فى بعض الدول وتطبيقها لنظريات الاقتصاد الجديد، كانت نتيجة ذلك انهيار الدوله وموسساتها،لأن تطبيق نظريه الاقتصاد الحديث لا يتماشا مع ظروفها السياسية والاجتماعية. ان نظام الاقتصاد الحديث الى اوصى بها بعض الاقتصاديين فى دول غرب اوروبا واصبحت احدى عناصر سياسة الاصلاح الاقتصادى التى يقترحها البنك الدولى على اساس ان التمادى فى استخدام الانماط الاقتصادية الاشتراكية تودى الى الركود، وتحويل بعض وحدات القطاع العام الى قطاع خاص يديرها بكفائه تودى لزيادة مستوى المعيشة وانعاش عنصر المنافسة وتودى فى النهاية لخفض التكاليف ورفع الانتاجية وتقديم خدمه متميزة فى الاسواق. بالرغم من مزايا نظام الاقتصاد الحديث التى ذكرتها ولكنه حظى باهتمام ومعارضة فى نفس الوقت ان حركة التحول الى القطاع الخاص اتت ببعض ثمارها فى بعض الدول المتقدمة مثل اليابان والولايات المتحده الامريكية وبريطانيا لعدة اعتبارات من بينها وجود المناخ الاقتصادى المتكامل اما فى معظم دول العالم فكان غياب المصداقية وعدم وجود البيئة الاقتصادية الصحيحة وراء تعثر تطبيق انظمه اقتصاديه مثل نظام الضرائب والاسثمار او الخصخصه. تستطيع الدول بان تستفيد من النظام الاقتصادى الحديث مثل الضرائب والاستثماروالخصصة لو انها غيرة فى بعض عناصر قوانينها وما يتناسب مع ظروفها الاجتماعية والسياسية من خلال بناء برنامج متكامل مدروس مثلا للخصخصة وجدول زمنى محدد للتنفيذ ومتابعة هذا التنفيذ واليات للاصلاح المالى الاقتصادى تحرير اسواق المال والقضاء على البيروقراطيه والاحتكارات وهذه مشكله ليست بالسهوله منها فى كثير دولنا منها ماله علاقه مباشره بثقافه كثير من الشعوب السياسيه انظر الهند مثلا والتى تعتبر من الاقتصاديات الكبيره ولكنها تعانى من فساد مالى بسبب الثقافه الهنديه، هناك شعوب تميل لثقافه الفساد لانها فى تراثها لا يعتبر ذلك فساد وانما جزء من ثقافتها. بالاضافه الى ضرورة توفير الاداره الفاعلة وطبقة المديرين من ذوى الخبرة والقدره على المنافسة وليس المديرين بالمحسوبيه.

اما من بان الاقتصاديين يغيروا ارائهم من وقت لاخر ولكن استغرب من اصرار الاقتصاديين، كلما قدموا لنا اجابة جديده، على الزعم بانهم يقدمون لنا اجابه صالحة لكل زمان ومكان، مايصلح فى هذا المكان قد لا يصلح فى مكان اخر، واذا الخصخصه نجحت فى بريطانيا فهل تنجح فى دول مجلس التعاون مثلا. اذن لماذا يفرض البنك الدولى على بعض الدول تطبيق سياسه الاصلاح الاقتصادى، يجب على الاقتصاديين الغربيين وغيرهم ان يحاولوا ويدرسوا خصائص المجتمعات البشرية وعليهم مثل ماقال كينز ، ان ينظروا الى انفسهم على انهم يحتلون مركزا مماثلا من خلال تحديد النظرية الاقتصادية التى تنفع تنمية مجتمع ما عن غيره.

اذا كان صحيحا فيما يتعلق بعلم الاقتصاد فى الجزء المتعلق بموضوع التنمية الاقتصادية والتخلف الاقتصادى، داب الاقتصاديون على تغيير اسئلتهم واجاباتهم، ليس دائما بدافع الوصول الى الحقيقة بل كان السبب الاقوى لهذا التغيير المستمر فى نظريات النمو والتخلف هو تغيير المصالح السائدة وانتقال مصدر القوة الاقتصادية واتخاذ القرارات الحيوية من فئات او موسسات اجتماعية الى فئات او موسسات اخرى.
هذا فعلا ما يحصل حاليا فى العالم. نرجع الى أن الاقتصاديين يغيروا رأيهم باستمرار فى القضايا الاقتصادية، سواء فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية الواجبة الاتباع، او حتى فيما يتعلق بالنظرية الاقتصادية نفسها. نحن مرة ننادى بتدخل الدولة فى الاقتصاد ومرة نطالبها بعدم التدخل. فى بعض الاحيان نفضل توازن الموازنه العامه للدولة ومرة نفضل عدم توازنها. لا عجب أن قال الاقتصادى الانجليزى المعروف جون مينارد كينزJ.M.Keynes انك اذا طلبت من ستة اقتصاديين ان يخبروك برأيهم فى قضية ما، حصلت منهم على سبعة اراء. ان هذا التعدد فى الاراء، والتغيير المستمر من جانب الاقتصاديين لما يقدمونه من اجابات، يستحقان بلا شك التاكد من تطبيق النظام الاقتصادى المناسب الذى يتماشى وظروف المجتمع الاقتصادى والسياسي وعدم التسرع فى اتخاذ القرارات الاقتصاديه العشوائيه .

لذا يغير الاقتصاديين أرائهم كلما تغيرت ظروف المجتمع واحواله ثارت فى الذهن أسئلة جديدة لم يكن يهم الناس الاجابة عنها قبل ذلك. بل وكلما تغيرت ظروف المجتمع واحواله، لا بد ان تتغير معها، ليس فقط ألاسئله التى تشغل الاذهان، بل والاجابات ايضا. وقد يقول قائل ان من الطبيعى تماما ان الاجابة التى يقدمها الاقتصادى وتكون صحيحه فى عصر ما, قد لا تصح فى عصر اخر، بعكس الحال فى علم الطبيعة, اذ أن الخصائص المادية للظواهر الطبيعية لا تتغير من وقت لاخر او بين بلد واخر، او على الاقل لاتتغير بقدر ماتتغير به الظواهر الاقتصادية. فى النهايه يجب علينا اتخاذ القرارات الاقتصاديه التى تناسب بيئتنا الاجتماعيه وطموحنا السياسى والاقتصادى.

باحث ومستشار تنموى