كيف ينظر الشباب إلى قضايا الزواج في المجتمع العماني؟

مزاج السبت ٠٤/يونيو/٢٠١٦ ٠٠:١٩ ص
كيف ينظر الشباب إلى قضايا الزواج في المجتمع العماني؟

مسقط- ش
قامت مجموعة من الطالبات عزّاء بنت سعيد العبرية، شروق بنت نصر البوسعيدية، جواهر بنت جمعة الشعيبية، سامة بنت غابش السعدية، من قسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية من جامعة السلطان قابوس بإعداد دراسة بعنوان رؤية الشباب نحو قضايا الزواج في المجتمع العماني وذلك تحت إشراف الدكتور: حمود بن خميس النوفلي
وهدفت الدراسة إلى التعرف على رؤية الشباب المقبلين على الزواج نحو قضايا الزواج في المجتمع العماني, وذلك من خلال دراسة الأهداف الفرعية التالية:

  1. التعرف على رؤية الشباب المستقبلية تجاه قضايا الزواج.
  2. التعرف على مدى تأثير عادات وتقاليد الزواج في الوقت الحالي.
  3. التعرف على رؤية الشباب تجاه التغيرات التي طرأت على الزواج في الوقت الحالي.
  4. التعرف على الصعوبات التي تعيق الشباب عن الزواج.
  5. التعرف على أسس اختيار الشباب لشريك الحياة.
  6. التعرف على المقترحات التي يرى الشباب أهمية الأخذ بها لتنظيم الزواج في سلطنة عمان.

وتنتمي هذه الدراسة إلى الدراسات الوصفية, ولإجراء الدراسة استخدمنا منهج المسح الاجتماعي بالعينة لمجموعة من شباب السلطنة ذكورا وإناثا غير المتزوجين, وذلك باعتبارها من أنسب المناهج في الدراسات الوصفية لدراسة أكبر عدد من مجتمع الدراسة, وقد بلغت عينة الدراسة (1817) شاب عماني من الذكور والإناث، كما أن أداة الدراسة عبارة عن استبيان الكتروني تم نشره عبر مختلف وسائل وبرامج التواصل الاجتماعي للوصول إلى العينة أو الفئة المطلوبة للدراسة، وبعد استكمال تطبيق استمارات الدراسة وجمع البيانات, استخدمت الباحثات التحليل لبعض المعاملات الإحصائية باستخدام برنامج (spss) مثل مقاييس النزعة المركزية ومعاملT-TEST, ONE WAY ANOVA وغيرها من المعاملات الإحصائية.
ويهدف هذا البعد إلى التعرف على رؤية الشباب العماني المقبل على الزواج نحو بعض القضايا المعاصرة المتعلقة بالزواج.
فبالنسبة لقضية الفحص الطبي قبل الزواج فقد أشارت النتائج إلى أن 87% من العينة لا يقبلون الزواج بشخص مصاب بأمراض الدم الوراثية، وقد يعود السبب في ذلك إلى الخشية من إنجاب أبناء مصابين بأمراض الدم الوراثية وما يترتب عليه لاحقا من مشكلات عديدة لهم ولأبنائهم، كما تشير النتائج إلى أن 94% من العينة يوافقون على إجراء الفحص الطبي لأمراض الدم الوراثية قبل الزواج, وهذا يدل على وعي الشباب المقبل على الزواج بأهمية الفحص الطبي قبل الزواج, ومدى استعدادهم وقبولهم بإجراء هذا الفحص قبل الارتباط بشريك الحياة.
وأشارت النتائج إلى أن 81% من العينة يرغبون بالزواج قبل سن 30 سنة, وهذا مؤشر جيد يدل على رفض الشباب لتأخر سن الزواج والعنوسة.
كما تشير نتائج الدراسة إلى أن 51% من الذكور يقبلون الزواج بإمرة موظفة, إلا أن 76% من نسبة الذكور لا يقبلون الزواج بإمرة موظفة في عمل به اختلاط مع الجنس الآخر, أي أنهم لا يمانعون عمل المرأة ولكن بشرط أن لا يكون به اختلاط, وقد يرجع ذلك إلى ثقافة المجتمع وقيمه وتأثير مبادئ الدين الإسلامي.
و تبين لنا من نتائج الدراسة أن هناك تقارب في نسبة الشباب الموافقين على السفر إلى الخارج في شهر العسل من نسبة الرافضين حيث بلغت نسبة الموافقين (45%) من إجمالي العينة، وهذا يرجع إلى أن هناك متابعة وانجرار للسياق المجتمعي وما به من تغيرات، حتى لو كانت هذه التغيرات على حساب الجوانب المادية أو الدينية أو غيرها، وهذا يدل على درجة الانسياق وراء التغير حتى في ظل انخفاض الإمكانات التي يسمح بهذا الانسياق.
و من نتائج الدراسة اتضح لنا 73% من العينة لا يفضلون أن يكون شريك الحياة من الأقارب، وقد يعود السبب في ذلك هو خشية الإصابة بأمراض الدم الوراثية نتيجة زواج الأقارب وتأثيراته على أبنائهم مستقبلا, وتجنب تدخل الأقارب في المشكلات الأسرية, أو يدل على بدء تحرر الشباب من سيطرة العادات والتقاليد. كما أن 87% من العينة لا يشترطون أن يكون شريك الحياة من القبيلة نفسها، ويرجع ذلك إلى نبذ التعصب والقبلية مما أدى إلى توسع شبكة العلاقات الاجتماعية بين الشباب بترك النظر للعرق أو الطائفة أو القبيلة التي ينتمي إليها الأفراد , مما سهل التعرف على الأفراد من مختلف المناطق والمحافظات, فتنوعت الزيجات وتداخلت بين القبائل.
أما بالنسبة لمسألة السكن مع الأهل في بداية الحياة الزوجية تبين أن نصف العينة ( 50%) يفضلون السكن مع الأهل في بداية حياتهم الزوجية، ونلاحظ أن الذكور أكثر تأييداً من الإناث بنسبة ( 69% ), وربما يعود السبب في ذلك إلى ضعف القدرة المالية للذكور التي تعوقهم عن السكن في منزل مستقل, كما أن الإناث أكثر حرصا على الاستقلالية منذ بداية الحياة الزوجية.
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن 70% من العينة لا يقبلون بفكرة تعدد الزوجات، وتبين لنا أن الإناث أكثر معارضة من الذكور بنسبة (83% ) اللاتي يرفضن فكرة تعدد الزوجات، كما أظهرت نتائج الدراسة أن ( 87% ) من الإناث لا يقبلن الزواج بشخص متزوج، وهذا ما يؤكد رفضهن لتعدد الزوجات.
ويتبين لنا من خلال هذه الدراسة أن هناك مجموعة من الأسس التي يبني عليها الشاب أو الشابة في اختيار شريك الحياة، هذه الأسس تختلف من شخص إلى آخر، بل وتتباين بين الذكور والإناث، لكنها تتجه بشكل عام في الأغلب باتجاه واحد، فعلى سبيل المثال: أغلب العينة اشترطت أن يكون شريك الحياة على قدر جيد من الجمال، وكان مجموع المؤيدين بنسبة (75%) وهذا يدل على أن وجود قدر من الجمال شرط أساسي في اختيار شريك الحياة، هذا ونجد أن شرط التدين في شريك الحياه أمر ضروري سواء للذكور أو الاناث، وهذا ما يؤكده مجموع المؤيدين بنسبة (81%) في المقابل تشير النتائج أن (58%) من الشباب لا يهمهم أن يكون شريك الحياة ذو دخل مرتفع، وقد يرجع ذلك إلى التغيرات والظروف الاقتصادية الحالية، فالوضع الاقتصادي منخفض بشكل عام، كما يدل أيضا على أن الجانب المادي لم يعد مهما، بل أصبح المهم أن يجد الشخص من يرغب فيه ويحبه ويكمل نصفه. كما قد تكون هي الأسباب نفسها التي تجعل الشباب لا يشترطون أن يكون شريك الحياة حاصل على تعليم جامعي، حيث بلغت نسبتهم (58%) من العينة.
كما نجد أن الشباب يرفض الزواج بشخص متحرر في شكله وملبسه بنسبة (64%)، وربما يعود السبب في ذلك إلى ربط الشباب فكرة التحرر في الشكل والملبس بالتحرر من الدين وضعف المستوى الأخلاقي.
وتوضح نتائج الدراسة أن الإناث يقبلن الزواج بمن هو أكبر منهن سنا، وذلك بنسبة (92%) ولا يشترطن أن يكون شريك الحياة بالمستوى العمري نفسه بنسبة (71%) من إجمالي عينة الإناث، ولا يشترطن أن يكون من عائلة ذات نسب عالي بنسبة (57%)، أما بالنسبة للذكور فهم بطبيعة الحال ترتفع نسبة الرافضين للزواج بمن هي أكبر منهم سنا ، ويشترطون أن تكون شريكة الحياة من المستوى العمري نفسه، ولا يشترطون أن تكون من عائلة ذات نسب عالي، وذلك بنسبة (61%).
على صعيد آخر في حياتنا الكثير من الأمور التي اعتدنا على وجودها بشكلٍ أو بآخر، رغم أنّ هذا الوجود كان غير مبرر في كثير من الأحوال. إن هذه الأمور في الحقيقة هي العادات والتقاليد، والتي قمنا في هذه الدراسة بالتحقق إن كان تأثيرها قائما في الزواج أو لا، ومن خلال النتائج يتبين لنا أن بعض العادات والتقاليد لا زالت قائمة، مثال لا يرفض الشباب تدخل العائلة في اختيار شريك الحياة بمجموع عام بلغت نسبته (57%) ، في المقابل هناك تغييرات قد طرأت في فكر الشباب تجاه بعض العادات والتقاليد، فهم مثلا يرفضون أن يكون عقد القران (الملكة) وحفلة الزواج في نفس اليوم بنسبة (66%)، ويرفضون الرأي القائل أن البنت لا يحق لها اختيار شريك حياتها إلا إذا وافق عليه الأهل وذلك بنسبة (58.5%)
ويتضايق الذكور على وجه التحديد من دخول المعرس على التجمع النسائي في حفلة الزواج وذلك بنسبة (67%) وقد يكون ذلك بسبب الوعي الديني في الوقت الحالي.
وعلى الرغم من التغيرات المتسارعة في الحياة الاجتماعية، فإن المجتمع العماني لا زال محافظاً على بعض من عاداته في الزواج، حيث نلاحظ أن عادة لبس الدبلة بالنسبة للرجل لا زالت مرفوضة من قبل المجتمع رجالا ونساءا، حيث بلغت نسبة المجموع الكلي للمعارضين (69%) من اجمالي العينة، إلا أن الحال بالنسبة للبس الفتاة للدبلة عكس ذلك, حيث بلغت نسبة الموافقة على لبس الفتاة للدبلة 51%.
و أشارت نتائج الدراسة أن ( 78%) من العينة لا يقبلون الزواج من شخص تعرفوا عليه عبر شبكة الإنترنت.
كما تشير نتائج الدراسة إلى ن ( 83% ) من العينة لا يفضلون الموسيقى الصاخبة ومكبرات الصوت العالية في حفلة الزواج، لأنهم يرون بأنه من الكماليات التي لا داعي لها، ولكن تلك النتائج تختلف عما هو موجود في الواقع، حيث نرى أن حفلات الزواج لا تستغني عن وجود هذه الموسيقى، كما أشارت نتائج الدراسة أن ( 69% ) من العينة لا يشترطون أن تكون حفلة زواجهم في قاعات الأعراس.
ويتضح لنا من نتائج الدراسة أنه أكثر الصعوبات التي تعوق الشباب تمثلت في: ارتفاع تكاليف الزواج ، حيث تبين أن ارتفاع التكاليف للزواج يشكل عبئا لدى الشباب وبالتالي صعوبة زواجهم، بلغت نسبة الموافقة حوالي %61, وكذلك بالنسبة إلى غلاء المهور من الصعوبات التي تشكل عائقا أمام الشباب عن الزواج حيث بلغت نسبة الأشخاص الذين اجابوا بنعم حوالي 66.5% و اغلبهم من الذكور.
كما بينت النتائج أن الخوف من ثقل مسئولية الزواج لا يشكل عائق يمنع الشباب من الزواج حيث بلغت نسبة الأشخاص الذين لا يرون أن ثقل المسئولية يشكل عائقا أمام زواجهم حوالي 65% وهذا قد يدل على مدى معرفة والمام الشاب العماني بالأمور المتعلقة بالزواج المتمثلة في المسؤوليات والواجبات وغيرها. وكذلك بالنسبة إلى الخشية من الفشل في الزواج حيث بلغت نسبة الأشخاص الذي لا يخافون من الفشل من الزواج ولا يرون أنه عائق يمنعهم من الزواج حوالي 66.5% والاشخاص الذين يرون أنه عائق أمام زواجهم حوالي 33.5%.
وتبين نتائج الدراسة أن من أهم و أكثر المقترحات التي يحتاجها الشباب لتنظيم الزواج هو "تأسيس جمعية مالية للمقبلين على الزواج” حيث بلغ مجموع المؤيدين لذلك98% وقد يعود احتياج الشباب إلى تأسيس الجمعيات المالية إلى عدة أسباب: منها العادات والتقاليد التي تشكل في الوقت الحالي عبئاً اضافياً على كاهل الشباب من خلال تكاليف الحفلات العالية. بحيث قد تساهم هذه الجمعيات المالية في وضع حلول تخفف من تكاليف الزواج من مهور، وتأثيث المنزل، وحفلات الأعراس وغيرها.
أما الاقتراح الذي احتل المرتبة الثانية من خلال النتائج تمثل في " تأسيس صندوق لدعم الشباب المقبل على الزواج” حيث بلغ مجموع الأشخاص الذين أجابوا بنعم 97%،وتعتبر الصناديق الداعمة للشباب ضرورة اجتماعية في الوقت الحالي فهي تحقق نوع من التكافل والتعاون الاجتماعي لما تحققه من تيسير ومواجهة تكاليف وأعباء الزواج، وتذليل العقبات المادية التي تقف في طريق زواجهم.
وجاء في المرتبة الثالثة في الأهمية " تدخل الجهات المعنية في الحد من الإسراف في حفلات الزواج” حيث بلغ مجموع الذين شجعوا هذا الاقتراح 88% ويعود تشجيع هؤلاء الشباب لتدخل الجهات المعنية بسبب كثرة البذخ و الإسراف.
أما الاقتراح الأقل أهمية بالأخذ به لتنظيم الزواج بالنسبة للشباب فقد تمثل في " تفضيل العرس الجماعي عن العرس الفردي" فقد تساوت نسبة الأشخاص الذين يفضلون العرس الجماعي عن العرس الفردي بنسبة 50%، وربما يعود ذلك إلى أن الأشخاص الذين يفضلون العرس الجماعي يهدفون من ذلك إلى تقليل تكاليف العرس، بينما الذين يفضلون العرس الفردي ربما يرون بأنه أكثر خصوصية واستقلالية.بعد ةقد خرجت الدراسة بمجموعة من التوصيات، وهي كالآتي:

  1. إعداد وتدريب اختصاصيين اجتماعيين مؤهلين لممارسة دوره في المجال الأسري، وذلك عن طريق إتاحة الفرصة لهم للتخصص في هذا المجال.
  2. ضرورة وجود دورات تدريبية وتأهيلية عن الزواج والحياة الأسرية للمقبلين على الزواج من الشباب والشابات، بحيث تكون هذه الدورات إلزامية فلا يتم عقد الزواج إلا بحصول الشاب على رخصة معتمدة تؤكد حصوله على هذه الدورات.
  3. تضمين المناهج والمقررات الدراسية بمعارف ومعلومات عن الزواج كالمفاهيم والأفكار وفقا للمرحلة العمرية التي يمر بها الطالب في الدراسة.
  4. وضع مقررات إلزامية للطلبة الجامعيين تتضمن المعارف المرتبطة بالزواج وأسس اختيار شريك الحياة، وكذلك المعارف المرتبطة بالحياة الأسرية وتربية الأبناء وحل الخلافات.
  5. قيام الجهه الحكومية المختصه بإنشاء صندوق للزواج في كل ولاية، يرفد الشباب المقبل على الزواج بحيث يعطيهم قروض ميسرة لإتمام الزواج وتحمل تكاليفه، وفقا لشروط معينة تحددها هذه الجهة بحيث تضمن مصداقية مقدم الطلب.
  6. قيام الجهة الحكومية المختصة بفتح مكاتب للإرشاد الزواجي في محافظات السلطنة، بحيث تفعّل دور الاختصاصي الاجتماعي في نشر الوعي والمعرفة، والقيام بدوره كمعالج أسري.
  7. تدخل الجهات المعنية في ضبط بعض السلوكيات السلبية المتعلقة بمظاهر الزواج الحديثة: المغالاة في أسعار قاعات الأعراس، والمغالاة في ولائم الأعراس، وأيضا الضجة التي تحدثها حفلات الزواج سواء أثناء الزفات في الشارع، والضوضاء التي تحدثها مكبرات الصوت العالية.
  8. ضرورة إلزام الشباب المقبل على الزواج بإجراء الفحص الطبي قبل الزواج, بحيث يصبح شرطا من شروط إتمام عقد الزواج, وذلك تجنبا لأمراض الدم الوراثية التي يدفع ثمنها الأبناء ويقع ذلك على كاهل الدولة في تحمل تكاليف العلاج.