"أردوجان" يواجه "كولن" إفريقيا

الحدث الخميس ٠٢/يونيو/٢٠١٦ ٠٠:٥٦ ص
"أردوجان" يواجه "كولن" إفريقيا

أنقرة – ش – وكالات

عندما يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوجان أوغندا وكينيا هذا الأسبوع فلن يسعى فقط لزيادة حجم التبادل التجاري بل القضاء على نفوذ داعية إسلامي ظلت شبكته منذ فترة طويلة أداة لقوة تركيا الناعمة في أفريقيا.
وقررت أنقرة رسميا هذا الأسبوع اعتبار منظمة خدمة التابعة للداعية فتح الله كولن - التي تقول إن لها أتباعا بالملايين في مختلف أنحاء العالم - منظمة إرهابية لتزيد بذلك الضغوط على الحركة التي تطلع أردوجان في وقت من الأوقات إليها للحصول على مساعدتها في نشر النفوذ الثقافي التركي والتجارة في الخارج.
والآن يتهم أردوجان حليفه السابق ببناء "دولة موازية" من خلال أنصاره في الشرطة والقضاء والإعلام والأعمال واستخدامها في محاولة الإطاحة به. وينفي كولن هذه الاتهامات.
وجعل الرئيس التركي من القضاء على حركة خدمة أولوية قصوى له في الداخل والخارج. وقال مسؤول تركي رفيع قبل سفر أردوجان إلى أوغندا يوم الثلاثاء "هذه الشبكة تنظم نفسها بسرعة في الدول التي تذهب إليها باستغلال اسم تركيا وهيبتها ونتيجة لذلك تتاح لها فرص."
وقال المسؤول "من خلال هذه الرحلات سيتم توضيح أن هذه منظمة إرهابية ضارة بتركيا وأن تركيا لا تؤيدها." ويصف أردوجان نفسه الحركة منذ مدة طويلة بأنها منظمة إرهابية لكن الوصف الرسمي الذي صدر في قرار لمجلس الوزراء يضعها على قدم المساواة مع المقاتلين الأكراد الذين يحاربون الجيش التركي ومقاتلي تنظيم داعش العاملين في البلاد.
ومنذ عشرات السنين دعمت حركة خدمة المساعي التركية لتعميق العلاقات التجارية خاصة في الانفتاح على افريقيا والشرق الأوسط وآسيا بعد أن تولى حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الاسلامية الذي أسسه أردوجان السلطة عام 2002.
وظلت مدارس الحركة التي يقترب عددها من المئة في دول أفريقيا جنوب الصحراء وحدها مصدرا للنفوذ والإيرادات للحركة ومهد السبيل لاكتساب المصالح التجارية التركية موطئ قدم في أسواق جديدة. وتعلم أبناء وبنات النخب السياسية في مدارس الحركة.
غير أن الخلافات بين أردوجان وكولن بدأت تظهر حول قضايا من بينها عملية السلام مع المقاتلين الأكراد وبلغت ذروتها في ديسمبر عام 2013 عندما فتحت الشرطة والادعاء تحقيقا في قضايا فساد في الدائرة المصغرة من المحيطين بأردوجان.
ومنذ ذلك الحين سيطرت السلطات على شركات إعلامية موالية لكولن وعلى بنك وعملت على تطهير الشرطة والقضاء ممن يفترض أنهم أنصاره. كما نقلت السلطات معركتها إلى الخارج فمارست ضغوطا على حكومات لإغلاق مدارس حركة خدمة وطلبت تسلم كولن من الولايات المتحدة التي يعيش فيها في منفى اختياري.
وقال مصدر في مكتب أردوجان "نحن نعتبر شبكة كولن تهديدا للأمن الوطني ومسألة نفوذها يتم التطرق إليها بانتظام في مباحثاتنا مع القادة الأفارقة وغيرهم. ومن المفترض أن الرئيس سينقل تلك الرسالة إلى نظرائه في الأيام المقبلة."

ولهذا الصراع على النفوذ تداعيات لها أهميتها في التجارة وفي العلاقات السياسية. فقد تزايدت الصادرات التركية لأفريقيا لأكثر من سبعة أمثالها منذ تولى حزب العدالة والتنمية السلطة فارتفعت إلى 12.5 بليون دولار العام الماضي من 1.7 مليار في 2002.
ومن أبرز القطاعات الرئيسية في هذه الصادرات المنسوجات والمواد الغذائية والبناء وخدمات البنية التحتية. ومن العوامل التي زادت من أهمية التجارة مع أفريقيا عدم الاستقرار في الشرق الأوسط والضعف الاقتصادي في أوروبا. غير أن أنقرة تواجه منافسين جددا مثل الصين والهند والبرازيل في سعيها لاقتطاع مجال نفوذ لها في القارة السمراء التي هيمنت عليها القوى الاستعمارية السابقة.
وقال فؤاد فرحاوي من مؤسسة يوساك للأبحاث في أنقرة "القارة الأفريقية فرصة كبيرة لتركيا لأن مشاكل كثيرة في الشرق الأوسط ... تؤثر على المشروعات الاقتصادية لتركيا."
وقال إكرام توفان أيتاف نائب رئيس جمعية الصحفيين والكتاب - التي تربطها صلات بكولن وسبق أن تحدثت باسم حركة خدمة في الماضي - إن المساعي السابقة لإغلاق مؤسسات الحركة كان لها رد فعل عكسي في أفريقيا ولم تلق نجاحا يذكر. وأضاف "مسؤولو الحكومات الأفريقية يرسلون أولادهم إلى تلك المدارس ... وهم من الذكاء بحيث يسمحون بالتالي لهذه المدارس بالاستمرار."
*-*

كولن.. خصم أردوجان القوي في سطور
مفكر وداعية تركي، يعدُ خصماً قويا للرئيس التركي طيب رجب أردوجان. ولد محمد فتح الله كولن أو فتح الله جولان في 27 أبريل 1941 في قرية صغيرة تابعة لقضاء حسن قلعة المرتبطة بمحافظة أرضروم، وهي قرية كوروجك ونشأ في عائلة متدينة.
كان والده (رامز أفندي) شخصًا ‏مشهودًا لـه بالعلم والأدب والدين، وكانت والدته (رفيعة خانم) امرأة معروفة بتدينها وبإيمانها العميق بالله، ‏وقامت بتعليم القرآن لابنها محمد ولما يتجاوز بعد الرابعة من عمره، حيث ختم القرآن في شهر واحد. وكانت ‏أمه توقظ ابنها وسط الليل وتعلمه القرآن.
كان بيت والده مضيفًا لجميع العلماء والمتصوفين المعروفين في تلك المنطقة لذا تعود محمد فتح الله مجالسة ‏الكبار والاستماع إلى أحاديثهم. وقام والده بتعليمه اللغة العربية والفارسية.
درس في المدرسة الدينية في طفولته وصباه، وكان يتردد إلى (التكية) أيضًا، أي تلقى تربية روحية إلى ‏جانب العلوم الدينية التي بدأ يتلقاها أيضًا من علماء معروفين من أبرزهم عثمان بكتاش الذي كان من أبرز ‏فقهاء عهده، حيث درس عليه النحو والبلاغة والفقه وأصول الفقه والعقائد.
ولم يهمل دراسة العلوم الوضعية ‏والفلسفة أيضاً. في أثناء أعوام دراسته تعرف برسائل النور وتأثر بها كثيراً، فقد كانت حركة تجديدية وإحيائية ‏شاملة بدأها وقادها العلامة بديع الزمان سعيد النورسي مؤلف (رسائل النور).‏
وبتقدمه في العمر ازدادت مطالعاته وتنوعت ثقافته وتوسعت فاطلع على الثقافة الغربية وأفكارها وفلسفاتها ‏وعلى الفلسفة الشرقية أيضاً وتابع قراءة العلوم الوضعية كالفيزياء والكيمياء وعلم الفلك وعلم الأحياء...إلخ.
بدأ عمله الدعوي في أزمير في جامع (كستانه بازاري) في مدرسة تحفيظ القرآن التابعة للجامع. ثم عمل واعظاً متجولاً، فطاف في جميع أنحاء غربي الأناضول.
على عكس نجم الدين أربكان الذي يعد أب الإسلام السياسي في تركيا، فإن فتح الله كولن يطلق عليه أب الإسلام الاجتماعي. فهو مؤسس وزعيم "حركة كولن"، وهى حركة دينية تمتلك مئات المدارس في تركيا، ومئات المدارس خارج تركيا، بدءا من جمهوريات آسيا الوسطى، وروسيا وحتى المغرب وكينيا وأوغندا، مرورا بالبلقان والقوقاز.
بعد متاعب كولن مع السلطات التركية بدأت في 18 يونيوعام 1999 , غادر إلى الولايات المتحدة وعندما تحدث في التلفزيون التركي، وقال كلاما اعتبره البعض انتقادا ضمنيا لمؤسسات الدولة التركية.