القطاع الخاص.. ومواجهة الأزمة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٣١/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٤٦ ص
القطاع الخاص.. ومواجهة الأزمة

محمد محمود عثمان

ضغوط الأزمة الاقتصادية تفرض نمطا جديدا من السلوك على فئات المجتمع مما يؤثر على مخرجات القرارات التي قد تتسم بنوع من التسرع أو العشوائية ، لمواجهة الموقف خاصة إذا ظل تدهور أسعارالنفط مستمرا لفترات أطول ، وبذلك تفرض أزمة أسعار النفط نمطا من التفكيرعلى المسؤولين في معظم الدول النفطية أو المستهلكة على حد السواء ، واتسم هذا النمط من التفكير بالقلق حينا والخوف من المستقبل المجهول أحيانا واتباع سياسات تقشفية حادة قد تأتي بنتائج عكسية ، إذا لم تحقق الهدف منها وهو توفيرقدر من السيولة اللازمة لعمليات التمويل العاجلة ، ومن هنا تأتي بعض الأصوات مطالبة القطاع الخاص بأن يتحمل مسؤوليته في رد الجميل للمجتمع وللدولة التي ساندته كثيرا في أوقات الرواج التي صاحبت موجة ارتفاعات أسعار النفط في السنوات الماضية ، حتى لاتتعثر أو تتوقف الاستثمارات أو المشاريع القائمة التي يؤدي تأخرها إلى تعطيل عجلة التنمية ،ومع ذلك لا يمكن أن نلقي بكل المسؤولية على القطاع الخاص ، ولا أن تضع الحكومات نفسها في مواجهة معه ليتصدر المشهد بمفرده على صعوبته ، بدون أدنى تخطيط مسبق يحدد الاحتياجات والقدرات والإمكانيات طبقا للأولويات التي يفرضها الموقف الراهن ، باعتبار أن الحكومة والقطاع الخاص هما جناحا التنمية الحقيقة ، ولا يمكن أن تتقدم الأمم والمجتمعات بدونهما أو بأحدهما دون الآخر، فمهمة الحكومة الأساسية تأهيل البنية الأساسية الاقتصادية التي يستحيل بدونها ممارسة الأنشطة الاقتصادية، مثل الطرق والمواني والمطارات والكهرباء ، وإن كان القطاع الخاص القوي يمكنه المشاركة في بعض هذه الأنشطة بعد أن يتأكد من الجدوى الاقتصادية لها باعتبار أن القطاع الخاص الناشئ غير قادر على المخاطرة ،أو أنه لا يتحملها مع بداياته ، ، ومن هنا تقع على عاتق الحكومات عملية التخطيط المركزي الاستراتيجي للأنشطة الاقتصادية ومحاور العمل فيها والأدوار التي ترسمها لمشاركة القطاعات المختلفة في خططها التنموية طويلة الأمد أو قصيرة الأجل ، وهي مسؤولية يجب ألا تتخلى عنها الحكومات انتظارا لمبادرات فردية للقطاع الخاص، قد لا تأتي أوقد تأتي متأخرة أو على استحياء أو قد تكون غير متوافقة مع متطلبات كل مرحلة بما لها من سمات أو احتياجات، خاصة أن الكثير من بلدان العالم النامي ونحن منهم لاتعرف ماذا تريد من القطاع الخاص تحديدا ، ولا تعرف كيف تستثمر امكانيات هذا القطاع حتى ولو كانت محدودة وتطويعها لتنخرط ضمن خططها الخمسية أو العشرية بحيث تقدر في حسابتها وميزانيتها وخطتها حجم المشاركة المطلوبة من القطاع الخاص في الدخل القومي ،لذلك فمن المهم أن تكون قادرة على تهيئة الشركات ورجال الأعمال لتأدية دورإيجابي في التنمية وفي الحياة الاقتصادية ،من خلال طرح رؤية الحكومة لهذا الدور والتنسيق مع غرف التجارة والصناعة في مناقشة هذه الرؤى ومدى قابليتها للتوافق مع رؤية القطاع الخاص وإمكانياته الواقعية من حيث القدرة التمويلية والإمكانيات الإدارية والخبرات الفنية والتقنيات المتاحة لديه ، في إطار خطوط متوازية تحقق التكامل في المشروعات وليس التنافس عليها، على أن تتضمن رؤية الحكومة عرض المشروعات المتكاملة أمام القطاع الخاص ،ولا تترك الأمور تجري على أعنتها بدون تخطيط مسبق يضمن نجاح هذه الخطط واستمراريتها حتى يتشجع القطاع الخاص ويشعر بالثقة في قدراته وإمكانياته ، ويشعر أيضا بالثقة في أداء الحكومة ورغبتها في الاستفادة منه وتنميته ، ليكون شريكا فاعلا في الأنشطة الاقتصادية الإيجابية، ومن الضروري لنجاح ذلك أن تكون لدى الحكومات خريطة زمنية ومكانية لثلاث أنواع الأول هو المشروعات الإنتاجية الأساسية العملاقة ومشروعات البنية التحتية التي تتكفل بها الدولة ، والثاني المشاريع المشتركة بين الحكومة و القطاع الخاص التي يمكن أن تنسحب منها تدريجيا على أن تدخل في شراكات جديدة مع القطاع الخاص وهكذا، والثالث مشروعات يتكفل بها القطاع الخاص المحلي والأجنبي ،والسماح له بتكوين اندماجات وتحالفات تعطي قوة للقطاع الخاص تمكنه من أداء دور وطني وإيجابي، قد تفوق إمكانيات القطاع العام ، إلى جانب آليات سريعة لفض المنازعات و مجموعة من التشريعات الحديثة التي تواكب المتغيرات العالمية والاحتياجات الفعلية للمجتمع .