القدس المحتلة – زكي خليل
يجسّد حال مطعم "البراق" في اخر شارع الواد من البلدة القديمة في القدس المحتلة الملاصق لنقطة حراسة اسرائيلية تفضي الى حائط البراق الذي حوله الاسرائيليون الى ثكنة عسكرية وامنية طيلة ايام السنة ، حالة التشوش والارباك التي تعيشها اسواق المدينة العتيقة التي تشهد استنفارا امنيا اسرائيليا غير مسبوق منذ اندلاع هبة القدس .
يعاني المطعم التراثي الاجمل في البلدة القديمة بسبب موقعه الحساس بقرب حائط البراق الغربي ، من محاولات الاستيلاء عليه من قبل جهات ذات اطماع توسعية واستيطانية .
ويقول سعيد غيث صاحب المطعم :" منذ اعادة ترميم هذا الموقع السياحي الحساس والجميل تعرضنا الى ضغوط واغراءات خيالية بهدف اخلائه .. الا اننا رفضنا الامر بشكل قاطع ." ويتابع :" العين عليه .. لذلك سارعنا الى ايقافه وقفا ذريا .. ولا مناص من اعادة تحريك الوضع التجاري لتعود الحياة الى المطعم وبقية المحلات المجاورة له خاصة بعد توقف تدفق مجموعات وقوافل الزوار من داخل الخط الاخضر ، جراء التوترات الامنية خصوصا في هذه النقطة الاستراتيجية .
واكتسب البراق الذي يتسع لقرابة " 100" شخص دفعة واحدة في رواقيه العلوي والسفلي والذي يبدو وكأنه منحوتا او مقدودا من حجارة اسوار القدس العتيقة ، شهرة واسعة لدى اعادة افتتاحه في العام 2000 بسبب تصميمه الرائع ونقوشه الجميلة التي تجذب السياح على وجه الخصوص ، الا ان التدهور الامني الاخير وهبة القدس انعكس على اعداد الزوار الذين كانوا يرتادونه في السابق من ابناء شعبنا . وبات المطعم والسوق بكامله يعانيان من انقطاع حركة المشترين والزبائن .
وتمكن "البراق" من الاستمرار طوال هذه الفترة لاعتماده على السياح وعلى تقديم الوجبات الرمضانية لحراس الاقصى وجهات وجمعيات خيرية باسعار مغرية .
ويتعرض "البراق" إلى مزيد من التشديدات والاجراءات المكلفة والباهظة لتأمين أنظمة اطفاء وقواطع للغاز وغيرها من المتطلبات المرهقة لمكان بات يخلو من رواده وزبائنه المعهودين . فيما تشهد محلات من الجهة الاخرى تعود لمستوطنين يهود متدينين ، اقبالا واسعا من جماعتهم في ظل محاولاتهم التي لا تتوقف للتوسع والاستيلاء على المزيد من العقارات العربية .
وفي الجوار وعلى مدخل البراق .. يقف حراس النقطة الشرطية الاسرائيلية المجاورة في حالة تأهب قصوى ، فيما ينظر أصحاب الدكاكين والحوانيت العربية المتبقية في تلك المنطقة ، متسائلين بقلق :"أين العرب والمسلمين لمساعدتنا على البقاء والصمود والحفاظ على ما تبقى لنا من القدس جوهرة المدن وشغف الروح " .
ويتزامن الاستنفار الاسرائيلي في القدس المحتلة في ظل ما تشهده المدينة المحتلة في هذه الايام نشاطا احتلاليا محموما تحت مسميات ثقافية وفنية براقة ولكنها في الواقع نشاطات هادفة الى تشويه صورة القدس العربية وتغيير وتبديل ملامحها الثقافية والانسانية والتاريخية.
وقال المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس بأننا نرفض هذه النشاطات المشبوهة التي تقوم بها سلطات الاحتلال في المدينة المقدسة تحت مسمى " انوار القدس" وان هذه النشاطات التي في خارجها تحمل ثوبا ثقافيا فنيا ولكنها في واقعها وفي مضمونها انما تهدف الى تشويه وطمس المعالم التاريخية العربية والحضارية والدينية في المدينة المقدسة .
واضاف "انها نشاطات في غاية الخطورة لأنها تلبس ثوبا حضاريا ثقافيا ولكنها في الواقع هي نشاطات سياسية بامتياز تستهدف مدينة القدس كما انها تستهدف سكانها الذين تقيد حركتهم في مثل هذه المناسبات وهذه الفعاليات والنشاطات" .
واكد انها ليست المرة الاولى التي تقام فيها مثل هذه النشاطات الاحتلالية في مدينة القدس تحت ذرائع ثقافية واهية في ظل حالة انقسام فلسطيني مخجل وغياب للموقف العربي وبالطبع الانحياز الغربي المعروف للاحتلال.
وقال ان الاحتلال يبتلع مدينة القدس يوما بعد يوم وخطواته متسارعة ، القدس تضيع من ايدينا ولم يعد كافيا بما نسمعه من بيانات شجب واستنكار . مضيفا انه وبالتزامن مع هذه النشاطات التي تصور مدينة القدس بطريقة مختلفة عن هويتها الحقيقية ورسالتها الانسانية والروحية ، فإنه يتم اغلاق بوابات القدس ويتم التعامل مع المقدسيين وكأنهم غرباء في مدينتهم .
*-*
مهرجان الأنوار.. أخطر المشاريع التهويدية بالقدس
حذرت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، يوم أمس الاثنين، من خطورة "مهرجان الأنوار" الثامن، الذي بدأت سلطات الاحتلال الاستعداد للاحتفال به من خلال تشويه صورة القدس بانعكاسات ضوئية تخدم الاهداف الاسرائيلية لتهويد القدس وطمس عروبتها.
واكدت الهيئة في بيان لها ان هذه المهرجانات جزء من المخطط التهويدي الكبير الذي يستهدف مدينة القدس بكل اجزائها وتفاصيلها العربية.
من جهته، اعتبر امين عام الهيئة حنا عيسى، المهرجان خطوة تهويدية على طريق تهويد القدس وسلخها عن عروبتها، حيث ستتحول المدينة المقدسة خلال المهرجان إلى صالات رقص ومنصات تهريج وموسيقى صاخبة، وانعكاسات ضوئية على سور المدينة وبواباتها، منتهكة حرمة المدينة وقدسيتها المسيحية الإسلامية، مشيرا إلى ان انعكاس الالوان والاغاني على جدران المساجد والكنائس وبوابات الاقصى هو استفزاز لمشاعر ملايين المسلمين والمسيحيين في العالم.
واعتبر تعالي أصوات الأغاني والموسيقى انتهاكا لحرمة الاقصى وقدسية القيامة، ومحاولة لتغيير الطابع العربي الإسلامي للمدينة وصبغها بطابع يهودي غريب عن قدسيتها. وشددت الهيئة على ضرورة التدخل الدولي لوضع حد لانتهاكات حرمة المقدسات، واستباحة المساجد والكنائس، داعية وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية إلى تسليط الضوء على هذه الجرائم التي تقترفها قوات الاحتلال بحق المدينة ومقدساتها، وابراز الهوية العربية لمدينة القدس.