أحاول أن أسير بخطى ثابتة يدفعني حفيد ابني على كرسي متحــرك وهو يســـير برفقة أبنائه.. أو أقاوم الشيخوخة حينما أتحرك قدر خطواتي التي أثقلتها سنواتي الخمس والثمانون.
ما أجمل مطرح.. المدينة التي سرت فيها طفلا قبل ثمانين عاما تقريبا.. ورحت أتغزل فيها كلما جلت بين حواريها.
أشرح لحفيد ابني وأولاده ماذا حدث حينما قرأت خبر التطوير قبل 36 عاما.. تفاءلت خيرا وكدت أرقص فرحا لولا محاذير العمر رغم أني لم أكمل عامي الخمسين حينئذ.
قلت في نفسي «هذه المرة سيصدقون».. ما المشكلة إذا فاتتني رؤية منارة مطرح التي قالوا إنها ستكون تحفة قريبة من الشارع البحري، ولم أمتع ناظري بمدرجات الحمرية.. وووو.
إقرأ أيضا للكاتب: الكتابة.. ودروس ماركيز
هكذا بلغت عام 2050 ومرت الأيام سراعا.. واكتملت رؤية بلدية مسقط لتطوير مطرح.. لم يحتج الأمر أكثر من 36 عاما.. ربما لم تكتمل الرؤية كاملة، المقاول تأخر.. المهندس الذي خطط تقاعد من الوظيفة أو من الحياة.. لكن حتما اللجنة التي درست وخططت ونفذت.. أقصد اللجان، تم تكريمها، ولا بأس من اعتبار أعضائها في لوحة الشرف التي أنجزت في وقت قياسي ومعجز ما يجعل العالم في حيرة من هذا المنجز الوطني.. ويلهم أولئك الذين شككوا في الأمر.. ورأوا أن هذه السنة بعيدة جداً.. بدت لي «عقة حصاة» كما يقول المثل العماني.
عليهم أن يأتوا الآن ليروا.. عليهم أن يستيقظوا.. من نومهم أو من قبورهم، فكثير منهم رحل عن حياتنا الفانية قبل أن يروا ما حدث.. لو كانت لديهم نية حسنة لبارك الله في أعمارهم وعاشوا حتى يروا روعة ما حصل.
صحيح أن الأوامر التغييرية كانت كثيرة لمواكبة المستجدات في هذا العالم.. وأن المشروع توقف في بعض جوانبه بسبب هذه التغييرات والمطالبات وتقاطع المصالح وتأخر المقاول ومزاج المسؤول الذي تغير عدة مرات خلال هذا الزمن القصير.. لكن الحق، والحق يقال، تبدو المعجزة واضحة أمام عيني.
إقرأ أيضا للكاتب: دبلوماسية النضج السياسي
أنا مواطن صالح.. لا أحب التشكيك، صدقت كل ما قيل عن رؤية 2020 وأن تنويع الاقتصاد الوطني يمضي كما خطط له للتقليل من الاعتماد على النفط.. ثم قيل لنا انتظروا 2040.. قبل عشر سنوات وصلنا إلى هذا الرقم.. منذ تلك السنة لسنا مضطرين إلى متابعة أسعار برميل النفط.. لم نعد بحاجة إليه.. أعتقد أن العالم تبدلت احتياجاته من الوقود بدخول أشكال أخرى من الطاقات المتجددة فلا لزوم لذهبنا الأسود في أيامنا البيضاء.
مضى العمر يا أحفادي.. كانت مطرح غير هذه التي ترونها أمامكم.. تطورت حيث أصبح هناك ممشى وأماكن للترفيه.. لقد احتجنا ثلاثة عقـــود ونصــف عقد لنرى كيف يمكن تطوير هذه المدينة.. أفلا يستحق المخططون الأوائل التكريم على ما قاموا به؟ على الأقل تسمية المطبات بأسماء بعضهم.
لا أتذكر من كان مسؤولا حينها.. كان ذلك منتصف عام 2016.. ولا أتذكر ما وعدونا به.. ولا ما صار منه..
عذراً.. لا أقوى على النظر جيدا في المشــروع أمامي ولا أســـمع صـــوت حفيدي وأولاده.. ولا أقدر على الكلام.. ولا الكتابة أصلا.