مشــــجعو الريـــــال في العـــــراق يتذكرون أصدقاء لهم استشهدوا

الجماهير الاثنين ٣٠/مايو/٢٠١٦ ٠٥:١٦ ص
مشــــجعو الريـــــال في العـــــراق يتذكرون أصدقاء لهم استشهدوا

بلد - (أ ف ب)

على وقع نهائي دوري أبطال أوروبا، استذكر المئات من أنصار وأعضاء رابطة ريال مدريد في ليلة حزينة زملاءهم وأصدقاءهم الذين سقطوا بهجوم مسلح قامت به مجموعة إرهابية استهدفت فيه مقهى تتخذ منه رابطة أنصار الفريق الملكي مقرا لها في الثالث عشر من مايو الجاري. وما بين مشاعر الحزن والأسى ومشاعر الترقب بفوز فريقهم الملكي، تجمع المئات من أنصار ريال مدريد لإقامة حفل تأبيني في مدينة بلد (80 كلم شمال بغداد) جاء متزامنا مع إقامة المباراة النهائية لدوري الأبطال مع أتلتيكو مدريد حيث تابع هذه المواجهة ما يقارب من 400 مشجع للريال.

على واجهة المقهى علقت صورة كبيرة للفريق الملكي كتب عليها «سنحكي لأولادنا .. سنخبرهم أنكم وقفتم حزناً على شهداء مدينة بلد»، وإلى جانب هذه الصورة وضعت صور الضحايا من عشاق وأنصار الريال الذين سقطوا أثناء الهجوم على المقهى في الثالث عشر من مايو بعد ما كانوا يتابعون مباراة ريال مدريد وبرشلونة ضمن الدوري الإسباني.

في داخل المقهى حيث نصبت خمس شاشات كبيرة لمتابعة المباراة، علقت على الجدران صورتان كبيرتان لنجم الريال السابق ومدربه الحالي زين الدين زيدان، وكذلك صور تجسد شعار النادي الملكي توسطتها عبارة «فخامة الاسم تكفي».
وأثناء حفل التأبين، تحدث نائب محافظ صلاح الدين عمار حكمت قائلا: «في هذه اللحظات الحزينة نستذكر ثلة من الشباب كانوا يبحثون في هذا المكان عن وقت للراحة، لكن يد الغدر كانت حاضرة، هذا الحادث سيدفعنا لمواجهة الإرهاب».
رئيس رابطة مشجعي ريال مدريد في مدينة بلد قاسم زناد قال: «هذا المكان يجتمع فيه الشباب من مختلف الأطياف لكن هذا لا يروق للإرهابيين وأعداء الإنسانية، سنبقى نتذكر أصدقاءنا الذين فقدناهم بسبب الحادث الإرهابي، واليوم نجتمع ثانية وهذه رسالة تتحدث عن استمرارية الحياة ولن يتمكن الإرهابيون إيقافها».
وأضاف: «في هذه اللحظات القاسية لا بد أن نتذكر أيضا الوقفة التضامنية التاريخية لإدارة النادي الملكي ورابطة الدوري الإسباني عندما عبروا عن حزنهم وتضامنهم مع أسر الضحايا وأصدقائهم، وهذا خفف كثيرا من معاناة عوائلهم».
يذكر أن مجموعة مسلحة كانت ترتدي زيا عسكريا حسب شهود كانوا في المقهى قامت بفتح نيران أسلحة رشاشة على رواده وأوقعوا 18 قتيلا وعددا من الجرحى.
وما تزال أثار الطلقات النارية على بعض أماكن جدار المقهى الذي حاول عدد من الشباب اجتيازه هربا لكن فوهات أسلحة الإرهابيين لاحقتهم أثناء تسلقهم الجدار.
رئيس المجلس المحلي لمدينة بلد فاضل جعفر تحدث أثناء حفل التأبين أيضا قائلا: «إنها لحظات مريرة وقاسية نعيشها الآن، لكن تعودنا أن يستهدفنا الإرهاب وهذه المرة يستهدف مكانا يجتمع فيها الشباب، إذن من قام بهذا العمل لا دين له ولا إنسانية، ريال مدريد هذا النادي العالمي وقف معنا لكن من يدعي الإسلام يقوم بقتل الناس ويفجر كل شيء، ويبدو أن من هو غير المسلم يطبق مناهج الإسلام ومن يدَّعون الإسلام يستبيحون إراقة الدماء، إنهم ضد الإنسانية».
تذكر مرتجى حيدر أصغر الناجين من الحادث في تلك الليلة الرهيبة بعض التفاصيل حيث كان حاضرا مع بعض من أفراد عائلته، وقال: «عندما سمعت إطلاق العيارات النارية شاهدت من بعيد أحد المسلحين يرتدي زيا عسكريا يدخل بهدوء وهو يطلق النار صوب الجالسين وكنت قريبا من غرفة صغيرة مخصصة لتوزيع العصائر والمشروبات الغازية واختبأت خلف بابها».
وأضاف حيدر الذي يبلغ من العمر 13 سنة وهو يرتدي ملابس سوداء حزنا على خاله: «ومن فتحة صغيرة، دفعني الفضول لمتابعة المشهد المخيف وأنا أسمع أزيز الرصاص، ولحسن حظي لم يتنبه لي أحد من الإرهابيين.. كنت أشاهد البعض يقفز من على سياج المقهى وهو مصاب، واستمر هذا المشهد ما يقارب عشر دقائق ثم خرجت بعد أن تأكدت من انسحاب المسلحين من المكان».
وتابع: «شاهدت أحد الأشخاص من الجالسين واسمه رابح كان مصابا ونهض متحاملا على نفسه للإمساك بأحد المسلحين لكنه سقط بعد أن تزحلقت قدماه ببركة دم فأجهز عليه المسلح».
وحسب شهود نجوا من الحادث «قفز بعض المصابين من نوافذ زجاجية داخل المقهى إلى الخارج مستغلين كثافة الدخان في المكان، ثم احتموا ببيوت قريبة من المقهى».
ويقول صاحب المقهى الذي فقد ستة من أفراد عائلته وأقاربه من بينهم ولده وأخوه: «كل يوم كنت أغادر المقهى متأخرا إلا في يوم الحادث فقد غادرت قبل دقائق معدودة ثم سمعت أن إرهابيين اقتحموا المقهى وبدؤوا يقتلون الشباب».
وأضاف هاتف القيسي الذي تخطى الستين من عمره لوكالة «فرانس برس» وهو يرتدي قميصا أسود حزنا على أفراد أسرته: «بعد الحادث أقفلت المقهى، لكن (أمس) الأول وبحضور المئات من مشجعي ريال مدريد شعرت بأن الحياة عادت مجددا، وستفتح أبوابه مرة ثانية».

ومع استذكار تلك اللحظات العصيبة التي رواها البعض ممن عاشوا تفاصيلها الرهيبة وهم يتابعون نهائي دوري الأبطال، كانت تسمع صيحات المشجعين مع كل محاولة للتسجيل لريال مدريد، ثم ألهب إحرازه اللقب حماس المئات من الحضور وبعضهم تمنى وجود أصدقاء فقدوهم أثناء الحادث.

وفرضت إجراءات احترازية مشددة على محيط المقهى عشية المباراة تحسبا لأي طارئ إذ ضرب رجال الشرطة طوقا أمنيا حول المكان.