التنزيلات بين الحقيقة والوهم

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٣٠/مايو/٢٠١٦ ٠٤:٤٥ ص
التنزيلات بين الحقيقة والوهم

ناصر اليحمدي

ما أن هلت بشائر فصل الصيف حتى شرعت الكثير من المحلات التجارية ومراكز التسوق الكبيرة والصغيرة في الإعلان عن تقديم تنزيلات وعروض على السلع الاستهلاكية المختلفة وتخفضيات هائلة وصلت لنسب ليس لها مثيل تتراوح بين 60% و80% لتغري المستهلك بالشراء لاسيما أنها تزامنت مع مقدم شهر شعبان الذي يقبل فيه المواطنون على الشراء بشراهة استعدادا لشهر رمضان المبارك وكأنما شهر الصيام هو شهر الأكل وبدلا من أن يستعد المسلمون له بالتوبة والتقوى صاروا يستعدون بشراء أكبر كم من الطعام والملابس وأدوات المنزل ومختلف السلع الاستهلاكية.
لاشك أن هناك الكثير من المواطنين تصيبهم الحيرة أثناء الشراء ويتساءلون فيما بينهم هل هذه العروض التسويقية التي يعلن عنها حقيقية وهل التنزيلات صحيحة والأسعار التي يرونها أمام أعينهم بالفعل منخفضة أم أنها خدعة يقوم بها التجار لجذب المستهلكين وزيادة معدل الشراء؟

إقرا أيضاً للكاتب: السوريون يستغيثون فهل من مجيب ؟

المشكلة أن هناك بعض المحلات تتفنن في خداع المواطن البسيط عن طريق تضخيم السعر ثم عرض سعر جديد بعد التخفيض ليبدو أن هناك فرقا كبيرا في السعر بينما في الواقع أنه إذا ما قارنا السعر الجديد بما قبل التنزيلات نجده لا يختلف كثيرا والخصم لا يقارن بالمعلن عنه وهو ما يعد غشا مستترا .. كذلك قد تعرض بعض المحلات بضائع شارفت صلاحيتها على الانتهاء أو أن موضتها انتهت أو مرت عليها فترة طويلة وأصبحت قديمة ولا يقبل على شرائها المستهلكون لذلك قدمت هذه الخصومات للتخلص منها.
قد يقول البعض إن هناك عروضا ليست وهمية وأنها حقيقية .. هذا صحيح ولكن في بعض الأحيان تكون كمياتها محدودة فعندما يذهب المستهلك لشرائها يجد منصة العرض فارغة وبسؤال العامل أو المسئول يجيب أنها كانت موجودة ولكنها نفدت حيث إن الغالبية العظمى من تلك العروض التسويقية تكون كميتها محدودة وتنتهي في اليوم الذي تعرض فيه وعندها لا يجد المواطن بدا من شراء السلع التي يحتاج إليها بالأسعار العادية أو المرتفعة ليقع في فخ التنزيلات الوهمية.
لا ننكر أن التنزيلات تسهم في إنعاش الحركة الشرائية والتجارية والسياحية ولكننا نطالب بأن تكون هذه التنزيلات حقيقية وليست وهمية يكون هدفها الأساسي استقطاب الزبون فقط فبعض التجار يستغلون المناسبة لجني الأرباح الطائلة حتى ولو بطريقة غير مشروعة متناسين أن هناك بعض ذوي الدخول المتوسطة والمحدودة ينتظرون فرصة التنزيلات للحصول على سلع ذات جودة عالية وفي ذات الوقت أسعار مناسبة تفي باحتياجاتهم وتحقق لهم وفرا ماليا في دخل الأسرة.

إقرا أيضاً للكاتب: الغش التجاري..جريمة لاتغتفر

إن أسواق السلطنة بما تحتويه من سلع وأسعار تنافسية عالمية تشكل بالنسبة للكثيرين من داخل وخارج السلطنة فرصة ذهبية للشراء وينتظرون التنزيلات على أحر من الجمر للحصول على احتياجاتهم لذلك يجب أن تتسم المعاملة التجارية بالمصداقية والتعامل يجب أن يبنى على الثقة المتبادلة بين التاجر والمستهلك ومراعاة الجودة في السلع المباعة حتى لا يفقد السوق ثقة المستهلكين الذين يفدون إلى بلادنا من دول مجاورة وقت التنزيلات للحصول على العروض التسويقية المعلن عنها فنحن أحوج ما نكون لزيادة نسبة السائحين وليس العكس.
لاشك أن التنزيلات تعود على كلا التاجر والمستهلك بالخير فالتاجر يجني أرباحا لا يحصل عليها طوال العام والمستهلك يحصل على ما يحتاج إليه من سلع بأسعار مناسبة ويستغل فارق السعر في شراء سلع أخرى إضافية.
بالطبع جميعنا نقدر الدور الهام الذي تقوم به هيئة حماية المستهلك في مراقبة الأسعار والأسواق بصورة دورية ومتابعة جدية للعروض والتنزيلات ولكن تكثيف المراقبة في هذا التوقيت مطلوب حتى لا يتلاعب التجار بالأسعار ويخالفون قوانين السوق الشريفة وهو ما يقوض أركان التنمية المستدامة المنشودة.

إقرا أيضاً للكاتب: "نداء السلام"من مسقط

يجب على التجار الإعلان بجوار الأسعار المخفضة عن الأسعار الحقيقية القديمة ليقدر المستهلك مقدار التخفيض وبالتالي يقرر ما إذا كان سيناسبه فرق السعر هذا أم لا .. كذلك يجب على التجار توضيح سبب تخفيض السلعة حتى يتجنبوا الغش التجاري المذموم الذي سيدفعون ثمنه ركودا وانعدام ثقة مع المستهلكين .. حفظ الله الوطن والمواطن من كل شر.