أوراق الخليج الاستراتيجية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٩/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٣٣ ص
أوراق الخليج الاستراتيجية

احمد المرشد

يبدو أن أزماتنا نحن معشر منطقة الخليج لن تنتهي بغياب باراك أوباما عن المشهد السياسي في بلاده والعالم أجمع، فما فعله الرئيس الأمريكي ليس بالأمر الهين في حق الخليج، فهو وفي الفترة الأخير من ولايته الرئاسية لبلاده أبرم اتفاق إيران النووي ليفك الحظر الاقتصادي عن طهران، ثم يدعي أن هذا الأمر هو في مصلحة المنطقة، والأكثر مرارة، أن يدعو المملكة العربية السعودية وإيران لاقتسام النفوذ في المنطقة، وهو يعلم أن السعودية لا تريد نفوذا بل استقرار الإقليم وبسط العدالة في ربوعه، فدولة في عراقة السعودية وريادتها للعالمين العربي والإسلامي في غني عن قول أوباما.
أقول هذا قبل أن يفاجئنا المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، ليشكك في علاقة ما أسماه بـ"الحماية" التي تربط الولايات المتحدة بالسعودية، ولا يهمنا هنا ما قاله عن بقية حلفاء الولايات المتحدة مثل دول حلف الأطلنطي بعدم أداء ما عليهم، هذا رغم تزايد الضغوط من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على هذا الـ"الترامب" لتخفيف لهجته.
فترامب – هذا الملياردير الذي لا يفهم في السياسة الخارجية كما وصفه أوباما – أبدي قلقه البالغ من علاقة الولايات المتحدة مع السعودية التي اتهمها بعدم المساهمة بشكل عادل في الدفاع الأمريكي، وقال :"إننا نرعى السعودية، ولن يستطيع أحد إزعاج السعودية لأننا نرعاها الآن، وهم لا يدفعون لنا ثمنا عادلا..إننا نخسر كل شيء"، فترامب هنا يتحدث بصفته المرشح الجمهوري ويطالب السعودية بدفع ثمن حماية بلاده لها، ونحن بدورنا نتساءل: ماذا عساه سيفعل معنا إذا فاز في الانتخابات؟ فهل يطالبنا بثمن الحماية؟. ألم يعلم بأن دول الخليج مجتمعة لديها أرصدة بمئات المليارات من الدولارات في بنوك بلاده، وأن هذه الأموال تساهم في تخفيف وطأة التراجع الاقتصادي الأمريكي، وأنه لولا الأموال العربية في الولايات المتحدة لمرت أمريكا بأكثر من أزمة اقتصادية طاحنة. ثم السؤال الأهم:" ألم يعلم هذا المرشح ترامب والحالي أوباما أن الولايات المتحدة لم ترسل جنديا أو شاحنة عسكرية أو طائرة للمنطقة مجانا، فكله مدفوع الأجر مقدما..ولعل هذا الموضوع يطول الكلام فيه، ولن يجدي نفعا مع ناكري الجميل، سواء لمن يشغل البيت الأبيض حاليا، أو من يريد أن يقبع فيه لاحقا.
ونحن هنا لا يهمنا إذن ما ذكره ترامب بأن السعودية لا تدفع المطلوب منها مقابل حماية أمريكا لها، وكذلك لن نهتم كثيرا بما قاله أوباما عن ترامب بأنه لا يعلم الكثير عن السياسة، فلا هذا أو ذاك يفهم في استراتيجية الشرق الأوسط عموما ومنطقة الخليج خصوصا، فكل افتراضاتهم خاطئة ولم يجانبها الصواب، ومن المؤسف أن نقول هذا عن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي تصوره سينما هوليوود – أي رئيس أمريكي – علي أنه رجل عملاق حاد الذكاء ولبق، ولكن ما صدقت فيه هوليوود هو أن أي رئيس أمريكي علي الشاشة قادر علي تدمير العالم بضغطة ذر، ولعل أوباما هنا والمرشح ترامب قد استبدلا ضغطة الزر في الإفلام باللسان الذي نطق كفرا وزورا وبهتانا، وكلاهما لا يفهما في أمور الشرق الأوسط شيئا، ولهذا فشل الأول، وبالتأكيد سيكون الثاني مصيره نفس الفشل إذا استمر علي نفس منوال الرئيس الحالي.
ويبدو بعد كل ماسبق أن الولايات المتحدة تعمل علي زعزعة الاستقرار في منطقتنا، والذي لا تعلمه واشنطن ان قرار مجلس الشيوخ الأخير بشأن أحداث 11 سبتمبر 2001 لن يضر السعودية في شئ، فكلنا علي يقين أن ما يسمي بـ" قرار التعويضات" هو شأن سياسي أكثر منه تشريعي، ومبتغى واشنطن منه هو ابتزاز الرياض، خاصة في ظل تهديد وزير خارجية السعودية عادل الجبير بسحب أرصدة بلاده من أمريكا، وعموما لا زلنا ننتظر تصويت مجلس النواب وهو الأهم وفقا للنظام التشريعي الأمريكي ، وحتي إذا كانت بعض التقارير الأمريكية قد تحدثت عن استخلاص التعويضات لمتضرري 11 سبتمبر من الأرصدة السعودية بأمريكا، فهذا محض افتراء وكذب بيَن، لأن جميع الأرصدة الأجنبية العاملة بالولايات المتحدة تتمتع بالحصانة ومن الصعب الاقتراب منها.
والذي نستطيع قوله في هذا الصدد، إن الولايات المتحدة لا تريد تكبيل السعودية بتعويضات مالية فقط ، بقدر ما هو رغبة أمريكية حقيقية في تقييد السياسة الخارجية السعودية ومحاولة اخضاعها للنزوات الأمريكية في المنطقة خاصة بعدما نهضت السعودية في الفترة الأخيرة وأصبحت صاحبة مبادرات عديدة لحل أزمات المنطقة. فالاستنزاف هنا سياسي قبل أن يكون مادي، وواشنطن تريد بقضية ما يسمي بـ"قانون التعويضات" أن تكون مثل مخلب القط لإثناء الرياض عن سياساتها وتوجهاتها الجديدة في اليمن وسوريا، خاصة في ظل رفض السعودية تصريحات باراك أوباما الذي دعا فيها الرياض وطهران الي تقسيم النفوذ في المنطقة.
الأمر المؤكد لدينا في الوقت الراهن، والذي لا يقبل التأويل أن الولايات المتحدة ليس لها حلفاء دائمين، وهي عندما تضع السعودية في مرمي التعويضات – إذا أقر مجلس النواب القانون المشار اليه – فهي بذلك لن تفاجئنا، فهي تخلت عن حلفاء لها كثيرين في السابق، ودائما ما تتنكر للحلفاء ولنا في الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك لعبرة ..والأمر المؤكد لدينا أيضا، أن السعودية وكل دول الخليج تعرف مصلحتها الاستراتيجية، وإذا كانت واشنطن لا تريد إحداث توازن سياسي حيال الخليج شعوبا ودولا، فإننا أيضا لدينا أوراقنا الإستراتيجية التي نستطيع أن نلعب بها في الوقت المناسب. وأخيرا، لن نقول أن ما سنه مجلس الشيوخ الأمريكي عقابا أمريكيا للسعودية، لأن الرياض أيضا قوية وهي في عهدة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي استطاعت السعودية في عهده اعادة السيطرة علي الأوضاع الإقليمية وتقليم أظافر وأنياب إيران ووقف نفوذها وتمددها في المنطقة، وربما كانت الرغبة الأمريكية الحقيقية من وراء ما يقره مجلس شيوخها هو تقليم الأنياب السعودية.

قبل الأخير..***
مؤسسة "المنجزين العرب" وتكريم سفراء السعادة والعطاء
شـُرفت قبل أسبوعين تقريبا بتكريم مؤسسة "المنجزين العرب" للتنمية لشخصي وأسماء أخري مرموقة من كافة الدول العربية تقديرا وعرفانا بدورهم وإسهاماتهم في المجال العام، سواء إعلامي، برلماني، طبي، اقتصادي، تعليمي، إداري، وخلافه وقد شهد الحفل مشاركة عددا من كبار الشخصيات والمكرمين وبحضور رئيس مؤسسة "المنجزين العرب" للتنمية. وقد وضعت المؤسسة بشهادة التكريم وساما علي صدورنا، وكم كانت مناسبة رائعة أن يتلقي كل هؤلا المكرمين العرب تقديرا لانجازاتهم علي مستوي مهنتهم.
وحقا..كان الاحتفال مناسبة جليلة سنظل نتذكرها، خاصة وأن كل المكرمين قد أسهموا بقدر وافر في بلدانهم وقاموا بأدوار خلاقة داخل مجتمعاتهم وكانت لحظات الاحتفال سعيدة خاصةً وقت اعلان التكريم، وإلقاء الضوء على انجازاتهم الشخصية التي استطاعت أن تحقق نجاحا خلاقا وملموسا في تخصصها، أو في العمل العام عموما.. الي أن جاءت لحظة ووصفت "المؤسسة " كل المكرمين من الشخصيات العربية بـ"سفراء السعادة والخير والعطاء"، نظرا لعملهم على رسم السعادة في حياة الآخرين من خلال أعمالهم ومواقفهم، ومساهماتهم، ومبادراتهم المتميزة والتي كانت عنوانا للخير والعطاء من أجل إسعاد الآخرين.
وقد شرفتني مؤسسة "المنجزين العرب" للتنمية كوني رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمؤسسة بأن أكون ضمن كوكبة مصرية وعربية من المكرمين مثل رئيس مجلس النواب أحمد بن إبراهيم الملا، ود.على جمعة مفتى الديار المصرية الأسبق، ود.مجدى يعقـوب جراح القلب العالمى، والشيخة الدكتورة هند القاسمى رئيس نـادى سيـدات الإمـارات للأعمال والمهـن الحـرة، والشيخة نـوال الصـبـاح رئيـس الاتحــاد العربى للمـرأة المتخصـــصة بالكـويـت، والعامرى فاروق وزير الشباب الأسبق بمصر.. وآخرين.

كاتب ومحلل سياسي بحريني