لا تزال تلقي بظلالها على أمــريكا الجنـوبيــة

الحدث الأحد ٢٩/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٢٤ ص

بوينس آيرس - - وكالات

خطة كوندور، المعروفة أيضا باسم عملية كوندور كانت حملة من القمع السياسي وإرهاب الدولة التي تشمل العمليات الاستخبارية واغتيال المعارضين، والتي بدأت في العام 1968 وتم العمل بها رسمياً في العام 1975 من قبل الدكتاتوريات اليمينية في المخروط الجنوبي للقارة الأمريكية الجنوبية. البرنامج كان يهدف إلى القضاء على الشيوعية أو النفوذ والأفكار السوفييتية، وقمع حركات المعارضة النشطة أو المحتملة ضد الحكومات المشاركة في هذا المشروع. بسبب طبيعتها السرية، ليس هنالك أرقام دقيقة حول عدد الوفيات الناتجة مباشرة عن عملية كوندور. بعض التقديرات تحصي ما لا يقل عن 60,000 حالة وفاة ناتجة عن عمليات «كوندور»، وربما أكثر.

وتشمل لائحة الضحايا معارضين يساريين، قادة اتحادات العمال والفلاحين والكهنة والراهبات والطلاب والمعلمين والمثقفين وأفراد يشتبه بانضمامهم إلى التمرد المسلح.

الأعضاء الرئيسيون لعملية كوندور هم حكومات: الأرجنتين، وتشيلي، وأوروجواي، وباراجواي، وبوليفيا والبرازيل. قدمت حكومة الولايات المتحدة الدعم التقني والمساعدات العسكرية للمشاركين حتى العام 1978 على أقل تقدير، ثم استؤنفت الدعم بعد انتخاب الجمهوري رونالد ريجان رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية في العام 1981. كان هذا الدعم في كثير من الأحيان يتم من خلال وكالة الاستخبارات المركزية، وانضمت الإكوادور والبيرو في وقت لاحق إلى العملية ولكن بأدوار هامشية. هذه الجهود، مثل عملية شارلي، ساعدت الطغمة العسكرية المحلية في قمعها للشيوعية.

إدانة

مؤخرا أدين 15 من القادة السابقين بجيوش العديد من دول أمريكا الجنوبية في الأرجنتين بتهم متعلقة باضطهاد الديكتاتوريات العسكرية للمعارضين السياسيين. ويؤكد الحكم لأول مرة التعاون الجنائي عبر الحدود بين الديكتاتوريات في الأرجنتين وأوروجواي والبرازيل وتشيلي وباراجواي وبوليفيا في سبعينيات وثمانينيات القرن الفائت. وكان التنسيق بين الوكالات العسكرية والاستخباراتية في هذه الدول يعرف بين كبار القادة باسم «خطة كوندور».
وأدانت محكمة استئناف في بوينس آيرس 15 عسكريا، بينهم الرئيس العسكري السابق للأرجنتيني رينالدو بينون بالمسؤولية عن أكثر من 100 جريمة قتل نفذت في إطار الخطة. وحكم على بينون بالسجن لمدة 20 عاما.
وصدر حكم بحق الجنرال الأرجنتيني سانتياجو ريفيروس والكولونيل الأوروجواياني مانويل خوان كورديرو بياسينتيني بالسجن لمدة 25 عاما. وأدين كورديرو بياسينتي بارتكاب 11 جريمة خطف، من بينهم الابنة الحامل للشاعر الأرجنتيني خوان جيلمان. ومن بين المجموعة الأصلية من المتهمين في القضية، التي بدأت منذ أكثر من ثلاثة أعوام، كان الدكتاتور السابق في الأرجنتين، خورخي فيديلا الذي توفي في العام 2013. وكان ضحايا الجرائم ينحدرون من أوروجواي وتشيلي وباراجواي وبوليفيا والأرجنتين. وقد تم اختطافهم وتعذيبهم وقتلهم خلال تعاون الأنظمة الديكتاتورية السابقة في أمريكا الجنوبية.

إحراق جثث معتقلين

أفادت صحيفة لاناثيون أن الديكتاتور السابق أوجوستو بينوشيه، الذي يمكن أن يحاكم لتورطه في خطة كوندور لتصفية المعارضين السياسيين في أمريكا الجنوبية، أمر بإحراق جثث معتقلين.
وقال وزير الداخلية خوسيه ميجيل انسولزا تعليقا على المقال في الصحيفة: «نعرف أن جثثاً كثيرة تم التخلص منها إما برميها في البحر أو بحرقها، لكن ما زالت هناك أمور كثيرة يجب اكتشافها بخصوص هذه السنوات». ورفعت محكمة سانتياجو في 28 مايو الحصانة عن بينوشيه الذي كان يتمتع بها بصفته رئيساً سابقاً (1973 إلى 1990) للسماح بملاحقته في موضوع خطة كوندور التي وضعها حكام مستبدون في أمريكا الجنوبية للتخلص من المعارضين، لكن محاميي بينوشيه قدما طعنا أمام المحكمة العليا.

محاكمات

في الخامس من مارس من العام 2013 بدأت في بوينوس آيرس أول محاكمة مخصصة للخطة كوندور، شبكة قمع المعارضين التي أنشأتها الأنظمة العسكرية في أمريكا الجنوبية في سبعينيات وثمانينيات القرن الفائت. ويحاكم ثلاثة قضاة في المحكمة الفدرالية الأولى في بوينوس آيرس نحو عشرين من كبار المسؤولين الأرجنتينيين، على رأسهم الرئيس الأسبق خورخي فيديلا بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وبين 1975 ومطلع الثمانينيات، سمحت الخطة كوندور أو عملية كوندور، لحكومات الأرجنتين وتشيلي والباراجواي والأوروجواي وبوليفيا والبرازيل بتبادل معلومات من أجل خطف أو تصفية معارضين لاجئين في هذه البلدان. وأفادت محامية الضحايا الأرجنتينيين والأوروجويين، كارولينا فارسكي أنها أول محاكمة تتركز على الخطة كوندور، معبرة عن أملها في أن تثبت المحكمة «دعم الولايات المتحدة» لهذه الخطة. وأضافت فارسكي التي تعمل في مركز الدراسات القانونية والاجتماعية «لإثبات ذلك لدينا شهادات ناجين ووثائق رفعت السرية عنها تتهم واشنطن». وكان كبار المسؤولين في الأنظمة العسكرية التي تعاقبت على الأرجنتين، استفادوا من قانون عفو قبل أن يلغيه الرئيس نستور كيرشنر، ويسمح للقضاء باتهام أكثر من ألف عسكري أو شرطي، ومنذ ذلك الحين تجري محاكمات متتالية. وفيديلا (87 عاماً) الذي حكم البلاد من 1976 إلى 1981 عندما كان القمع في أوجه، موقوف في سجن ماركوز باز قرب بوينوس آيرس، حيث يمضي عقوبة السجن مدى الحياة بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية.
ويجلس معه في قفص الاتهام الجنرال السابق لوسيانو بنجامين مينينديز الملقب بـ«الضبع»، لأنه عرف بضحكه وهو يرى معتقلين يجري تعذيبهم. وصدرت بحقه سبعة أحكام بالسجن مدى الحياة، بعد إدانته بالتعذيب والقتل العمد والتسبب في اختفاء أشخاص، وقتل أو فقد في عهد الحكم الديكتاتوري في الأرجنتين بين عامي 1976 و1983 نحو ثلاثين ألف شخص وسجن مئات الآلاف. وفي إطار الخطة كوندور، حكم على الجنرال السابق إدواردو كابانياس في 2011 بالسجن مدى الحياة، لأنه كان مدير مركز الاعتقال والتعذيب السري أوتوموتوريس أورليتي. وسجل التحقيق في الخطة تقدماً كبيراً بعد العثور في 1992 في الباراجواي على وثائق تثبت وجود خطة متفق عليها بين الدول الست.