محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com
msrahbyalrahby@gmail.com
الامتحانات الدراسية لا تهدف بالضرورة لجمع درجات نتيجة اختبار ذاكرة جيل جديد يترقب كلمة «مستقبل» أو تنتظره «على الأقل».. تبدو أوسع نظرة من إعمال حالة القلق والتوتر، لدى الأسرة أكثر مما يشعر به الطالب، فترقب الأبوين لمستقبل ابنهما / ابنتهما أشد «رعبا» مما يمضي به «صاحب المستقبل» إذ تغلب على هذه المرحلة العمرية اللامبالاة وسوء التقدير للمطلوب منهم ليكون ذلك المستقبل.. أزهى وأجمل.
الامتحانات تعلّم الطالب، بين ما تعلمه، الصبر، أن يبقى مع نفسه بمواجهة ساعات من إعمال الذهن تذكرا واستدعاء لمعلومات تبدو عابرة بعدئذ، لكن حركة عضلة المخ ستكتسب حيوية ربما تتحول إلى نشاط اعتيادي لدى المجتهدين، إذ إن كل امتحان، على طاولة الدراسة، أو على مقاعد الحياة، يعطي قوة إضافية، تسمى حينا بالخبرة في مواجهة الضغوط، والخبرة لاتخاذ القرار الصائب، وربما هي الوعي المكتسب نتيجة القراءات والاستيعاب الجيّد ليتخذ المرء الدرب عن تخطيط متبوع بدراية تعرف قراءة اللوحات الإرشادية حينما نواجه ما يسمى بمفترقات الطرق.
الامتحانات تشعر الطالب أنه أمام خيارات محددة، الاعتماد على النفس، ما زرعه قبل لحظته تلك، قلمه الناقل لما يقوله العقل، في لحظة مواجهة مع العقل، والذاكرة، والأسئلة، ضبط الأسطر على صفحة بيضاء يلزمها أن تمتلئ، لعلّ المصحح يشعر بجهد ما فيكتب ما يوحي بأن الطالب مدرك للفكرة وإن لم يجوّد / يجيد التعبير عنها..
الخيار الثاني أمامه «الاستعانة بصديق» حيث تتحرك الأعين بحثا عن نقطة نجاة في ورقة الجالس قريبا، حينها تكون قوة الإبصار فرصة سانحة لخطف خيط نجاة يعطي درجة «تنفع» حين يأتي حساب الدرجات، واحدة قد تتحرك بالطالب خطوة للأمام نحو المستقبل، أو تجمّده عاما آخر في ثلاجة الانتظار!
لكن.. هل حقا يقلق طلبة اليوم من الامتحانات، أم أنه حالة معنية بها أسرهم فقط؟
المعلمون الذين نلتقيهم في دورة الحياة يرون أن «الغالبية» وليس «البعض» لا يصابون بهذه الحالة الإيجابية من القلق، لأن (غالبية) طلبة اليوم (وأقل على مستوى الطالبات) نظرتهم للمستقبل مصابة بفيروس اليأس، إضافة إلى التربية «الناعمة» من آباء يشكلون جيلا تعب وكافح على امتداد مراحل حياته، يتمنى لأبنائه حياة أكثر راحة.. وتنساب مفردة (سلبية) على هذه التربية والراحة.. يخشون عليهم من كلمة يقذفها معلم بعد أن بلغت أعصابه أعلى درجة على مقياس الصبر فانفجر، فكيف بالأب يتصور أن غريبا يضرب ابنه ولو بعصا تبتغي التربية لا القسوة.
أحد المعلمين أشار إلى أن الطالب وضع يده في الأمان بسبب درجات التقويم، وهذه «ربما» لا تتم بمصداقية وإخلاص، حيث تعتمد على المزاجية (أحيانا).. فما حاجة الطالب إلى المزيد من الدرجات لإدراك التفوق ما دام أن الحصاد كاف لعبور البيات الصيفي نحو عام جديد.. وكل عام والتعليم.. بخير.