بيروت - العمانية
تعد مدينة طرابلس في شمال لبنان ثاني أكبر مدينة في لبنان من حيث المساحة وعدد السكان وهي تضم العديد من المواقع التاريخية والأثرية والثقافية والأسواق التجارية القديمة والتراثية مثل "خان الخياطين، وسوق البازركان، وخان الصابون، وسوق الصاغة وسوق جاويش للمفروشات"، إضافة الى "حمام أبو العبد التركي، وقلعة طرابلس، ومسجد المنصوري، ومتحف حمام عز الدين" وأماكن طبيعية مثل جزر النخيل. وتقع طرابلس فوق سهل منبسط تغسل أطرافه الغربية مياه البحر، وتتفيأ بظلال سفوح جبال الأرز، وتبعد المدينة عن العاصمة بيروت نحو 80 كيلومترا، كما تبعد عن الحدود السورية نحو 40 كيلو مترا، ويخترقها في الشرق نهر "أبو علي" المتدفق من أعلى قمة في لبنان.
وتعود جذورها الى عمق التاريخ، وترقى إلى ثلاثة آلاف وخمسمائة عام، حيث أسسها الفينيقيون قبل الميلاد بنحو ألف وخمسمائة عام، وتعاقبت عليها الأمم والعهود من الفينيقيين حتى الانتداب الفرنسي، مرورا بالرومان، والبيزنطيين، والعرب، والفرنجة، والمماليك، والعثمانيين. وتعتبر طرابلس المدينة الأولى بثروتها التراثية على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وهي الثانية بآثارها المملوكية بعد القاهرة، وتمثل متحفا حيا يجمع بين الاثار الرومانية والبيزنطية، والآثار الفاطمية والصليبية، والعمارة المملوكية والعثمانية. وفي أسواق مدينة طرابلس القديمة يتنشق المرء عبق التاريخ، ويشاهد الصناعات والحرف المحلية بمختلف أنواعها ، ويتذوق أشهى الأطعمة والحلويات، ويشتري مختلف السلع والاحتياجات بأسعار مناسبة، وهي تواكب بجهد أبنائها ركب التطور والحداثة، مع تمسكها بإرث الأجداد.
واتخذ سلاطين المماليك مدينة طرابلس طوال قرنين وربع القرن من الزمان عاصمة لنيابة السلطنة، وأقيمت فيها عشرات المساجد والمدارس، والزوايا، والحمامات، والخانات ، والطواحين، ومن أشهر معالمها: الجامع المنصوري الكبير، وجامع التوبة، وجامع العطار، وجامع البرطاسي، وجامع السيد عبد الواحد المكناسي، وطينال، ويوجد بها عدد من المدارس كالمدرسة القرطاوية، والشمسية، والنورية، والناصرية، والطواشية، ومن خاناتها: خان الحريريين، والمصريين، والعسكر، والصاغة (الصابون)، والتماثيلي ( بالميناء)، ومن حماماتها: حمام الحاجب، وعز الدين الموصلي، والنوري، والعطار، والدوادار وغيرها ، وأقيم على امتداد ساحلها من رأس الميناء إلى رأس النهر ستة أبراج حربية. وتشتهر طرابلس بقلعتها التي بناها القائد الصليبي ريمون دي سان جيل وتعرف باسم قلعة "سان جيل" أو "صنجيل"، واشتهرت بمقاييسها الضخمة القائمة على رأس رابية تشرف على كل أنحاء المدينة وتطل على نهر قاديشا، والقلعة واحدة من سلسلة حصون وأبراج كانت في الأزمنة الغابرة تحيط بالقبة والبلدة والميناء، بنى الصليبيون هذه القلعة في أوائل القرن الثاني عشر خلال حصار المدينة، واتخذوها مركزا لحملاتهم العسكرية، وفي أواخر الحكم العثماني حولها الأتراك إلى سجن. والقلعة مستطيلة الشكل ، يبلغ طولها من مدخلها الشمالي إلى أقصى طرفها الجنوبي 136 مترا وبعرض متوسطي يصل إلى 70 مترا، وهي مبنية من حجارة رملية ناعمة ، وتتكون من قسمين داخلي وخارجي، الخارجي مؤلف من خندق وسلسلة أبراج وحجب، ويبلغ طول الخندق نحو 70 مترا، وعرضه 5 أمتار. أما عمقه فيتراوح بين المترين والثلاثة أمتار، أما الأبراج والحجب فعددها 25 برجا وحاجبا. ويبلغ عدد فتحات المدافع في القلعة نحو20 مدفعاً ، وعدد مزاغلها ومكاحلها يتجاوز السبعين،ويبلغ ارتفاع أسوارها بين 5 و19 مترا، وطريقة بنائها تزيد مناعتها لأن حجارتها الكبيرة محكمة الصنع، مرصوصة بعضها فوق بعض، وجميع جدرانها مشبعة بالمونة.