ماذا يمثل مقتل الملا أختر منصور لمستقبل أفغانستان؟

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٦/مايو/٢٠١٦ ٠٥:٣٠ ص
ماذا يمثل مقتل الملا أختر منصور لمستقبل أفغانستان؟

كيم سنجوبتا

يأتي مقتل الملا أخطر منصور، زعيم حركة طالبان، في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار ليمثل أهمية كبيرة في إبراز تحول الديناميات المؤثرة في الصراع في أفغانستان وباكستان.
وقد ظلت المنطقة المعتادة للهجمات الجوية الأمريكية مرتكزة حتى الآن على الحزام القبلي شمال وجنوب وزيرستان ضد أهداف من القاعدة والمقاتلين الأجانب، بيد أن الهجمات هذه المرة انتقلت إلى بلوشستان، حيث يعتقد وجود قاعدة مجلس شورى حكم طالبان، وكان الهدف عضوا بارزا في حركة طالبان. وعلاوة على ذلك، فقد قيل إن الملا منصور يتم إعداده من قبل الشرطة السرية الباكستانية، وينظر إليه على أنه مرشحهم لخلافة الملا عمر منذ وفاة الأخير.
وكان للتأثير الذي قامت به فصائل الجيش الباكستاني والمخابرات الباكستانية والذي مارسته على طالبان دوره في تغيير الرئيس الأفغاني أشرف غاني للسياسة العدائية السابقة لسلفه حامد كرزاي مع إسلام أباد.
وبعد توليه السلطة قام الزعيم الأفغاني بزيارة الجيش الباكستاني وقيادات المخابرات الباكستانية قبل لقاء القيادة السياسية في البلاد، على أمل أن الأشخاص الذين يمتلكون نفوذا حقيقيا مع المتمردين سيكونون أكثر قدرة على جلبهم إلى طاولة المفاوضات. بيد أن هذا لم يحدث، وبدلا من ذلك ارتفعت معدلات التفجيرات وحوادث إطلاق النار في أفغانستان، بما في ذلك العاصمة كابول بشكل مقلق.
وقام الرئيس غاني مؤخرا باتخاذ موقف مغاير تماما لسياسته الأولى وطلب من إسلام أباد اتخاذ إجراءات ضد حركة طالبان الأفغانية التي تتحرك بحرية نسبيا داخل باكستان. وظل الموقف الباكستاني يرى أنه من الضروري إشراك طالبان في عملية السلام، في حين أن اتخاذ إجراءات عقابية من شأنها أن تدفع بهم إلى العمل تحت الأرض. كما أقنعت إسلام أباد الأمريكيين أيضا أن هذا هو الطريق للمضي قدما. وخلال السنوات الأخيرة لم تشن الولايات المتحدة أي هجمات تقريبا بالطائرات بدون طيار ضد قيادة حركة طالبان الأفغانية. والشيء الذي يبدو أنه قد تغير هو ذلك التقارب المتزايد بين الملا منصور وتنظيم القاعدة الذي يعيد قواعده مجددا في أفغانستان، وينضم إلى داعش وطالبان في النشاط المسلح. وقد أدى ذلك إلى تعهد أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، بالولاء للملا منصور وزعيم طالبان على وعد بالتعاون في المقابل.
وجاء تصاعد العنف في أفغانستان مع وصول القاعدة وداعش ليعني أنه من غير المرجح أن يتمكن الرئيس أوباما من خفض عدد القوات في أفغانستان، كما كان مقررا هذا العام، كما أن هناك شعورا متزايدا في الإدارة الأمريكية بالحاجة إلى اتخاذ خطوات جذرية.
وكان القرار الأمريكي أن الملا منصور وزمرته لن يساعدوا في تحقيق المفاوضات، بل إنهم بدلا من ذلك أصبحوا عائقا في طريقها. وأفادت تقارير أن أوباما هو الذي أعطى الإذن بتنفيذ الهجوم. وقال جون كيري: "لقد قلنا منذ وقت طويل إن منصور يشكل تهديدا لنا وللمدنيين الأفغان، وهذا الإجراء يرسل رسالة واضحة للعالم أننا سنواصل العمل مع شركائنا الأفغان ."
ويبدو أن المخابرات الأفغانية (إدارة الأمن الوطني) قد حصلت على تفاصيل عملية اغتيال منصور قبل الباكستانيين. وقد رفض وزير الخارجية الأمريكية القول ما إذا كانت إسلام أباد على علم بالهجوم قبل وقوعه، وقال انه تحدث إلى رئيس الوزراء نواز شريف، لكن ذلك كان صباح يوم الأحد بعد الضربة الجوية.
وقد سعت وزارة الدفاع الأمريكية إلى التأكيد على أن منصور قد أصبح عقبة في طريق السلام والمصالحة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان. ومنذ وفاة الملا عمر وتولي منصور القيادة، نفذت طالبان العديد من الهجمات التي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين الأفغان وقوات الأمن الأفغانية فضلا عن العديد القوات الأمريكية وأفراد قوات التحالف.
ويأتي مقتل منصور ليعزز موقف الرئيس غاني في أفغانستان والذي يواجه انتقادات حادة حول تزايد الصراع وفشل توجهه المنفتح على إسلام أباد، كما تعتبر عملية الاغتيال الأخيرة بمثابة ضربة لأصدقاء الملا في المؤسسة العسكرية والأمنية الباكستانية وبدء رحلة صراع جديد من أجل قيادة طالبان. أما على الجانب الأمريكي فستشرع واشنطن في تجديد السياسة العدوانية في أفغانستان، وهي الحرب التي كان الرئيس أوباما قد تعهد بإنهاء تورط أمريكا فيها.

كاتب مقال رأي في صحيفة الاندبندنت