منظمات الدفاع عن الاطفال ..... خارج الخدمة

الحدث الأربعاء ٢٥/مايو/٢٠١٦ ٢٣:١٤ م

عواصم – ش

تستهدف جماعة "بوكو حرام" المتطرفة فى نيجيريا تجنيد الأطفال بين صفوفها، فضلا عن النساء أيضا، فيما أطلقت إحدى المنظمات غير الحكومية برنامجا للرعاية لإثناء هؤلاء الأطفال عن الانضمام لمقاتلى تلك الجماعة الإرهابية.
ونشرت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية تحقيقا صحفيا عن تجنيد الأطفال فى النيجر بدأته بشهادة شاب يبلغ من العمر 17 عاما يدعى مصطفى زارامى بشأن شقيقه الأصغر كورومى (14 عاما) الذى هجر الدراسة لينضم إلى صفوف "بوكو حرام"، ويقول مصطفى متحدثا عن شقيقه: "كان يذهب إلى المدرسة فى ديفا (جنوب شرقى النيجر). أتى لزيارة العائلة فى بلدة أساجا (فى نيجيريا قرب الحدود مع النيجر) وتقابل هناك مع عناصر بوكو حرام الذين قالوا له أن الحرب التى يخوضونها هى حرب مقدسة، غنائمها كثيرة.
أبلغوه أيضا أن حياته ستكون سعيدة ما إذا تبعهم، وأنه سيفوز بكل ما يتمنى وسوف يصير زعيما بدلا من أن يظل يقاسى فى هذه الحياة". وقرر الصبى كورومى، بعد هذه المقابلة، أن يترك الدراسة.

بؤس ومعاناة
وأضاف مصطفى زارامى، والعرق يتصبب من جبينه، فى نبرة حزينة: "إن البؤس هو الذى يدفع الناس للانضمام إلى بوكو حرام"، وما على "الجن سوى أن يلمسوك فقط لتسير فى طريقهم. لا أشعر بغياب أخى ولم أعد أود الحديث عنه. لقد أصابونا بالذعر. أشعر بالخوف من أخى لأن من يمشى فى طريقهم لن يعود أبدا".
يدرك جميع من فروا من نيجيريا إلى النيجر أن "بوكو حرام" تتلقف الأطفال لتضمهم إلى صفوفها. لقد لاحظوا بين المقاتلين الذين أغاروا عليهم وسلبوا ديارهم وقتلوا وأشاعوا الرعب فى القرى، عددا من الصغار الذين ولدوا على أيديهم وتربوا بينهم. ويقول بيرى قاسوم مصطفى مدير مدرسة "تام"، إحدى القرى الواقعة على الحدود بين النيجر ونيجيريا: "يرحل أطفالنا تباعا، أسبوعا بعد الآخر.
بدأنا ندرك أننا ربما نفقدهم جميعا. من الأفضل أن نرحل عن البلدة لننقذ من بقى منهم"، مضيفا: "تتلاعب بوكو حرام بالناس. فهى أن أعطت المال إلى شخص ما لا يعمل، سيمضى فى طريقهم دون أن يدرى أنه طريق بلا عودة، لأنه طريق الإرهاب".
ويرى أن الفئة الأكثر تعرضا للخطر، هى "الأطفال المتسربون من التعليم الذين ينضمون إلى بوكو حرام نظرا لجهلهم. وهناك أيضا عامل الترهيب إذ تخطف الجماعة المتشددة بعضهم بالقوة". ترى "بوكو حرام" (تعنى التعاليم الغربية حرام) أن التعليم هو العدو، حيث يواصل مدير المدرسة حديثه: "كنت أول من تعرض لتهديداتهم. إنهم أشقاؤنا الصغار، إنهم يعرفوننا. كانوا يهددوننى مباشرة فى مكالماتهم معى عبر الهاتف المحمول وهم يقولون لى: إنك تريد التعليم على طريقة البيض، سوف نذبحك ونأخذ منك تلاميذك. لقد حاولت أن أوضح لهم الأمر ولكن ليس من السهل أن تفسر لشخص التحق بجماعة إرهابية شيئا أخر بخلاف ما لقنوه إياه.
استمر ذلك طوال ثلاث أو أربع سنوات ولكننى لم أبرح مكانى رغم كل ذلك. لقد كسرت شريحة هاتفى المحمول كى لا يستطيعوا الاتصال بى مرة أخرى". بفضل دعم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وجهود منظمة "كوبي" الإيطالية غير الحكومية، أعادت مدرسة "تام" فتح أبوابها بعد أن أغلقت تماما فى يوليو الماضى عقب اجتياح مسلحى "بوكو حرام" القرية. ويقول مدير المدرسة الذى يعتقد أنه استطاع صرف الأطفال عن الإنصات لأحاديث عناصر تلك الجماعة الإسلامية المتشددة: "يسير العمل فى المدرسة بشكل جيد جدا. يأتى الكثيرون إلى المدرسة الآن"، مضيفا: "أوضحنا لهم جيدا ما هى بوكو حرام ومن هم الجنود الأطفال، أدركوا أن الانضمام إليها مضيعة للوقت ولا طائل من وراء ذلك".

تقرير مخيف
في فبراير الفائت قال تقرير أمريكي إن عدد الأطفال الذين لقوا حتفهم وهم يقاتلون في صفوف تنظيم داعش قد تضاعف العام الماضين مقارنة بتقدير سابق.
وقد درس باحثون بجامعة ولاية جورجيا دعاية تنظيم داعش على مدار 13 شهرا.
وزعمت الدعاية أن 89 صبيا تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاما لقوا حتفهم في مواقع قتالية.
كما توصل الباحثون إلى أن عدد الأطفال الذي شاركوا في معارك العام الماضي تضاعف ثلاث مرات مقارنة بعددهم عام 2014.
وذكرت البيانات، التي أصدرها مركز مكافحة الإرهاب التابع للجيش الأمريكي في ويست بوينت، أنه بين يناير 2015 ويناير2016، لقي 39 بالمئة من الصبية حتفهم في تفجيرات بسيارات ملغومة و33 بالمئة في معارك.
وقال تشارلي وينتر، أحد معدي التقرير، لبرنامج فيكتوريا ديربيشير:" بالتأكيد عدد من لقوا حتفهم أكبر بكثير، ولكن هؤلاء هم فقط من أعلن عنهم تنظيم الدولة الإسلامية خلال العام الماضي."
الجنسيات
ورغم أن التنظيم لم يعلن أسماءهم أو أي تفاصيل عن خلفياتهم، إلا أن الباحثين استطاعوا تقدير أعمارهم وجنسياتهم.
ويعتقد الباحثون أن 60 بالمئة منهم تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عاما، بينما 6 بالمئة تتراوح أعمارهم بين 8 و12 عاما.
ونحو 18 بالمئة من الصبية لقوا حتفهم في هجمات لا أمل لهم في النجاة منها – يطلق عليها إنغماسي- حيث "ينغمس" الصبي خلف خطوط العدو ويفتح النار علنا عليه حتى يلقى الصبي مصرعه.
وتم تصنيف أحد أصغر الانتحاريين باعتباره في فئة "قبل المراهقة"، بين 8 و12 عاما، ولقي حتفه الشهر الماضي في محافظة حلب في هجوم انتحاري على هدف للمتمردين. ونشرت الدولة الإسلامية صورته وهو يودع والده.
وألقى التقرير بعض الضوء على حجم حركة الأطفال بين العراق وسوريا، حيث يسيطر داعش على مساحات واسعة.
فأكثر من نصف القتلى في العراق، ولكن أغلبهم من السوريين. وهذه يبين أن تنظيم داعش قادر على تدريب الأطفال المقاتلين في سوريا ثم نشرهم في العراق.
وجاء القتلى الآخرون من اليمن والسعودية وتونس وليبيا وعدد قليل من بريطانيا وفرنسا وأستراليا ونيجيريا.
ويشير التقرير إلى أن التنظيم يستخدام الأطفال إلى جانب الكبار، بدلا من استخدامهم في عمليات متخصصة.
وقال وينتر إنه لمن المدهش أن أطفال تنظيم داعش وصبيتها يعملون ميدانيا بنفس أساليب الكبار.
وأضاف قائلا:" في النزاعات الأخرى، قد يتم اللجوء لاستخدام الجنود الأطفال كورقة استراتيجية أخيرة، أو كوسيلة لتعويض الخسائر البشرية في المعارك أو في عمليات متخصصة يكون فيها الكبار أقل فعالية. ولكن في حالة تنظيم الدولة الإسلامية فانه يتم استخدام الأطفال بنفس الطريقة التي يتم بها استخدام الكبار."
وتابع قائلا إن عدد الأطفال الذين تجندهم داعش يثير القلق.
وقال:" لا يمكننا تخيل عالم ما بعد تنظيم داعش ، إذا لم نفكر بعناية في كيفية تفكيك حشود هؤلاء الأطفال ونزع سلاحهم وإعادة دمجهم في حياة الطفولة العادية.
ويضيف أنه "لا يوجد أية نماذج سابقة لمنظمة متطرفة عنيفة مثل تنظيم داعش في استغلالها للأطفال على هذا النطاق الواسع."
وأضاف قائلا:" وفيما يتزايد الضغط العسكري على التنظيم أتوقع أن يتوسع أكثر في تجنيده للأطفال."