مؤشرات ترجح : بريطانيا باقية في الاتحاد الاوروبي

الحدث الأربعاء ٢٥/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٥٣ ص
مؤشرات ترجح : بريطانيا باقية في الاتحاد الاوروبي

لندن – ش – وكالات

شهر واحد يفصل بريطانيا عن موعد الاستفتاء "التاريخى" الذى تنتظره البلاد لتحديد ما إذا كانت ستستمر عضويتها داخل الاتحاد الأوروبى أم ستغادر لتحدث سابقة من نوعها فى تاريخ القارة الأوروبية
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة (أو.آر.بي) ونشر في طبعة امس الثلاثاء لصحيفة تليجراف أن معسكر المؤيدين لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي يتقدم بفارق 13 نقطة على المعسكر المنافس في حملة الاستفتاء على عضوية بريطانيا بالاتحاد.
وأظهر الاستطلاع أن نسبة التأييد لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي- بين الذين حسموا أمرهم بالمشاركة في الاستفتاء- تبلغ 55 في المئة مقارنة مع 42 بالمئة يريدون الخروج من الاتحاد.
ويدلي البريطانيون بأصواتهم يوم 23 يونيو حزيران في الاستفتاء على بقاء أو خروج بريطانيا من الاتحاد الذي يضم 28 دولة.

عد تنازلي
ومع بدء العد التنازلى لهذا الاستفتاء المصيرى، اظهرت استطلاعات الرأى خلال الفترة الفائتة تقاربا شديدا بين معسكرى المؤيدين والمعارضين للبقاء داخل الاتحاد الأوروبى مع تقدم ملحوظ مؤخرا لمعسكر المؤيدين، ويرجع البعض هذا التقدم النسبى إلى تزايد حملات التخويف وموجة التحذيرات المهولة التى يطلقها مناصرو البقاء حول مساوىء مغادرة الاتحاد الأوروبى على بريطانيا والتداعيات الخطيرة التى تنتظرها فى حالة وقوع ذلك، ومن أبرز هؤلاء رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون الذى يعتبر من أبرز المؤيدين لمعسكر الاستمرار داخل الكتلة الأوروبية وذلك بعد نجاحه فى التوصل إلى حزمة من الإصلاحات مع الأعضاء الأوروبيين أوائل العام الجارى

حملة تخويف
وفى هذا السياق يكشف تقرير أعدته مؤخرا وزارة الخزانة البريطانية عن أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى سيسبب ركودا لمدة عام ويخفض نمو الاقتصاد بنسبة 3.6%، كما ذكر التقرير أنه سيكون هناك ارتفاع حاد فى معدلات التضخم وزيادة فى أسعار السكن بنسبة 10%، الأمر الذى أثار انتقادات حادة من قبل معسكر المعارضين للاستمرار داخل الاتحاد.. معتبرين أن التقرير لم يكن موضوعيا وأنه تجاهل جميع"الإيجابيات" التى ستعود على بريطانيا من مغادرة الاتحاد ليشكل وسيلة ضغط على آراء المواطنين فى بريطانيا. ويعتبر المراقبون أن هذا الاستفتاء يعد بمثابة استفتاء على مصير الاتحاد الأوروبى، فهو لم يعد شأنا داخليا لبريطانيا، بل بات معضلة أوروبية دولية تهدد بوقوع انقلاب فى المشهد الدولى العام. وتظهر العديد من استطلاعات الرأى التى أجريت مؤخرا أن نحو نصف الناخبين فى 8 دول كبيرة بالاتحاد الأوروبى يريدون أن يتمكنوا من التصويت على ما إذا كانت بلادهم ستستمر فى الاتحاد الأوروبى مثلما سيفعل البريطانيون فى استفتاء الشهر المقبل، كما تظهر نتائج تلك الاستطلاعات أن الثلث سيختارون الانسحاب من الاتحاد الأوروبى إذا مُنحوا هذه الفرصة وأن حجم التصويت المحتمل بالانسحاب تراوح بين نسب مرتفعة بلغت 48 و41% فى إيطاليا وفرنسا، ونسب منخفضة بلغت 22 و26% فى بولندا وإسبانيا. ويرى المراقبون أن البريطانيين الذين يصوتون فى استفتاء يونيو لا يصوتون فقط على خروج المملكة من الاتحاد، وإنما على مصير التكتل الأوروبى برمته، فبريطانيا واحدة من أهم القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية فى الاتحاد الأوروبى، فضلا عن كونها عضوا فى مجلس الأمن الدولى ودولة نووية كعضو فى حلف شمال الأطلنطى وبالتالى فإن خروج بلد مهم كهذا من التكتل الأوروبى من شأنه إعطاء انطباع سلبى عن أوروبا وقد يؤدى إلى تراجع مكانة الاتحاد على الساحة العالمية ويجعل منه قوة من الدرجة الثانية، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء الفرنسى مانويل فالس حين قال أن خروج بريطانيا سيؤثر على "رؤية العالم لأوروبا". ويرجح هذا الفريق من المراقبين أنه فى حالة تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد فإن ذلك من شأنه تشجيع دول أخرى على إجراء استفتاءات جديدة لمغادرة الكتلة الأوروبية خاصة فى ظل الأزمات المتفاقمة التى تواجهها أوروبا حاليا وتراجع شعبية مشروع الوحدة الأوروبية وانتشار البطالة فى العديد من الدول الأعضاء وتزايد استياء المواطنين من سياسات الاتحاد التى أصبحت أكثر تدخلا وتقييدا لحياة الأوروبيين، أو بمعنى آخر أصبحت تشكل عبئا كبيرا عليهم، وفى حالة وقوع ذلك فإن هذه المغادرات الجديدة ستتسبب فى انهيار هذا التكتل الأوروبى مما قد يخلق خللا كبيرا فى ميزان القوى العالمية. وفى ضوء ما سبق يبقى رهان الاستفتاء غير محسوم فى المرحلة الراهنة، غير أن المؤكد فى هذا المشهد أن بريطانيا مقبلة الشهر القادم على مرحلة فارقة فى تاريخها قد تشهد خلالها تحولات جذرية تغير مسار القارة الأوروبية بأكملها.

حملة سلبية
من جانبها انتقدت الوزيرة الأولى فى أسكتلندا، نيكولا ستورجيون تركيز الحكومة البريطانية على التحذير من الخطر الاقتصادى لخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن "الحملة السلبية" قد تنفر الناخبين وتدفعهم نحو التصويت للمغادرة". وحذرت الوزيرة الأولى - خلال أحد الحملات المؤيدة للبقاء - إن حملة الحكومة البريطانية القائمة "على الخوف" قد يكون لها تأثير سلبى على الناخبين، منتقده وزير الخزانة، جورج أوزبورن وتحليل وزارته مستندة على خبرتها فى الاستفتاء على استقلال أسكتلندا عن المملكة المتحدة فى عام 2014. وأوضحت للصحفيين فى وستمنستر "نعرف من استفتاء استقلال أسكتلندا إن وزارة الخزانة، تميل إلى تضخيم ادعاءاتها، وغالبا ما تتخطى الحدود إلى إهانة الناس تقريبا"، معبرة عن أملها اختيار حملة إيجابية خلال الأسابيع المقبلة.. وتابعت "الحملة الانتخابية القائمة على الخوف، وعندما تبدأ فى إهانة ذكاء الناس، يمكن أن يكون لها تأثير سلبي." يأتى تحذير الوزيرة الأولى فى أسكتلندا وزعيمة الحزب القومى الإسكتلندي، بعد صدور تقرير من 83 صفحة من وزارة الخزانة يبحث التأثير الاقتصادى على المدى القصير لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيما صرح وزير الخزانة، جورج أوزبورن، بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى سيتسبب فى فقدان العائلات البريطانية لنحو 820 ألف فرصة عمل، إضافة إلى دخول الاقتصاد البريطانى فى فترة ركود تستمر لمدة عامل كامل. وفى كلمته بجانب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون فى هامبشاير، حذر وزير الخزانة، من أن الخروج المحتمل لبريطانيا سيؤدى إلى خفض قيمة الجنيه الاسترليني، وزيادة التضخم، وانخفاض قيمة المنازل، وكذلك انخفاض الدخل السنوى للأفراد بنحو 800 جنيه استرلينى فى المتوسط. وفى التحليل الثانى والأخير لوزارة الخزانة قبل استفتاء يوم 23 يونيو القادم، توقع تقرير الوزارة انخفاض الناتج المحلى الإجمالى البريطانى بنسبة 6ر3% فى حالة تصويت البريطانيين للخروج.