ماذا يعيب تعويضات المسؤولين التنفيذيين؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٥/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٣٩ ص
ماذا يعيب تعويضات المسؤولين التنفيذيين؟

لوسي ماركوس

إنه موسم الاجتماعات العامة السنوية للشركات العامة في مختلف أنحاء العالم. وكما كانت الحال في السنوات السابقة، كانت قضية واحدة كافية لنقل أخبار الشركات من قسم الأعمال إلى الصفحة الأولى: وهي قضية رواتب المسؤولين التنفيذيين. تواصل الشركات الإعلان عن حزم التعويضات التي تقدمها لكبار مديريها والتي تصيب الناس بالدهشة، ليس فقط لأن الفجوة بين أعلى العاملين في الشركات أجرا وأدناهم أجرا أصبحت شديدة الاتساع، بل وأيضا لأن التعويضات لا ترتبط بأداء الشركات إلا قليلا.
ومع ذلك، بدأت حملة مضادة متضافرة، بقيادة مجموعة ربما يتعين على الشركات ومجالس إداراتها أن توليها اهتماما حقيقيا: والتي تتألف من أكبر المستثمرين وأكثرهم نفوذا في الشركات. إذ تصرح صناديق التحوط، وصناديق التقاعد، وصناديق الثروة السيادية بأنها تدرس عن كثب أجور كبار المسؤولين التنفيذيين، وأن الوقت حان للتعامل مع قضية الإصلاح بجدية.
وقد ذَكَر صندوق الثروة السيادية في النرويج، والذي تبلغ قيمته 870 مليار دولار أميركي أنه يعكف على دراسة هياكل الأجور. وكانت شركة أبردين لإدارة الأصول وشركة رويال لندن لإدارة الأصول بين مجموعة من المساهمين الذين اعترضوا بقوة على الزيادة التي اقترحتها شركة بريتيش بتروليوم بنسبة 20% في حزمة تعويضات الرئيس التنفيذي بوب دودلي في عام حيث سجلت الشركة خسائر غير مسبوقة، وانضموا إلى 59% من المستثمرين في رفض الحزمة. ورغم أن تصويت بريتيش بتروليوم لم يكن ملزما، فإن الرسالة كانت واضحة للشركة ومجلس إدارتها.
على نحو مماثل، عارض 54% من المساهمين في شركة رينو، وبينهم الحكومة الفرنسية، حزمة مكافأة الرئيس التنفيذي كارلوس غصن بقيمة 25 مليون يورو (28 مليون دولار أميركي) في اجتماع الجمعية العامة السنوي في إبريل/نيسان. ولم يكن التصويت ملزما أيضا، واختار مجلس الإدارة تجاهله.
ولكن لم يعد من الممكن تبرير تجاهل مشاعر المساهمين. فقد انتشر السخط في مختلف القطاعات، من القطاع المصرفي حيث تتعالى الأصوات المنادية بالمراجعة في بنك لويدز، إلى وسائل الإعلام والإعلان، مع الاحتجاج مرة أخرى بشأن الأجر المقدم لمارتن سوريل رئيس شركة دبليو بي بي للإعلان؛ والواقع أن آخر حزمة حصل عليها، بقيمة 70.4 مليون جنيه إسترليني، تجعله أعلى رئيس تنفيذي أجرا في المملكة المتحدة.
وفي الاجتماع العام السنوي في بيركشاير في إبريل دعا وارين بافيت إلى خطط تعويض تتلاءم مع احتياجات قطاع الأعمال، وليس العكس. ويحدث هذا عندما "يعمل رئيس تنفيذي شديد الجشع على تصميم سلسلة هرمية تجعل مجموعة كاملة من أشخاص آخرين على طول الطريق يحصلون على أجور مفرطة... حتى لا يبدو الأمر وكأنه الوحيد في مثل ترتيبات التعويض الرائعة هذه التي رتبها لنفسه".
يتمثل جزء من القضية في أن حزم تعويضات المسؤولين التنفيذيين أصبحت شديدة التعقيد. فقد ولت الأيام حينما كان كبار المسؤولين التنفيذيين يقومون بوظيفتهم فيحصلون على الأجر. وبات الأمر وكأن لجان التعويض تتبع تعليمات صن تسو في "فن الحرب". "فالسر بالكامل يكمن في إرباك العدو، حتى يصبح عاجزا عن فهم نوايانا الحقيقية". والواقع أن تفسيرات حسابات التعويض والأجور والمكافآت قد تشغل صفحات طويلة، ولا يستطيع أعضاء مجلس الإدارة من خارج لجنة التعويضات أن يكشفوا عنها.
من المؤكد فضلا عن ذلك أن أهداف المكافآت معيبة جوهريا. فالأسواق مشحونة "بالمجهولات المجهولة". ولا تعرف مجالس الإدارة غالبا ما الذي يجب أن يحدث لاحقا. وهذا يعني تحديد أهداف تستند إلى الماضي أو المكافأة المفترضة في المستقبل لمكافأة ما نتصوره حاليا وليس الأداء الحقيقي. وعندما يكون الأجر مدفوعا بالتزام صارم بأهداف تم تحديدها قبل 12 شهرا، ينظر المسؤولون التنفيذيون إلى الوراء بدلا من التركيز على الحاضر وعلى ما يأتي لاحقا. وينبغي للتعويض أن يعكس ما إذا كان المسؤول التنفيذي انتصر في كل المعارك ولكنه خسر الحرب.
ولكن تجنب ما يمكن تسميته "مفارقة دودلي" ــ حيث يحصل الرئيس التنفيذي على مكافأة ضخمة لتحقيق الأهداف، حتى في حين تعاني الشركة من خسائر كبيرة ــ يستلزم توقف مجالس الإدارات عن تفويض مناقشة الأجر بالكامل للجنة التعويضات وانتظار وصول القرارات، وهي مقيدة بحكم الأمر الواقع. وينبغي لمجلس الإدارة بالكامل أن يراجع عمليات الشركة واستراتيجيتها بكل دقة؛ وآنذاك فقط ينبغي للجنة التعويض أن تشرع في إنشاء برنامج لتحديد التعويضات.
ومن المهم بشكل خاص أن نستعين بمثل هذا البرنامج عند تعيين رئيس تنفيذي أو أحد كبار المسؤولين التنفيذيين. وفي قت يتسم بقدر كبير من الأمل والرغبة في اجتذاب المرشح، قد يؤدي اليأس أو الحماس إلى إصدار أحكام هزيلة وحزم رديئة الصياغة، والتي بمجرد التفاوض عليها تصبح غير خاضعة لتصويت المساهمين. ومن الأمثلة المهمة على ذلك كان عندما فصلت شركة ياهو هنريك دي كاسترو في عام 2014. وبعد 15 شهرا فقط من شغله منصب كبير مديري الشركة، رحل دي كاسترو وهو يحمل معه 109 مليون دولار.
وأخيرا، لابد أن يُظهِر المسؤولون التنفيذيون الزعامة الحقيقية في الكيفية التي يديرون بها المفاوضات حول تعويضاتهم. فإذا كانوا مسؤولين عن كل الجوانب في الشركة، فلا يجوز لهم أن يتخلوا عن المسؤولية باتخاذ موقف "أنا أستسحق ذلك" عندما تصبح الأخبار عن تعويضاتهم الضخمة علنية. ومن الأهمية بمكان أن يدركوا أنه لا يوجد قانون يلزمهم بأخذ ما يمكنهم الحصول عليه. فيمكنهم أن يحققوا الأهداف ويكتسبوا الأجر، ولكن ينبغي لهم أن ينظروا إلى نتائج الشركة وأن يختاروا تعديل الإجمالي وفقا لذلك. ويتعين على المسؤولين التنفيذيين أن يتحدثوا عن أعمال الشركة مع العاملين لديهم والمستثمرين والعالم الأوسع، لا أن يحصروا أنفسهم في الاجتماعات العامة السنوية للدفاع عن رواتب الفريق التنفيذي.
لن تتوقف الثورة ضد حزم الأجور الكبيرة. وتشير كل الحالات الواردة في التقارير إلى أن الكثير لا يزال يختمر تحت سطح التدقيق العام. وما لم تعالج الشركات بشكل مباشر التعبير الصامت عن الضيق بين أعضاء مجالس الإدارة والتذمر في أوساط المستثمرين، فسوف تجد نفسها على الصفحات الأولى قريبا.
مؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة ماركوس للاستشارات الاستثمارية، وأستاذة القيادة والحوكمة في كلية آي إي للأعمال.