القطاع الخاص .. واستقرار الأيــدي العامـلـة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٥/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٣٩ ص
القطاع الخاص .. واستقرار الأيــدي العامـلـة

محمد محمود عثمان

تحتاج أسواق العمل دائما إلى الاستقرار في شتى المجالات التشريعية والتنظيمية التي تجعل العلاقة بين الإنتاج والأجر علاقة طردية، وهي من أهم العلاقات التي تنظم آليات العمل وتتحكم في منظومة الإنتاج باعتبارها المعيار الحيوي في الاستقرار والمدخل إلى تجويد الإنتاج وزيادة الإنتاجية، ولا سيما عندما يحقق الأجر طموحات العمال ويوجد علاقة متوازنة بين الجهد والإشباع النفسي والرضا عن العمل، في ذات الوقت ، لأن هذه المنظومة تحقق نوعا من التوافق بين العمل والعاملين والمجتمع أيضا ،الذي يستفيد من كل ذلك لشعوره بالأمن والاستقرار في ظل الالتزام والمسؤولية المتبادلة أيضا ، التي توفر للعامل المزايا المادية والأدبية التي تتناسب مع المركز الاجتماعي اللائق بطبيعة العمل أو الوظيفة، ولا شك أن ذلك يحقق السلام الاجتماعي بين فئات المجتمع ويرفع من معنويات العاملين، وهذا ينعكس إيجابيا على القطاع الخاص الذي سيستفيد من ذلك على المدى الطويل، لأنه إذا ظلت مستويات الأجور منخفضة فسوف تهجر الأيدي العاملة الوطنية العمل في القطاع الخاص،بعد اكتسابها الخبرة المناسبة التي تؤهلها للعمل والإبداع ، وهناك دور كبير للنقابات العمالية الجادة التي تعى تماما مسؤوليتها الوطنية في ذلك تجاه كل فئات وجنسيات العمل ن وعليها دائما أن تستبق الأحداث وألآ تظل في موقف ردود الأفعال التي تفرضها الظروف أت تستدعيها المواقف ، لأن القوانين عليهاأن تضع الحدود الدنيا للأجور استنادا إلى معطيات اجتماعية ومتطلبات اقتصادية، توائم بين إجمالي الدخل والاحتياجات، وليست بين الاحتياجات والأجر، وحيث إن معظم الوظائف بالقطاع الخاص ولا سيما في المستويات الدنيا والمتوسطة كانت في حاجة إلى تعديل نظام الأجور بها بخاصة أن القطاع الخاص هو المجال الحقيقي للتوظيف على المدى البعيد بما يتيحه من فرص عمل جديدة أمام جحافل الخريجين الجدد ، بعد أن اكتظت مكاتب ودواوين الحكومات بالعاملين وتشبعت بهم المؤسسات الحكومية والوزارات التي أصبحت عاجزة عن استيعاب أي أعداد أخرى على الأقل في المستقبل القريب ، ومن ثم فإن كل التوجهات واضحة للحفاظ على الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص على الرغم من المعاناة الاقتصادية التي تمر بها شركات ومؤسسات القطاع الخاص في ظل اسعار النفط المتدنية والأزمات التي تمر بها معظم الاقتصاديات النفطية نتيجة لذلك ، وتوقف أو تعثر بعض المشروعات والاستثمارات الجديدة، ومن الضروري أن يعي القطاع الخاص هذه الإشكالية وهى المحافظة بقدر الإمكان على أكبر عدد من الأيد العاملة المدربة والمنتجة حتى معى استمرار الأزمة لتحقيق استقرار العاملين في هذا القطاع ،و للحد من دوران الأيدي العاملة إلى حد ما ، ومشاركتهم في
عمليات التنمية الاقتصادية المستدامة، في شتى المجالات، وبما يسهم في الارتقاء بمستوى دخل الأسر والأفراد ويدعم الاستقرار الأسري واستقرار المجتمع وتحقيق الأمن الاجتماعي وتخفيف الضغوط الحياتية ومشاكلها ،
وتبقى خطوة أخرى على طريق الاستقار وهى القدرة على الحد من الفجوة القائمة بين مستوى أجور المعينين حديثا والأقدم منهم، والذين سبقوهم في العمل منذ سنوات، لأن الموظفين الأقدم الذين تجاوزوا هذا الحد من الأجر وبما لديهم من خبرات أكثر في العمل، قد يطالبون بزيادة رواتبهم بنسب مماثلة، لأن إغفال معالجة هذه النقطة قد يؤثر سلبا على دافعية هؤلاء نحو العمل والإنتاج وتثبيط همتهم، عندما يشعرون بعدم المساواة، حتى مع العاملين الأحدث منهم في العمل، ومن هنا فإن المعالجة الصحيحة، يمكن أن يضعها المشرع من خلال إيجاد البدائل والحوافز التي تعوض العاملين القدامى في القطاع الخاص حتى يتساوا في سلم المرتبات، ولو تحقق ذلك بأسلوب علمي ومنهجي ولو على مراحل متدرجة، لأن إغفال ذلك قد يكون له تكلفة اجتماعية ومادية أكثر على الاقتصاد وعلى المجتمع لسنوات طوال، ، ولا شك أن شركات القطاع الخاص الكبرى سوف لا يشكل ذلك عبئا ثقيلا بالنسبة لها، لأن مستوى الأجور لديها مناسب وفي بعض الأحيان أفضل من مرتبات الحكومة والقطاع العام ، كما أن أعباء الأجور الإضافية لا تسبب لها خسائر لأنها قد تقتطع من الاحتياطيات أو الأرباح، إلا أننا قد نجد تأثيرا على بعض المصانع والشركات الصغيرة والمتوسطة – ومنها المتعثر- التي ستجد نفسها أمام خيارات صعبة منها عدم الاعتماد بشكل أساسي على الأيدي العاملة الوطنية أو الاستغناء عن عدد كبير منها، ومحاولة الاستعانة بالأيدي العاملة الوافدة والرخيصة نسبيا، أوأن تغلق أبوابها، أو تحميل أعباء الزيادات في الأجور على المستهلكين بإضافتها على أسعار السلع والمنتجات والخدمات التي تقدمها، حتى يمكنها تمويل هذه الزيادات وتحقيق هامش الربح الذي ترتضيه، خاصة إذا لم تحصل على دعم حكوميمناسب يعوضها ولو عن جزء من ذلك.
--------------------------------
*mohmeedosman@yahoo.com