المشاريع الخاصة وجهة العمانيين لإقتصاد المستقبل

مؤشر الثلاثاء ٢٤/مايو/٢٠١٦ ٢٣:٠٧ م
المشاريع الخاصة وجهة العمانيين لإقتصاد المستقبل

مسقط- فريد قمر

ساهم النمو الاقتصادي في السلطنة إلى إرتفاع عدد القوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص، وذلك بفضل السياسات التي تنتهجها الحكومة والتي تهدف إلى زيادة نسبة التعمين في البلاد، غير أن قراءة في أرقام توزّع القوى العاملة على القطاع الخاص في السلطنة، الصادرة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات قبل أيام، تظهر أن الاتجاه العام لا بد ان يكون نحو وظائف في قطاعات محددة، فضلاً عن تنمية مهارات التوظيف الذاتي وتأسيس المشاريع الخاصة.
وتشير أرقام المركز المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن نحو 210 آلاف عماني يعملون في القطاع الخاص حتى نهاية أبريل الفائت، وبزيادة بلغت نحو 0.2 في المئة مقارنة بشهر مارس الذي سبقه، ونسبة الزيادة هذه ليست ضئيلة إذا اعتبرنا أنها نسبة شهرية، فإذا استمرت الزيادة بالوتيرة نفسها ستبلغ أكثر من 3 في المئة سنوياً على اعتبار أنها نسبة تراكمية. لكن في المقابل تظهر هذه الأرقام أن ثمة فرصاً حقيقية للباحثين عن عمل لاختيار القطاعات التي يجب ان يصوبوا اهتمامهم نحوها.
واقع القطاع الخاص
ففي مقابل 210 آلاف عماني يعملون في القطاع الخاص، نجد أن أكثر من مليون و703 آلاف وافد يعملون في القطاع نفسه. وإذا كان ميزان التوظيف يميل بشدة نحو العمال الوافدين، فهذا لا يعني مطلقاً أن القطاع الخاص غير صحي أو غير سليم، لا سيما إذا أمعنا بطبيعة الوظائف ونسبة توزع القوى العاملة الوطنية والأجنبية فيها.
وفي الإحصاء نفسه نجد أن نحو 39 في المئة من القوى العاملة الوافدة (نحو 650 ألفاً) يعملون في قطاع الإنشاءات، وهو من القطاعات الأكثر نمواً في السلطنة، وفي المقابل فإن 25 في المئة من القوى العاملة العمانية (نحو 52 ألفاً) تعمل في القطاع نفسه، وهذه النسبة رغم ارتفاعها ورغم الفارق في الأرقام فهي وصلت تقريباً إلى حدها الأقصى، لا سيما أن التنوع الاقتصادي الذي تنشده السلطنة يجب أن ينعكس على التنوع الوظيفي. ومن الصحي أن تتوزع القوى العاملة الوطنية على قطاعات عدة بدلاً من أن تنحصر في قطاعات محدودة. فضلاً عن أن زيادة نسبة العمانيين العاملين في هذا القطاع إلى مستويات أعلى بكثير ستؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنشاءات بشكل الكبير وبالتالي حصول تضخم في أسعار العقارات المنشأة وبالتالي أسعار الشقق والتأجيرات بما يشكل عبءاً إضافياً على الاقتصاد.
وفي الإحصاء نفسه نجد أن 11 في المئة من القوى العاملة الوافدة (أكثر من 185 ألفا و500 وافد يعملون لدى "أسر خاصة تعين أفراداً للقيام بالأعمال المنزلية") مقابل صفر من العمانيين. وهو أمر لا يمكن أن يتولاه العمانيين لأسباب اجتماعية واقتصادية مختلفة، ولذلك لا يمكن أن تؤخذ هذه النسبة في الحسبان عند التفكير بالمنافسة القوى العاملة الوافدة للوطنية منها.
وبذلك إذا تم جمع القطاعين، نجد أن نحو 50 في المئة من الوظائف في القطاع الخاص لا يمكن للقوى العاملة العمانية ان تؤدي دوراً أكبر فيها.

قطاعات واعدة وظيفياً
أما الرقم الآخر الذي يجب الوقوف فهو عدد العاملين في قطاع تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية والسلع الشخصية والأسرية ويبلغ 33 ألفا و691 عمانياً مقابل 221 ألفاً و307 وافدين، أي ما نسبته 15 في المئة فقط، وهذا القطاع من الممكن أن يكون للعمانيين دور اكبر فيه. وكذلك قطاعات التعليم وقطاعي الزراعة والصيد احيث يمكن ان تؤدي القوى العاملة الوطنية دوراً أكبر فيهما.

الصيد والزراعة
وتظهر الأرقام ان 1130 فقط هو عدد القوى العاملة الوطنية في قطاع الصيد والزراعة مقابل أكثر من 91 الف وافد، وبالنسبة للتعليم فإن ربع العاملين في القطاع هم من العمانيين فقط (نحو 5500 مقابل نحو 15250 وافدا) وكذلك الامر بالنسبة للقطاع السياحي وتحديداً الفنادق والمطاعم حيث لا تتجاوز نسبة القوى العاملة العمانية فيها 6800 عاملاً مقابل أكثر 104 آلاف وافد) لا سيما أن هذا القطاع هو من القطاعات المنوي تطويرها في السلطنة ضمن الخطة الخمسية الجديدة التي انطلق في بداية العام الجاري. ولا يمكن أن يتطور عدد القوى العاملة الوطنية في هذا القطاع ما لم تتغير النظرة إليه ومنحه الأولوية على قائمة الوظائف المطلوبة، لا سيما أن ذلك من شأنه ان يساهم في تطوير القطاع السياحي الذي يعبر عن هوية السلطنة.
ومن الواضح كذلك، أنه في إمكان القوى العاملة الوطنية ان تطور حضورها في قطاع الانشطة العقارية والتجارية إذ يبلغ عدد القوى العاملة الوطنية في القطاع نحو 23 ألف عامل، مقابل نحو 85 الف وافد.

التوظيف الذاتي
وإذا اعتبرنا أن الميزان الوظيفي يميل إلى القوى العاملة الوافدة في القطاع الخاص، فهذا لا يعني أبداً أن على القطاع العام أن يعوض عن تلك النسبة لأن ذلك سيؤدي إلى تضخم في الإنفاق ويؤدي إلى نتائج اقتصادية سلبية، لذا لا بد أن يكون الحل من خلال المشاريع الخاصة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فهذا القطاع الذي يعد شكلاً متطوراً من القطاع الخاص، يعد أساسياً في تطوير الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل كما يؤدي إلى تنشيط الدورة الاقتصادية الكلية في البلاد، فضلا ًعن امكانية تطور تلك المشاريع وتحقيق أرباح كبيرة إذا ما اقترنت بالمهارات الإدارية اللازمة. ومن شأن ذلك فيما بعد، يجاد المزيد من فرص العمل، لذلك وبحسب الأرقام، يبدو اساسياً إعطاء هذا القطاع الاهتمام الذي يستحقه، وهذا ما بدأ يحصل فعلياً من خلال التسهيلات الجديدة التي دخلت على التشريعات الخاصة بالاستثمار وإعفاء المؤسسات المسجلة حديثاً من بعض المستندات المتعلقة برأس المال وغيرها من الاشتراطات التي أعلنت عنها وزارة القوى العاملة قبل أيام، وكذلك فإن من شأن القطاع المصرفي أن يساهم في دعم هذا القطاع من خلال برامج التمويل الجزئي أو الكلي لهذه المشاريع فضلاً عن تقديم المشورة اللازمة لمن يريدون الدخول في هذا القطاع، وهو ما بدأ عدد من المصارف بتطبيقه عملياً.
قطاعات مختارة
وبذلك تظهر الأرقام أنه في إمكان الباحثين عن العمل من العمانيين أن يسعوا لتطوير مهاراتهم المهنية في قطاعات محددة من بينها قطاع الأنشطة العقارية والتجارية، وقطاع السياحة بالإضافة إلى قطاع الزراعة والصيد وقطاع تجارة الجملة والتجزئة. فضلاً عن قطاع التعليم الذي يجب أن يكون من أولويات الاختصاصات الدراسية.
أما التركيز الأكبر فيجب أن يكون على التوظيف الذاتي واكتساب مهارات إنشاء وإدارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لأنها ستكون النواة الاساسية للاقتصاد العماني الجديد الذي بدا يرى النور مع انطلاق الخطة الخمسية التاسعة.