لماذا فاز الفيلم البريطاني "انا دانييل بليك" بالسعفة الذهبية

مزاج الثلاثاء ٢٤/مايو/٢٠١٦ ٠١:٠٦ ص
لماذا فاز الفيلم البريطاني "انا دانييل بليك" بالسعفة الذهبية

كان – عبدالستار ناجي
سؤال محوري حول الاسباب التي أهلت فيلم "انا دانييل بليك" للفوز بالسعفة الذهبية، وللاجابة على هذا السؤال لا بد من التعرف على لائحة الجوائز التي اعلنتها لجنة التحكيم برئاسة المخرج الاسترالي جورج ميلر والتي جاءت قريبة جدا من التوقعات، مؤكدة على النهج الذي يسير عليه مهرجان كان حيث سينما المؤلف هي الحاضر والفاعل الاساسي.
في المحطة الاولى نتعرف على قائمة الجوائز التي جاءت كالتالي:
- السعفة الذهبية: فيلم "انا دانييل بليك" للبريطاني كين لوش.
- الجائزة الكبرى: فيلم "حتى نهاية العالم" للمخرج الكندي اكزافيية ديلون.
- جائزة افضل اخراج، ومنحت مناصفة الى:
- الفرنسي اولفيية اسياس عن فيلم "المشترية الخصوصية" :
- الروماني كرستيان مونجيو عن فيلم " التخرج "
- جائزة افضل سيناريو : اصغر فرهادي عن فيلمه "البائع"
- جائزة لجنة التحكيم الخاصة : فيلم " المحبوبة الاميركية " للبريطانية اندريا ارنولد
- جائزة افضل ممثل : للايراني شهاب حسينى عن فيلم "البائع" لاصغر فرهادي
- جائزة افضل ممثلة : الفلبينية جاكلين خوسية عن فيلم "ما روزا" اخراج برلينتى ماندوزا
- جائزة افضل فيلم قصير: تايم كود للمخرج الاسباني فرانهو جيمنيز
- جائزة الكاميرا الذهبية: فيلم "هبات" للمغربية ليلى بنيامينا
وفى المحطة الثانية نذهب الى التحليل، حيث فيلم السعفة "انا دانييل بليك" للبريطاني كين لوش الذي يحقق سعفته الثانية عن فيلمه " الريح التي تهز حقل الشعير "وفي فيلمه الجديد يذهب الى معاناة الكبار في السن بالبحث عن عمل امام التعقيدات والتشريعات المجحفة التي تعصف بالكبار والصغار على حد سواء لتشكل عاصفة هوجاء من الضغوط الاقتصادية المدمرة للاسرة والمجتمع.
في المشهد الاخير يكتب دانييل بليك على حائط المؤسسة المشرفة عن البحث عن العمل للكبار "انا دانييل بليك ولست كلبا فقط اريد ان اكون انا" وهي جملة تعني الكثير من الدول الاوربية حيث تحظى الكلاب بعناية ورعاية تفوق ما يتمتع به الانسان امام الازمات الاقتصادية .
فيلم الجائزة الكبرى "حتى نهاية العالم" للكندي اكزافيية ديلون مقتبس من مسرحية بنفس الاسم عن حياة كاتب مسرحي قرر العودة الى اسرته بعد غياب لعدة سنوات ليخبرهم بانه في طريقه للموت نظرا لاصابته بفيروس نقص المناعة ولكنه يكتشف ان كل من افراد اسرته يحمل له حكايات ومواقف بالذات شقيقه الاكبر وشقيقته ووالدته في حوارات قاسية تجعله يعدل عن اخبارهم بالامر لانهم يحملون له مشاعر متضاربة قاسية.
جوائز الاخراج التي جاءت مناصفة كانت موضوعية وذهبت لاثنين من كبار الصناع المخرج الروماني كرستيان مونجيو عن فيلمه التخرج وايضا الفرنسي اولفيية السياس وكل منهم اشتغل على موضوعه بحرفية سينما المؤلف حيث المخرج مولفا مبدعا.
في مجال التمثيل الرجالي كانت المناصفة عاصفة والجائزة ذهبت للممثل الايراني شهاب حسينى وهو النجم المفضل عند المخرج اصغر فرهادي، وهو هنا يتقمص شخصية مدرس يعمل ممثلا يقوم شخص مجهول بالاعتداء عليها في منزلهم لتبدا مهمة الزوج في البحث عن الفاعل في خط متواز مع احداثيات عمله كمدرس وايضا كمخرج يقدم مسرحية " موت بائع متجول " لارثر ميلر .
المفاجئة المستحقة كانت في اطار افضل ممثلة حيث ذهبت للممثلة الفلبينية جاكلين خوسية عن فيلم "ما روزا" للمخرج برلينتي ماندوزا. حيث جسدت دور امرأة مع اسرتها تمتلك بقالة صغيرة تضطرها الظروف من اجل جمع مال اضافي لبيع المخدرات ليتم القبض عليها ومن خلالها نتعرف على الخلل الصريح في سلك الشرطة في بلادها.
ونتوقف للحديث عن جائزة الكاميرا الذهبية التي ذهبت لفيلم "الهيبات" للمخرجة المغربية هدي بنيامينا، والذي تجري احداثه في الضواحي الفقيرة المعدومة حيث حكاية "دنيا" وفاتين، دنيا فتاة عربية مسلمة يتم فصلها من المدرسة بعد تورطها بكم من الممارسات الخاطئة التي اقلها السرقة لتجد نفسها في الشارع العام ولتكمل الطريق الى الهاوية والضياع.
وفي خط متواز نتابع حكاية صديقتها "ميمونة" التي تساعدها وتقف الى جوارها وايضا حكاية صديقتهن الثالثة ربيكا وكلهن يعانين من الفقر والاوضاع الاجتماعية القاسية في تلك الاحياء الفقيرة المعدمة.
مسيرة حياة دنيا تقودها الى ممارسة كافة مفردات الجريمة الصغيرة منها او الكبيرة من السرقة الى بيع المخدرات بحثا عن بعض الفتات من المال الذي لا يغني عن جوع بل يجعل كلن منهن تذهب بعيدا في انزلاقها الى الضياع .
قراءة ذكية للشخصية ودلالاتها واختيار الموقع الذي تدور به الاحداث حيث الضواحي الفرنسية الفقيرة بلا شعارات او عناوين بل شخصيات مسحوقة تحصد ظروف اسرها والمناطق التي تنتمي اليها.
وتمضي الرحلة وصولا الى الابواب المغلقة حيث مشهد الحريق الذي تذهب ضحيته الصديقات بينما يتم انقاذ دنيا ولكنه انقاذ اقرب منه الى الموت لان الحياة الكريمة.
ويبقى ان نقول ان نتائج مهرجان كانت اكثر من منصفة لانها جاءت قريبة وبنسبة كبيرة من اراء النقاد والجمهور على حد سواء كيف لا ونحن امام لجنة تحكيم رهانها الابداع والتجديد والاكتشاف وهذا ما تم فعلا .