الإقتصاد الفنزويلي يحتضر

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٤/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٤٠ ص
الإقتصاد الفنزويلي يحتضر

مات اوبراين

وفقا لأحدث توقعات صندوق النقد الدولي تشهد فنزويلا أسوأ نمو اقتصادي في العالم وأسوأ تضخم وتاسع أسوأ معدل بطالة في الوقت الراهن، ناهيك عن ارتفاع معدلات جرائم القتل ووفيات الرضع في المستشفيات العامة، والطامة الكبرى أن العملة قد فقدت 99 في المئة من قيمتها في السوق السوداء منذ بداية عام 2012، ما يعني انهيارا اجتماعيا واقتصاديا كاملا. حدث ذلك على الرغم من أن فنزويلا لديها أكبر احتياطي للنفط في العالم. لم يسبق لبلد أن كان غنيا الى هذه الدرجة ثم يتحول الى هذا الحد من الفقر. وليس سرا أن الحكومة الفنزويلية هي المسؤولة عن ذلك، ويمكن القول أن الكارثة صنعها أفراد. قد تحولت فنزويلا الى دولة خاضعة للعصابات التي لا تعرف كيف تفعل أي شيء سوى بيع المخدرات وسرقة المال الداخلي، بل إنه قد ألقي القبض على اثنين من أبناء الرئيس نيكولاس مادورو بتهمة التآمر لإدخال 800 كلج من الكوكايين إلى الولايات المتحدة،
ويشتبه أن أحد مساعدي الرئيس يدير بنفسه عصابة لتهريب المخدرات. ويقدر اثنان من المسؤولين السابقين أن ما تم اختلاسه من أموال خلال العقد الأخير يناهز 300 بليون دولار. كما أن منظمة الشفافية الدولية تصنف فنزويلا الدولة رقم تسعة بين البلدان الأكثر فسادا في العالم ( بعد الصومال وكوريا الشمالية وأفغانستان والسودان وجنوب السودان وأنجولا وليبيا والعراق).
والفساد الذي يضرب بجذوره لم يؤد وحسب الى غنى القليل بل إلى إفقار الكثير، ذلك لأن الحكومة حاولت السيطرة على الاقتصاد إلى حد تسببت في قتله، وكل شيء بالطبع باسم الاشتراكية. ونظرة سريعة تجعلنا ندرك أن الحكومة الفنزويلية كان بوسعها انفاق بعض عائدات النفط على الفقراء دون أن تدمر اقتصادها وبخاصة عندما كانت أسعار النفط مرتفعة، وهذا بالفعل ما قامت به الحكومة في أول 12 عام في السلطة عندما خفضت الفقر بما يقرب من 30%.
إلا أنه خلال الفترة ما بين عامي 1999 و2013 انخفض انتاج النفط بنسبة 25%، كما تراجعت أسعار النفط بشدة خلال العامين والنصف الأخيرة. والشئ الكارثي أن مخازن الدولة فارغة، ومستشفياتها لا تملك الأدوية الأساسية، بل إنها لا تستطيع أن تبقي على مصابيحها مضاءة.
ومن الأسباب الجوهرية أن الحكومة لم تفرض سيطرتها على قطاع النفط وحسب بل على جميع أنشطة الأعمال. وقد حاولت الحكومة هناك وقف التضخم الجامح الناجم عن طباعة أوراق بنكنوت من خلال إجبار الشركات على البيع بأسعار أقل، وما كان من الشركات الا أنها تركت الأرفف فارغة، ولتعويض ذلك قامت الحكومة بدعم عدد قليل من الشركات ببيع الدولارات لها بأسعار أقل كثيرا من معدلات السوق. وقد بلغ سعر صرف البوليفار الفنزويلي 1,075 مقابل الدولار الواحد في حين أن سعره التفضيلي الذي تقدمه الحكومة 10 بوليفار مقابل الدولار.
والمفارقة أن الشركات التي تحظى بالدعم وجدت أن بيع العملة يحقق لها ربحا كبيرا لا يقارن بالدخول في عمليات شراء السلع وبيعها، وهذا هو السبب أن فنزويلا تعاني نقصا في الكثير من السلع الأساسية وبخاصة المستلزمات الطبية حتى قبل انخفاض أسعار النفط.
فلماذا إذن لم تتخلص الدولة من هذا النظام لسعر الصرف؟ لأنه من الصعوبة بمكان أن تجعل أحد الأشخاص يفهم شيئا في الوقت الذي يعتمد دخله على عدم فهمه لهذا الشئ، وأسوأ من ذلك عندما تستشري حالة من الاختلاس الممنهج معتمدة على ذلك.
مراسل لصحيفة واشنطن بوست متخصص في الشؤون الاقتصادية