ما معنى مؤشر" برنت" ؟

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٤/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٤٠ ص
ما معنى مؤشر" برنت" ؟

بقلم سمعان كرم
ثمة خمسون دولة منتجة للنفط في العالم تستخرج حوالي ثلاثماية نوع مختلف من الخام . ولا عجب في ذلك إذ ان الظروف التي آلت الى تحويل النباتات والكائنات الحية المختلفة الى نفط ، عبر ملايين السنين هي ايضاً مختلفة من موقع إلى آخر . والحالة هذه ليست فريدة بالخام وحده بل تنطبق على كثير من المعادن مثل الحديد الخام والنحاس والحجارة الكريمة والرخام اذ تتأثر جميعها بشكل خاص بالحرارة والضغط حين تكوينها .
كيف يتم التمييز إذاً بين نفط وآخر؟ من الممكن طبعاً إجراء تحاليل مختبرية لكل منهم تبين الفروقات بين العناصر المركبة لذلك الخام ويمكن ايضاً توصيف التشكيلات الذرية التي يتميز بها، وهي عملية علمية وليست تجارية. اما في اسواق النفط ومن اجل تسهيل عملية البيع والشراء توافق المختصون على اعتماد مؤشرين اثنين فقط لتوصيف الخام. الأول يحدد ما إذا كان النفط خفيفاً او ثقيلاً والثاني يقيس درجة حموضته. بالنسبة للأول فانه يعتمد على وزن المتر المكعب من الخام اي كثافته ولاجل تسهيل القراءة والوصف وضُع معيار (API) وبالتالي اي خام تكون درجته °34 ومافوق يعتبر خفيفاً، وإن كانت بين °31 و°33 يكون متوسطاً، اما إذا كانت °30 وما دون يكون ثقيلاً. وثاني ميزة اي الحموضة فهي تقاس بمقدار النسبة المئوية التي يحتويها الخام من مركب الكبريت (H₂S) الذي يضفي على الخام الرائحة الكريهة التي تشبه رائحة صفار البيض المعفّن. وتجدر الإشارة هنا بأن مزيج نفط عمان بأغلبيته يتميز بدرجة كثافة قدرها °34 (API) وبالتالي فهو خفيف لكن من ناحية أخرى فان درجة حموضته من الكبريت هي 2% وتعتبر عالية. كما ان عندنا نفطاً ثقيلاً في المخيزنه وقرن العلم وأمل.
ماذا نعني بكلمة " مزيج" ؟ لو جمَعنا النفط من حقول متعددة في انبوب نقلِ واحدٍ وخزانات واحدة كما هو الوضع الحالي في السلطنة نحصل على مزيج نفط . عندنا في عمان يصل المزيج إلى ميناء الفحل من عدة حقول مثل فهود ونمر ومرمول عبر انبوبٍ واحدٍ.
إذاً ماهو خام برنت (Brent Crude) وماذا عن سعره؟ ان كلمة برنت في اللغة الانجليزية هي اسم وزًة مهاجرة صغيرة الحجم. وقد دأبت شركة شل (Shell) للإستكشاف والإستخراج في بحر الشمال في أوروبا على تسمية الحقول المستكشفة بأسماء طيور . وخام برنت هذا هو مزيج من انتاج اربعة حقولٍ رئيسية في بحر الشمال وهو من النوع الخفيف، درجته °38 (API) وحموضته دون نصف بالمائة.
أن التركيبات الكيماوية المختلفة لأنواع النفط الخام تؤثر مباشرةً على الطلب عليه وخام برنت مثلاً يستهوي أصحاب المصافي الذين يرغبون استخراج المركبات المتوسطة على عمود المصافي. هذا من ناحية المركبات. ومن ناحية اخرى فأن موقع التصدير الجغرافي له اهميته ويؤثر على الطلب ايضاً. عادة ينقل الخام عبر انابيب إلى ميناء تخزين وتعبئة السفن العملاقة والمتخصصة بنقل الخام. وبالتالي فإن موقع الميناء، والزحمة عليه، ومدى اوقات الانتظار وسرعة العمليات والاجراءات تؤثر ايضاً على تهافت الطلب عليه وبالتالي على سعره. السلطنة تصدر نفطها من ميناء الفحل وابتدأت عمليات التصدير مؤخراً من الميناء البحري في تيبت – مسندم ومستقبلاً من الدقم ان شاء الله.
كلنا يعلم ايضاً ان اسعار النفط تتأثر بالعرض والطلب. لكنها تتأثر ايضاً بعوامل عديدة منها سياسية كما نشاهده اليوم، ومنها تقنية بحتة، ومنها التنافس للحصول على حصة اكبر من اجمالي السوق، ومنها حركة النمو الإقتصادي في البلاد المستهلكة للنفط، الصين مثلاً، ومنها الانواء المناخية والحروب والإضرابات والحوادث التي قد تقع على بعض منصات الانتاج ومنها قرارات اوبيك إلى ماغير ذلك من اسباب متعددة.
بعد ان وصَفنا مزيج برنت من الخام وعددنا بعض الاسباب التي تؤثر على سعره كيف نحدد ماهو مؤشر برنت. هو مؤشر مبني على احصائيات سعر بيع المزيج من منافذ على شمال المحيط الاطلسي خلال فترة 25 يوماً وتوقعات سعر البيع للفترة المقبلة على ضوء تلك الإحصائيات فيقاس يومياً. وهو المؤشر المستعمل لتسعير ثلثي النفط المتداول في العالم . وهو ليس المؤشر الوحيد المعتمد في تجارة هذه السلعة . فهناك ايضاً مؤشر سلّة اوبيك، ومؤشر غرب تكساس ومؤشر خام دبي، ومزيج خام عمان.
بالنسبة للدول التي تعتمد بنسبة عالية على النفط في اقتصادها ودخلها تأخذ المؤشرات دوراً حيوياً وخصوصاً مؤشر برنت الذي اضحى كما ميزان للحرارة الذي يجب ان يقرأ يومياً. انطلاقاً من الاهمية تلك، قد يكون من المفيد ان نتعرف اكثر على هذا المؤشر الذي بات يؤثر على حياتنا اليومية، الى حين ان يخف ثقله مع تنوع الاقتصاد ومصادر الدخل.