عُمـــــان.. التي يحبونها

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٤/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٣٥ ص
عُمـــــان..

التي يحبونها

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

كانت محدثتي العراقية تسهب في مديح عمان، وسلطانها العظيم الذي بنى بلدا بهدوء ينعكس على طبيعة الشعب وهو يتعامل مع ضيف بلاده أو حينما يسافر إلى أوطان الآخرين، حيث الاحترام سيّد الفعل، والمحبة تتوازى مع الاسم حيث يذكر كلمة عمان.

على أكثر من جلسة، وحوار، كانت الفنانة المسرحية شذى سالم وسائر المكرمين من كبار الفنانين العراقيين في مهرجان بابل يعيدون على سماعنا المديح الذي وجدناه حيث سرنا، في بلاد مختلفة الأهواء والأمزجة السياسية، يتغيّرون في معادلاتهم داخل بلدانهم لكن نظرتهم إلى عمان بقيت ثابتة لأن تعامل عمان الخارجي بعيد عن كل أهواء..

هي المواقف الثابتة التي لا تقبل القسمة على اثنين.. نحن مع الأوطان الراسخة.. لا الأنظمة المتبدلة والمتغيرة والمتقلبة المزاج، وما أكثرها في عالمنا العربي.

كانوا يمتدحون النأي العماني عن الدخول في صراعات وتحالفات وتجاذبات إقليمية، مزقت أكثر مما رتقت، وفرقت أبعد مما جمعت.. وحولت أوطانا إلى قبائل تتناحر حيث يمضي الموت الجوّال بين المدن بدلا من تلك التنمية التي تخدم المواطن.

بقيت يدنا ممدودة لإيران خلال حرب السنوات الثماني مع العراق، وكان محيطنا يصب المليارات والمواقف دعما لما سمي حينها حارس البوابة الشرقية صدام حسين، وفتحت مسقط بواباتها أمام العراق المحاصر في حروب تالية ضد العراق، وبقينا أوفياء لمصطلح اليد الممدودة القادرة على ترسيخ أسس الثبات في المواقف، فلم نطلق رصاصة ولم نشارك في ثمنها.. وهي تسدد إلى أي مواطن عربي أو مسلم.. أو أي إنسان كان.
ذهب الحوار إلى مجتمع عماني متصالح مع مكوناته.. إنسان عماني متصالح مع ذاته، رأيته في نقاط التفتيش حيث يسمع العسكري كلمة عماني فيبتسم مرحّبا، كما نجدها في وجوه الأشقاء في كل قطر عربي نذهب إليه، عمان الحاضرة بلسان المحبة وصوت السلام.
هم يبحثون عن عراقهم الذي أضاعوه، وتاه بين أيديهم، عبر العهد البائد أو العهد السائد، عن ثروات تناوب الفاسدون على تقسيمها، متاهة لا يبدو الخروج منها متاحا كأنما هذه البلدان اعتادت على الحاكم الدكتاتور، وهي مصنع ذاتي الإنتاج لهؤلاء، حيث يصنع البشر الطاغية بخضوعهم ونفاقهم من أجل المصالح.
كان الحضور يتحاور حول عمان، وكنت منتشيا بما يقال، لا أشارك، بل أستمع، ولسان حالي يدعو أن يديم الله علينا هذه النعمة، وأن يجنبنا وباء الفساد الذي يضرب بأطنابه كثراً فلا يبالي بين كبير وصغير!!
هذه عمان التي يحبونها.. فهل هي ذاتها عمان التي نحبها؟ التي نعيشها، ونعيش فيها، وتعيش فينا؟!
أحسب أننا جميعا مسؤولون عن عمان.. التي نحب، لتكون أفضل وأفضل، وأن تبقى في مستوى التي يحبونها.