المرأة في مهرجان كان.. نضال من أجل المسقبل

مزاج الاثنين ٢٣/مايو/٢٠١٦ ٠٣:٠٨ ص
المرأة في مهرجان كان.. نضال من أجل المسقبل

كان – عبدالستار ناجي

احتلت قضايا المرأة مساحة بارزة ضمن عروض مهرجان كان السينمائي في دورته التاسعة والستين التي تواصلت في الفترة من 11- 22 مايو الجاري.

أهم صناع الفن السابع استطاعوا وهم يشتغلون حول جملة من القضايا أن يلتفتوا إلى محور أساسي هو المرأة التي راحت تناضل وتحقق حضورها وذاتها متجاوزة الكثير من المصاعب التي تنوعت وتعددت لتشكل تحديات كبرى.
عن قضايا المرأة في عروض مهرجان كان السينمائي وفي المسابقة الرسمية على وجه الخصوص نتوقف عند مجموعة من العروض. في الفيلم الفرنسي «مالوت» للمخرج برونو دومون يتم التعرض إلى حكايات من واقع امرأة تنتمي إلى الاسرة البرجوازية بكل تفاصيل حياتها وتقرر إحدى بناتها أن ترتبط بابن أحد الصيادين الفقراء، مع إبراز تداعيات تلك الحكاية وأبعادها وحالة الرفض التي تواجهها.

الأزمات الاقتصادية

وفي الفيلم البريطاني «أنا دانييل بلاك» للمخرج كين لوش تحضر المرأة إلى جوار الرجل وكل منهما يرزح تحت سطوة الأزمات الاقتصادية الضاربة التي تحول الإنسان إلى خلية مسحوقة تضطر لممارسة كل شيء من أجل تأمين لقمة العيش لها ولأبنائها.

وهذا ما يدعو كاتي في الفيلم الى أن تمتهن الدعارة في نهاية الأمر، ومن قبلها السرقة. وهنا حالة من الانهزامية والرضا بأنصاف الحلول ولكنها تظل صرخة لتقديم جوانب من عذابات المرأة في بريطانيا والعالم تحت سطوة الازمات الاقتصادية.

أما في فيلم «تونى اردمان» للمخرجة مارين ادي فنحن أمام حكاية امرأة اشتغلت بنجاحاتها وعلمها وارتباطاتها وطموحاتها عن أسرتها ووالدها على وجه الخصوص الذي حينما يقوم بزيارتها يكتشف أنها مجرد كائن يعمل دونما أحاسيس حيث يحاول تغييرها عبر كم من المواجهات التي تجعلها تعود الى حقيقتها كمرأة وكإنسانة تقرن عملها بالاحاسيس والانتماء الى الاسرة.

فيما يخص فيلم «من أرض القمر» لنيكول غارسيا اختارت المرأة أن تعيش على حب منحها الحياة بعد أن أجبرت على الزواج من شخص لا تعرفه أو تحبه.

وظل ذلك الحب يمنحها الحياة وتربية طفلها والبقاء الى جوار زوجها حتى وان كانت لا تحبه لانها تحمل بداخلها عاطفة كبيرة حمتها من كل شيء حتى بعد رحيل من تحب. فى فيلم «امريكان هاني» أو «المحبوبة الامريكية» لاندريا ارنولد تبدو المرأة مسحوقة تعصف بها الازمة الاقتصادية ما يضطرها لمفارقة أطفالها والذهاب وراء حلم يجمع العاطفة والثراء ولتكتشف في نهاية الامر أن الامر مجرد كذب ولكن عليها أن تبقى لتمضي الحياة.

النضال ضد العنصرية

المرأة الأهم تأتي في فيلم «لوفينج» لجيف نيكولاس الذي قدم لنا النضال ضد العنصرية من خلال حكاية الزوجين «لوفينج»، الزوج الابيض والزوجة السمراء، اللذين واجها العنصرية التي منعت زواجهما وارتباطهما حتى حصولهما بعد عدة عقود على الموافقة من المحكمة الاتحادية العليا في امريكا.

التحيز للمرأة يأتى من خلال فيلم «خولييتا» للمخرج الاسباني بدرو المودفار الذي يظل يشتغل على محور ثري الا وهو العلاقة بين الام وابنتها التي فارقتها لتعيش حياتها ونضال المرأة الام من أجل استعادة ابنتها حتى لو كان ذلك بعد سنوات طويلة.
أما المرأة الاكثر مقدرة على المواجهة فجاءت عبر الفيلم البرازيلي «ايكواريوس» الذي تناول حكاية امرأة رفضت بيع شقتها لاحدى كبريات الشركات الاستثمارية في مجال العقارات بوصفها الساكنة الوحيدة المتبقية في عمارة تم شراؤها لتحويلها الى مجمع ضخم سيعمل على تغيير هوية أحد الشواطئ الرئيسية في البرازيل.
وقد جسدت الشخصية النجمة البرازيلية سونيا براغا باقتدار عال يضاف الى رصيدها الفني الكبير.
وفي فيلم «الفتاة المجهولة» للأخوين جان بيير ولوك داردان نتابع حكاية طبيبة شابة تحاول البحث عن حقيقة اغتيال فتاة سمراء، لتكون تلك الحكاية مدخلا لتعرية المجتمع الاوروبي بالذات فيما يخص قضايا احتواء اللاجئين.

ماما روزا

«ماما روزا» امرأة أخرى مسحوقة تأتي في الفيلم الذي يحمل ذات الاسم وتضطر أن تعمل ببيع كل شيء في بقالتها الصغيرة ومن ذلك المخدرات ليتم القبض عليها وعبرها تتم تعرية ممارسات الشرطة في بلادها التي تتفاوض مقابل أي شيء من أجل الافراج عنها وعن الكثير من المجرمين. الفيلم من توقيع الفلبيني ماندوزا.

ومن النساء المتورطات الى النساء اللاتي نذرن حياتهن من أجل العمل الخيري التطوعي عبر شخصبة «ويلي» التي قدمتها النجمة الجنوب أفريقية في فيلم «الوجه الاخير» لشون بن، حيث تقضي كل حياتها في مساعدة اللاجئين في عدد من الدول الافريقية التي مزقتها الحروب الاهلية الطاحنة في رحلة سينمائية تتحرك بين الحب وحماية الابرياء من أتون الحروب وضياع الحلم.
في فيلم «ايل» لبول فيرهوفن نتابع حكاية ميشيل «ايزابيل هوبير» التي تعرضت للاغتصاب في منزلها من قبل أحد اللصوص لتقوم برد الصاع صاعين له في مغامرة سينمائية على طريقة أفلام فيرهوفن المقرونة بأفلام المغامرات كما في فيلم «روب كوب». بعد هذه الرحلة نكتشف أننا أمام حالة حضور عالية لقضايا المرأة وإشكاليتها. وهي رغم وجعها ومشاكلها تظل تمتلك المقدرة على المواجهة من أجل المستقبل والأمل.