علي المطاعني يكتب: متى نوحد إجازات المدارس و الكليات؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٤/ديسمبر/٢٠٢٥ ١٣:٢٨ م
علي المطاعني يكتب: متى نوحد إجازات المدارس و الكليات؟

في الوقت الذي يتطلب من الجهات الحكومية المزيد من التنسيق والتعاون فيما بينها في الكثير من جوانب العمل لتتكامل الجهود في النهوض بالعمل الإداري في الدولة ، نجد بأن بعض الجهات وفي أبسط الأمور تفتقر لهذا التنسيق واجب الإتباع والمفضي حكما لرفد التوجهات الوطنية .

ولعل عدم التنسيق في مواعيد اجازات المدارس الحكومية والخاصة والجامعات والكليات أحد هذه الجوانب التي باتت تمثل معضلة حقيقية ، ولها إسقاطات وتبعات سالبة على كثير من الجوانب الحياتية والإجتماعية ، فالأسر باتت لا تستطيع الإستفادة من الإجازات نصف السنوية كاجازة منتصف العام الدراسي ، نسبة لتضارب مواعيد الإجازات ، فالأبناء بعضهم في المدارس العامة ، والبعض الآخر في المدراس الخاصة ، وآخرين في الكليات والجامعات والتي لها تقويمها الخاص بها مما يصعب على الأسر الاستفادة من الإجازة بالقيام مثلا بسياحة داخلية للتعرف على معالم ولايات بلادهم واكتساب المعلومات عنها وهي معلومات تعد فرض عين لافرض كفاية ، وليست سياحة ترفيهية بالمعنى المطلق ، فمن المهم جدا لكل الطلاب معرفة ومشاهدة كل ولايات ومحافظات الوطن معرفة تامة ، ففي المستقبل قد يصبح طالب اليوم سفير في وزارة الخارجية ويبعث لدولة من الدول هناك يحتاج لهذه المعلومات ليتحدث عن وطنه من موقع العارف والمطلع ، وكارثة إن تلعثم وتعثر إذا ما سالوه عن مكان ما في السلطنة ، الأمر الذي يتطلب من الجهات المعنية كوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الجلوس معا لتنسيق أوقات ثابتة لتنظيم هذا الجانب البسيط شكلا ومضونا ، والعمل على بلورة مواعيد تابتة تتيح للمجتمع الاستفادة من الإجازات بشكل أفضل مما هو عليه الآن.  

اليوم هناك عائلات لها أبناء في المدارس الخاصة وفي الإجازات لايعرفون أين يذهبون بهم ، لأن لهم أخوان في المدارس الحكومية لا يزالون في مقاعد الدراسة ، واخ او أكثر في كلية أو جامعة باشروا للتو إمتحاناتهم ، وبما أن الحابل قد إختلط بالنابل بهذا النحو ، فالمحصلة شلل تام يصيب الأسر ، ولا يملكون بالتالي أي خيار أو مجال لزيارة ولاية أو الوقوف على إمكانات بلادهم السياحية والإقتصادية ، والمحصلة جهل تام ببلادهم فهم يستطيعون التحدث وبلباقة عن مؤسستهم التعليمية ومن دون ذلك صفر كبير وعلى الشمال أيضا ، في الواقع فإن دول العالم تجاوزات هذه العتمة الظلامية منذ اعوام خلت ، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد النمازج أدناه ماثلة وناطقة وحية لعلنا نأخذ منها بعض من العبر والدروس : 

بداية وليس أخرا نجد أن فلندا وهي إحدى الدول االأروبية الإسكندنافية المتقدمة إقتصاديا وعلميا وحضاريا لديها تقويم دراسي واحد وموحد تصدره وزارة التعليم تلتزم به كل المؤسسات التعليمة إلتزاما حرفيا ، ويهدف بالطبع لتحقيق التوازن الأسري بداية ، وإستقرار الصحة النفسية للطلاب بعدئذ ، ودعم ورفد المواسم والبرامج السياحية الداخلية والخارجية ، نفس النظام وذات الأهداف وذات الصيغة تلتزم بها كل من فرنسا ، والمانيا وعلى مستوى كل ولاياتها ، وكذلك المملكة المتحدة وكندا .

وعلى الصعيد الأسيوي تقف اليابان على قمة الهرم في هذا الشأن ، وعبره حققت فتوحات تعليمية وأكاديمية وعلمية ضخمة كما نعرف ، وكذلك كوريا الجنوبية تفعل الشئ نفسه وقد أمست دولة صناعية كبرى في بعضع عقود من الزمن .

وعلى الصعيد الخليجي نجد الإمارات والسعودية وقطر وقد وحدت مواعيد وتواريخ إجازات طلابها ، فإذا كانت كل هذه الدول قد نجحت في توحيد إجازات طلابها وببساطة متناهية فلماذا لم نستطع نحن فعل الشئ نفسه ؟.. سؤال سيظل معلق بحبل يتدلى من السماء الى هامات رؤوسنا .

نذهب للإعتقاد بل نؤمن ان اجازة نصف العام الدراسي والأكاديمي يجب أن يستفاد منها في إثراء السياحة الداخلية بين المحافطات من خلال تنسيق مسبق ومدروس ومجاز بين الجهات المختصة ذات العلاقة ، وحتى يتسنى تكامل الأدوار والعمل وفق أسس ومبادئ راسخة تسهم بإيجابية في إثراء الحراك الإقتصادي والإجتماعي وفي إطار فهم أعمق لحتمية التكامل التربوي والتعليمي والتثقيفي الموحد .

البعض قد ينظر وبعين واحدة حكما ، وإذ هو يرى الأشياء إما بيضاء وإما سوداء فقط ، بضرورة التنسيق مع المدارس الدولية قبل إتخاذ هكذا خطوة وهكذا إجراء ، غير أن الأحق بالإتباع هو حقيقة أن مصالح الوطن العليا هي الأولى بالرعاية ، فما نسعى لتنزيله لأرض الواقع هي جوانب إجرائية وطنية محضة ، ليس لها أي علاقة لامن قريب ولا من بعيد بأي ارتباطات خارجية هوائية أو هلامية كانت ، ولا يجب أن ننصاع لكل ما يأتي من الخارج ونراها كمسلمات لا تقبل النقاش .

حقيقة يؤسفنا ما نراه الأن عندما نجد كل مدرسة خاصة لها تقويم خاص بها ومواعيد إجازات على هواها ، كأن كل مدرسة قائمة ومتواجدة في جزيرة منعزلة ولا علاقة لها بالجذر الصديقة المجاورة وما يفصل بينهم اودية نارية بركانية جارفة ، هذه المشهد نراه ونعلم بأنها وجميعها تخضع لجهة حكومية واحدة ولوزارة واحدة ، هنا تكمن وتكتمل حلقات الإندهاش المؤسفة .

نأمل أن يتم توحيد تاريخ ومواعيد الإجازات الطلابية وفي كل المراحل التعليمية إبتداء من العام الدراسي القادم بحول الله ، وحتى يتسنى تحصيل الفوائد السياحية والمعرفية والثقافية بالغة الأهمية التي اشرنا اليها ، وأيضا ليغدو العام الدراسي القادم كضربة البداية لنهائية هذا الذي يحدث والذي لايصدق بميزان العقل الحصيف والنظيف .

علي بن رااشد المطاعني