محمد محمود عثمان يكتب: المطبعون والمهرولون .. ومجلس ترامب للسلام

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٤/ديسمبر/٢٠٢٥ ١٣:٢٥ م
محمد محمود عثمان يكتب: المطبعون والمهرولون .. ومجلس ترامب للسلام

المطبعون والمهرولون ومخاوف من تكريس وضع دائم في غزة بلا سيادة، ككيان منزوع الإرادة السياسية، تُناط به وظائف خدمية وأمنية، بينما تبقى قضايا الاحتلال والقدس واللاجئين خارج جدول الأعمال ، على الرغم ما قد تضخه الدول العربية الغنية من أموال من اقتصاداتها لإرضاء تطلعات ترامب وليس لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة

لأن طرح فكرة «مجلس السلام» في غزة مبادرة غير بريئة لوقف الحرب، بل حلقة جديدة في سلسلة طويلة من محاولات تصفية القضية الفلسطينية تحت عناوين إنسانية براقة. فالمجلس، كما يُقدَّم اليوم، لا يسعى إلى سلام عادل، بل إلى ترتيب ما بعد الحرب بما يخدم أمن إسرائيل ، مستندًا إلى دور عربي ، يتقدّمه المطبعون والمهرولون

لذلك نشهد اختلاف في اللهجة السياسية بين المواقف الرسمية للدول العربية ودعمها العام لوقف الحرب والإعمار، وبين التحفّظات الميدانية حول تفاصيل إدارة ما بعد الحرب لأنه ربما 

نعيد تجربة أوسلو بصيغة أكثر قسوة. فكما تحوّلت المرحلة الانتقالية في التسعينيات إلى وضع دائم بلا سيادة

والخطورة تكمن في وجود أهداف رسمية معلنة وأهداف محتملة غير معلنة ، وبين الظاهر والباطن يكمن الشيطان في تفاصيل السناريوهات ،

 لأن ترامب يقدّم مجلس السلام كجزء من خطة أميركية واسعة لإنهاء الحرب في غزة ووضع آلية لإعادة الإعمار تحت إشراف دولي بالتعاون مع الأمم المتحدة والدول المشاركة تمهيداً لعودة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع مع نشر قوة دولية مؤقتة لإدارة الأمن ونزع سلاح حماس تدريجياً، وثبيت وقف إطلاق النار و كذلك ضمان وصول المساعدات الإنسانية واستقرار الوضع الداخلي

وتحت هذا الشعار نجد فرض قيادة أميركية في غزة، تؤكد ترسيخ دور واشنطن كحكم دولي أساسي في الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ما قد يستبعد أو يُقيّد ويُهمش دور القوى الإقليمية الفاعلة المحلية 

 حتى في ظل دور الوساطة والمواقف الناعمة تجاه الخطة لضمان الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق من قبل مصر وقطر التي أشارت إلى أنّ الهدنة غير مكتملة دون انسحاب إسرائيلي كامل وضمانات للسكان، وهنا يبرز الدور الحقيقي للمطبعين. فبدل أن يكون التطبيع ورقة ضغط لانتزاع حقوق الفلسطينيين، تحوّل إلى أداة تمنح الغطاء السياسي لخطط أمريكية–إسرائيلية تتجاوز جوهر الصراع وهذه الدول لا تدخل مجلس السلام دفاعًا عن فلسطين، بل بحثًا عن «استقرار» يحمي مصالحها وتحالفاتها، حتى لو كان الثمن هو القبول بسلام مبتور أو منقوص، وسيادة وهمية، وحقوق مؤجلة إلى أجل غير مسمى ، وتحولت الأموال العربية من سند لصمود غزة، وإقامة الدولة الفلسطينية إلى أداة ابتزاز سياسي ، و إعمار مقابل نزع سلاح، وقبول بالوصاية الأمريكية وقبول الفلسطينيين بما كان مرفوضًا قبل الحرب وتقليص دور السلطة الفلسطينية الرسمي والتركيز على أمن إسرائيل وتقليص دور حماس، وهذا يشكل هدفاً بعيداً عن مجرد “السلام” الظاهري

والذي اعتبره ترامب نجاحا في السياسة الخارجية في ظل سعيه لجائزة السلام العالمية و كأداة انتخابية داخل الولايات المتحدة  

وبذلك فإن السيناريو الأخطر الآن هو الذي يُفرض كأمر واقع بالإشراف الدولي في غزة ، بينما تُدفن القضايا الكبرى في أدراج المؤتمرات ،وعندها لا يكون التطبيع مجرد خيار سياسي، بل شريكًا فعليًا في تصفية القضية وتحويلها إلى ملف إغاثي دائم ، ويبقى .السؤال أمام التاريخ ، هل المطبعون والمهرولون، كانوا شهود زور على تصفية القضية الفلسطينية ، أم شركاء في صناعة وهم اسمه سلام ترامب ؟