محمد محمود عثمان يكتب: تسريح الأيد العاملة ..بين الانتعاش والركود

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٧/ديسمبر/٢٠٢٥ ١٣:٤٤ م
محمد محمود عثمان يكتب: تسريح الأيد العاملة ..بين الانتعاش والركود

ظاهرة تسريح العمال هل هي خيارًا من الشركات لتقليل التكاليف عند تراجع الطلب أو التأزم الاقتصادي ، أو هي إشارة على أن شركات القطاع الخاص تواجه ضغوطًا، وأن السوق العام يتجه نحو الضعف والركود

بعد أن فقد الآلاف وظائفهم وفقدتهم أيضا شركاتهم التي تخسر كفاءات ومهارات ومن أصحاب الخبرات المتراكمة في الاقتصادات المحلية وفي سوق العمل ،إلى جانب الآلاف الذين فقدتهم بعض الدول من آثار وباء كورونا في السنوات الأخيرة

لذا يُنظر إلى موجات التسريح على أنها جزء من «دورة الركود» الاقتصادية، خصوصًا عندما تترافق مع تباطؤ التوظيف والاستثمار

، لأن استمرار تسريح العمال يُضعف الثقة في الأمان الوظيفي، ما يقلل الدافع ويجعل بيئة العمل أقل استقرارًا، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع الإنتاجية وارتفاع النزوح الوظيفي

فكل ذلك يؤثر على العناصر الفاعلة في التنمية المستهدفة لتعويض الخسائر والأضرار التي تلحق بهذه المجتمعات سواء العربية أو ألأوروبية ، لأن ذلك مؤشر خطير وله تداعيات قد تكوم مدمرة للاقتصادات الضعيفة وحتى المتوسطة ، وهذه التحديات تفرض على الإدارات الرشيدة اتخاذ عدة قرارات سريعة ومدروسة في الوقت ذاته ،ضمانا للحفاظ على كياناتها واقتصاداتها ، بتنفيذ مشروعات استثمارية جديدة تقدم فرص عمل حقيقية، وضخ سيولة كافية تعيد الحياة للأنشطة الاقتصادية من جديد , لأن عدم الإنفاق يقودنا إلى الإخفاق ، وحتى لا نترك السفينة تغرق ونغرق معها ، إذا فشلنا في تعويمها في الوقت المناسب قبل أن تهوي إلى الأعماق ، ولا يتأتى ذلك بالأماني أو الرجاء ،ولكن بكيفية التعامل في المنشآت الاقتصادية الكبيرة والصغيرة والمتوسطة لمواجهة ذلك، في ظل ارتفاع بعض الأصوات التي تطالب بلا وعي أو تخطيط مستقبلي "بتصفير" الأيد العاملة الأجنبية في البلاد العربية ،ظنا أن ذلك في صالح الاقتصاد أو خروجا من المأزق ، وإن كنت مع التخلص من الأيد العاملة الهامشية أو غير المنتجة أو التي لا يحتاجها سوق العمل في أي مجتمع ، لأن محاولة التعافي والانتعاش ليست بالسهلة وتحتاج إلى الوقت والجهد ، ولا وقت هناك للبحث عن عمال جُدد يفتقرون للخبرة والمهارة والدراية ببيئة العمل واحتياجاته الفعلية ،في كل المهن والوظائف الدنيا والعليا والمتخصصة ، 

وهنا تقع المسؤولية على عاتق أصحاب و صناع القرار ، باعتبار أن التفريط في هذه النوعيات من مختلف الفئات من الأخطاء الفادحة ،التي لا يمكن أن تغتفر في حق الأوطان التي تحتاج إلى كل الخبرات الأجنبية والوطنية في ظل الحاجة إلى الاستقرار الاجتماعي، والانفتاح على العالم شرقه وغربه الأن، وفي أكثر من أي وقت مضى ، لجذب الاستثمارات والمستثمرين وتوفير احتياجاتهم من الأيد العاملة الفنية المدربة لعودة الانتعاش والخروج من دائرة الركود أو شبحه ،  

وعدم الالتفات إلى البعض ، من أصحاب النظرة القاصرة إلى أبعد الحدود التي لا تنظر أبعد من مواقع أقدامها، من دعاة التصفير للوافدين المهنيين ، لأن من أول الخاسرين الاقتصادات المحلية بغض النظر عن قوتها أو صمودها المؤقت ،نظرا لحاجتها لضخ الدماء الجديدة في شرايين الاقتصاد من فترة إلى أخرى لتجديد الانتعاش الاقتصادي ومواجهة المنافسة والتحديات العالمية والإقليمية

لأنه لا توجد دولة في العالم حتى الأكثر تقدما أو كثافة في السكان تستطيع أن الاستغناء عن خبرات الآخرين كليا ،

خاصة في الدول التي تعاني من نقص مخرجات التعليم التقني التخصصي والفني ، حتى أن الدول الغنية والمتقدمة تتعامل بمفهوم اقتصادي، إذ تفضل دائما أن تحصل على احتياجاتها من بعض التخصصات من الدول الفقيرة أو النامية، التي أنفقت عليهم الكثير من ميزانياتها خلال مراحل تعليمهم المختلفة ، ولذلك يصبح من العبث التفريط بسهولة في الأيد العاملة الأجنبية أو الوطنية المنتجة والمؤهلة التي تحقق القيمة المضافة ، ولابد من الاحتفاظ باحتياجاتنا المستقبلية من هذه المهارات ، بدلا من محاولة استجلاب عناصر جديدة تفتقر للخبرة التي تؤهلها لممارسة عملها بدقة ومهارة ،أو أن تكون قادرة على الإسهام في زيادة الإنتاج وسرعة دوران عجلة الاقتصاد بكفاءة ومهنية