محمود بن سعيد العوفي
كثرت التساؤلات في وسائل التواصل الاجتماعي، حول قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود في وجه تحديات استمرار تراجع أسعار النفط، والإجراءات التقشفية المتخذة من قبل الحكومة، واعتبرت الأوساط الاقتصادية في البلاد أن التحديات الموجودة حالياً تعد فرصة سانحة لمراجعة الأمور الاقتصادية وبالذات الاستهلاكية منها، ونحن على يقين بأن الحكومة قادرة على امتصاص المتغيرات والضغوطات كما فعلت خلال السنوات الـ 45 الفائتة، خاصة أنها مرت بعواصف كثيرة، ولم يشعر المواطن بوجودها أو طرق معالجتها.
إن أهم ما يميز المرحلة المقبلة اقتصاديا هو تقليل الاعتماد على القطاع النفطي في توليد الإيرادات الحكومية والاستناد على قطاعات اقتصادية ذات قيمة مضافة، إذا ما علمنا أن العام 2016 لن يكون أفضل حالاً من العام 2015، بسبب تنبؤات استمرار مراوحة أسعار النفط مكانها ما بين 26 و30 دولارا للبرميل في الأسواق العالمية، وبالتالي بات من الضروري العمل على إعادة هيكلة الموارد العامة، بزيادة مساهمة الإيرادات غير النفطية في إجمالي الإيرادات.
إن تشكيل لجنة فنية مشتركة بين وزارة المالية والبنك المركزي العماني وصندوق الاحتياطي العام للدولة لمتابعة الخطة التمويلية المعدة للسنوات الثلاث المقبلة (2016 – 2018) ومراجعة الوسائل والخيارات على ضوء تطورات الأسواق المالية العالمية وأوضاع السيولة المحلية، ستساهم بدون أدنى شك في تحقيق الانضباط المالي وتصحيح مسار الإنفاق واحتوائه عند معدلات تكون قابلة للاستدامة.
وتسير الحكومة بنفس المنوال في معالجة التحديات الاقتصادية والمالية وفق سياسات مرنة ومتزنة، على ألا تمس حاجات المواطنين وتطلعاتهم أو الإضرار بمكتسباتهم، وعلى ضوء ذلك نرى أنه لا يجب الاستمرار بدون تدخل أو معالجة سريعة لأبرز التحديات الاقتصادية العالقة، مع النظر إلى الكماليات أولا، والحد من الإسراف حتى في الضروريات، إذا ظل الوضع كما هو عليه.
إن لدى السلطنة فرص استثمارية هائلة يمكن الاستفادة منها في مجالات عدة أبرزها الصناعة والسياحة والزراعة والتجارة والخدمات، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الخارجية، مع إدخال القطاع الخاص ليأخذ دوره الطبيعي في عملية التنمية الاقتصادية في البلاد، للنهوض بها اقتصاديا، وتخطي تبعات انخفاض أسعار النفط، وفي هذا الخصوص نأمل من وزارة المالية البدء في تنفيذ برنامج التخصيص بهدف توسيع مشاركة القطاع الخاص في امتلاك وتمويل وإدارة المشروعات، وتوسيع قاعدة الملكية وتعميق دور سوق الأوراق المالية.
حققت البلاد خلال السنوات الفائتة الكثير من المنجزات على صعيد تطوير البنية الأساسية وسن القوانين، والتشريعات، والأنظمة، وإنشاء مؤسسات نوعية، وتأهيل الكوادر البشرية، والقوى العاملة الوطنية المدربة، وبالتالي لا بد من أن تمضي قدما في سياسة تنويع مصادر الدخل لمزيد من المكاسب، حيث أصبح المواطن اليوم مطلعا عن كثب بوجود أزمة اقتصادية عالمية يمر بها الجميع، وعليه أن يشارك ولو بجزء بسيط في عملية ضبط النفقات وترشيد الإنفاق، كما عليه أن يساعد في وقف الهدر في كل المجالات كاستهلاك الكهرباء والمياه والوقود.