يا الفجر الجميل .. في انتظار ضيائك

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٢/مايو/٢٠١٦ ٠٤:٣٦ ص
يا الفجر الجميل ..  في انتظار ضيائك

احمد المرشد

كلما أتيت الي مصر الحبيبة وعشت في أجواء القاهرة الساحرة، أشعر كأنني أحط الرحال في أرضي، في وطني، فالوطن ما هو سوي مكان نقيم فيه وزمان نحياه، ففي قاهرتي أنسي السياسة وهمومها وأحاول أن أعيش أجواء اللمسات الفنية في أجوائها وتحديدا بالقرب من نيلها الساحر الذي آلهم كتابها وشعراءها بكلماتهم الخالدة، وهناك في أرضي ، في قاهرتي، استشعر كذلك غيض من فيض أحاسيسهم لأحاكي مشاعر تشتاق لعذب الكلام بعيدا عن دوامة السياسة..وفي نيلها الساحر وصفحته المشرقة وفجرها الأكثر سحرا وجمالا الذي ينافس جمال النيل ورقته ، تلتئم روحي مع نفسي وهواي لنستنشق معا نسيم هذا الفجر، الذي لا يضاهيه فجرا آخر، فجرا هو أمل حياتي الذي تحيا بنوره عيناي.. أنها حقا "أمل حيــــاتى" معاني وكلمات تلك الأغنية الرائعة للسيدة أم كلثوم:" أمل حيــاتــــي يا حب غـــالى ما ينتهيــــش ..يا أحـــلى غنوه سمعها قلبى ولا تتنسيــــش ..خد عمرى كله بس النهارده خلينى أعيــــش..خلينى جنبك خلينى ف حضن قلــــبك خلينى ..وسبنى أحلم سبنى يا ريت زمانى ميصحنيش".

هذا النيل، وهذا الفجر الغالي، مثل الحبيب والضنا، هو روح الفؤاد ومحياه، هو عيني التي أري بها الدنيا جميلة، ولعلي استعيد كلمات أغنية أم كليوم أيضا "إنت عمري" خاصة المقطع :"هات أيديك ترتاح بلمستهم أيديا..هات عينيك تسرح في دنيتهم عينيا ".. هذا الفجر الذي اتخيله إنسانا كأغلي إنسان، في يوم مولده، فماذا عساي أهديه؟ وهل الفجر في حاجة الي هدايا من بشر، وأي بشر هذا الذي يعشقه الفجر أو يلين قلبه له! ويحي من هذا التفكير والخيال..السؤال يلح علي تفكيري ويستحوذ علي عقلي، وإن كان الفؤاد حقا مشغول بنفس الفكرة : ماذا عساي أقدم للفجر لحظة بزوغه وإشراقاته، فبريقه يملأ الدنيا نورا وضياء.. احترت ماذا أهدي إليك فجري من مشاعر الحب لحظة الشروق، تلك اللحظات التي ينتطرها كل أحياء الأرض وهذا الكون. فإليك فجري أهديك مشاعري الفياضة لحظة شروقك، في بداية يوم حب جميل..يوم نسير فيه جنبا الي جنب، حبيبان في مركب العشق، لتتقاذفنا الأمواج، تتقاذفنا من ميناء الي ميناء ، ونحن نستمتع بهذا الحب الأسطوري، حب نبني بشطآنه الآمال، وتزداد معه الأمنيات.. ففي فجري ومع فجري سنترك في كل ميناء ذكري، ذكري كلمة حب، كلمة أمل، أمل حياتي.

وفي عودة لأمل حياتي الأغنية والكلمات أرددها علي مسامعك في يوم مولد فجري : "أملى حيــاتى يا أغـــلى منى يا أغـــلى منى عليــــا..ياحبيب امبارح وحبيب دلوقتى وحبيبى بكره ولآخر وقتى..إحكيلى قولى إيه م الآمانى ناقصنى تانى وأنا بين إيديـــك ..عمرى ما دقت حنان فى حياتى زى حنانك..ولا حبيت يا حبيبى حيـــــــاتى إلا عشانك..وقابلت أمانى ..وقابلت الدنيا وقابلت الحــب ..أول ما قابلتك وإديتك قلبى يا حياة القـــلب..أكتر م الفــــرح ده محلمش أكتر م اللى أنا فيه ما أطلبــش..بعد هنايـــــا معــــاك يا حبيبى لو راح عمرى أنا مندمــش".

حقا أنها لحظة أمل أو حياة أمل أو أمل حياتي في لحظة بزوغ فجري، في نهري، في وطني، في عشقي، في روحي، استعيد لحظات حب، هيام، غرام، حتي العتاب أتذكره فهو مثل الأمواج ولكنها أمواجا تعيدنا الي شاطئنا، الي مرسانا، الي لحظات حبنا وهيامنا وغرامنا .. أقول حتي العتاب أتذكره ، فهو مثل الجدران التي تزيد حبنا حبنا وتجعله كصخور البحر الثابتة، كالرواسي تتحطم عليها الأمواج، بل تتكسر ، فقد سار مركب عشقنا يتهادي بكل ثقة للوصول الي ميناء آمن يحتمي فيه، فكان هذا الميناء هو الثقة التي بنيت عليها أواصر هذا الحب لفجري. هذا الفجر الذي استيقظ فيه علي ابتسامة حبيبي كما تتخيل أغنية "أمل حياتي" ففيها الابتسامة والحب والشوق والحنان: "وكفايه أصحى على ابتسامتك بتقول ل عينى أسمعها غنوه بتقول لحـــــــبى مينتهيش..خلينى جنبك خلينى ف حضن قلبك خلينى وسبنى أحلم سبنى ياريت زمانى ميصحنيش..ياللى حبك خلا كل الدنيـــا حــــــــــب..يااللى قربك صحى عمر وصحى قلب..وأنت معايا يصعب عليا رمشة عنيا ولا حتى ثانيه..يصعب عليا ليغيب جمالك ويغيب دلالك و لو شويه..أد كده مشتاق إليك أد كده ملهوف عليك ..نفسى أندهلك بكلمه متقلتش لحد تــــانى ..كلمه أد هواك ده كله أد أشواقى وحنانى ..كلمة زيك واللى زيك فين ده انت زيك متخلقش اتنين".

أنه فجر الحب العظيم الذي نعيش فيه لحظات سعادة، حتي وأنا أشعر بالغيرة علي هذا الفجر من كثرة عشاقه، وأنا أشعر بأنني وحدي في هذا الكون الذي يبثه أشواقه وحنينه، وكم أتخيل الفجر إنسانا، لأشعر بالغيرة من أمه، من أبيه، فحبي له يجعلني كالطفل الوليد الذي يبكي لحظة قطع الحبل الصري عن أمه الذي منحه الحياة، ولكم أغار علي فجري واتمني أو أنشد أن يأتي مسرعا لأرتمي في أحضانه لأستشعر دفء مشاعره، فصدره وحضنه هو مرفأ الأمان الذي أعيش فيه الأمن والأمنيات.. تماما كما تحكي "أمل حياتي" : "وكفايه أصحى على ابتسامتك بتقول ل عينى أسمعها غنوه ..بتقول لحـــــــبى مينتهيش..خلينى جنبك خلينى ف حضن قلبك خلينى وسبني أحلم سبنى ياريت زمانى ميصحنيش.. يا حبيبى مهما طال عمرى معاك برضه أيامه قليلة..السعاده والحنان ف هواك ميقضهاش أجيال طويلة..حبك يا حبيبى ملا قلبى وفكرى ..ينور ليـــــــلى ويطول عمرى..بيزيد فى غلاوته دايما بيزيد ..وتملى جديد فى حلاوته تملى جديد..إنت خلتنى أعيش الحب وياك ألف حـــــب ..كل نظره إليك بحبك من جديد وأفضل أحبك..ده أنا حبيت بعينيك السود كل الدنيا ..حتى عـــــوازلى أو حســـــــــــادى ..كل الناس فاهمين فى عينيه حلوين طول ..ماعينيا شايفه الدنيا وإنت قصادى".

في لحظة بزوغ فجري ، تمر حياتي سعيدة ومركب عشقنا تتهدل شراعه يتهادي في عباب البحر لتتقاذفه الأمواج، و سيظل يبحر ويبحر ليصل بنا الي بر الأمان، طال الزمان أم قصر، سيظل الفجر أمنية حبنا وعشقنا حتي :"أنام وأصحى على شفايفك ..بتقول لعينى اسمعها غنوه بتقول لحـــــــبى مينتهيش..خلينى جنبك خلينى ف حضن قلبك خلينى ..وسبنى أحلم سبني ياريت زمانى ميصحنيش".

نعم، أريد حضن قلبك لأحلم وأحلم لأعبر عن مشاعري وأحاسيسي، التي سأظل مقصرا في حقك ولن أوفيك حبك رغم أني عشقتك وأحببتك ونلت هوي قلبك من دون الآخرين، لأحظي بقلب وحب وغيرة هذا الفجر الذي لا توفيه كلمات في لحظة بزوغه، فلا صفحات أو مداد الأقلام تستطيع أن تعطيه حقه مما منحنا من حب وسعادة ، ففكرة ذكري يوم مولد الفجر التي تأتينا مع إشراقة كل شمس، لا يسعني سوي أن انطلق كطفل يمرح ويجري في الوديان المزهرة ليعلن للجميع بأنه يعيش أحلي لحظات حياته سعادة وبهجة بسبب روح فؤاده ومهجته .

إنه فجري لحظة بزوغه لينثر ضياءه علينا ، لينثر حبه علي قلوبنا ونحن ننتظر لقاءه بحب وأشواق، حب يتجدد ويظل علي العهد والوعد، حب لا حب بعده، فهو مسك الختام..وأشواق لحلم يتجدد بخيالات مرهفة لا أري فيها سوي نورك ووجهك الملائكي.

أعود الي نيلي وفجره ، فهو يستحق كل هذا العشق الجميل وكأنه مركب في بحر لجي يتهادي علي أمواج الأمل مستندا علي حبنا وعشقنا في قصة يتحاكي بها الزمان، لتظل الحياة ممتدة ذاكرة جمل العشق والهيام، ومهما رأت العين من جمال تظل متلهفة للعنوان، عنوان "عش الحب" علي النيل الذي لا يعرفه سوانا، فهو هوانا ومرفأنا و هدانا، عنواننا الذي نقصده لنستلهم منه الدفء والحنان..عنواننا الذي أهرب منه لكي، وأسهر معه لا إفكر سوي فيك، فيه أجري عليك ولكي، فهناك أغني وأحكي بحنين عن حبي، أبعد عنك تبكي لاقترب منك ثانية، أسير تسيري معي، إنه قلبي الذي يهواكي، فاأنايافجري أحبك، أقرب منك بشوق قلبي، بسنين عمري أحبك، أفديك بقلبي وكياني، من ليل طويل انتظر نهايته لتـأتي بحبك وأشواقك لأتقرب منك.

كاتب بحريني