مشروع بوابة الملك سلمان.. أكبر إعادة تنظيم عمراني حول الحرم المكي.. تعرف على التفاصيل

الحدث الثلاثاء ١٨/نوفمبر/٢٠٢٥ ٢٣:٥٥ م
مشروع بوابة الملك سلمان.. أكبر إعادة تنظيم عمراني حول الحرم المكي.. تعرف على التفاصيل

مكة المكرمة - وكالات

يرتبط المشروع بطريقة مباشرة مع سلسلة مشروعات مجاورة تشمل تطوير منطقة جرول، ومنطقة طريق جدة - مكة

يمثل مشروع بوابة الملك سلمان واحداً من أكبر المشروعات الحضرية التي تشهدها مكة خلال العقد الحالي، من خلال إعادة تنظيم شامل للمناطق المحيطة بالمسجد الحرام على مساحة تقديرية تبلغ 12 مليون متر مربع، تضم مساحات حضرية، وسكنية، وخدمية، وتجارية، وسياحية، ودينية، وبيئية، مع إعادة توزيع شاملة لشبكات التنقل والمشاة والضيافة، بما يحقق رؤية عمرانية أكثر تكاملاً مع الهوية الإسلامية واحتياجات الحج والعمرة في المستقبل.

ويتضمن المشروع إعادة تشكيل نطاق واسع من المناطق العمرانية الواقعة بين المدخل الغربي لمكة والمناطق المؤدية إلى المسجد الحرام، مع اعتماد نموذج تخطيطي جديد يقوم على تهيئة ممرات للمشاة، وإزالة العشوائيات، ودمج البنية التراثية مع التطوير المعماري الحديث، بهدف تقديم بيئة متوازنة تستوعب ملايين الزوار سنوياً ضمن معايير تنظيمية أكثر تقدماً، مع الحفاظ على الطابع الروحي العام للمدينة.

ويقدر أن يوفر المشروع نطاقاً متكاملاً من الخدمات اللوجستية، والمراكز الفندقية، والمرافق الصحية، والمساحات المفتوحة، والميادين الكبرى، ومواقف النقل الذكي، ومحاور الربط المتدرج بين مداخل الحرم، إلى جانب بنية تقنية داعمة تعتمد على أنظمة المراقبة الذكية، والتحكم بالحشود، وتقليل استخدام المركبات داخل النطاق المركزي، بما يعزز الهدف العام المتمثل في توفير بيئة دينية حضارية آمنة ذات انسيابية عالية للحركة، وفق تقرير لصحيفة "الخليج أون لاين" .

البوابة ومشروعات التوسعة

شهد المسجد الحرام، خلال العقود الماضية، عدداً من المشاريع الكبرى، بدءاً بتوسعات الملك سعود والملك فيصل والملك خالد، ثم التوسعات الكبرى خلال عهدي الملك فهد والملك عبد الله، والتي تركزت على زيادة قدرة الاستيعاب داخل الحرم وساحاته، إضافة إلى تطوير مرافق الطواف والمسعى، ومجمعات الخدمات المركزية، والأنظمة التقنية الداعمة، بينما تميزت توسعة الملك عبد الله باعتبارها الأوسع في تاريخ المسجد الحرام من حيث المساحات المضافة داخل نطاق العبادة المباشر.

وتعود فلسفة مشروعات الحرم السابقة إلى مبدأ التوسعة الداخلية لزيادة الطاقة الاستيعابية لقاعات الصلاة والممرات، إضافة إلى إنشاء مبانٍ عملاقة لخدمات التكييف والمياه والمرافق الصحية والأنفاق، في حين يتخذ مشروع بوابة الملك سلمان منحى مختلفاً يقوم على إعادة صياغة المجال العمراني الخارجي وتأهيل المناطق المحيطة، وليس رفع الاستيعاب الداخلي فقط، وهو ما يجعله تحولاً في الهدف التخطيطي لا مجرد توسعة عمرانية جديدة.

كما يرتبط المشروع بطريقة مباشرة مع سلسلة مشروعات مجاورة تشمل تطوير منطقة جرول، ومنطقة طريق جدة - مكة، إضافة إلى ارتباطات جزئية مع مستهدفات مشروع طريق مكة الذكي المعتمد على منظومات نقل ذكية، ومعايير هندسية تتيح التحكم بالحشود، وتقليل الاختناقات، وربط المرافق الدينية مع منظومة متكاملة من مراكز الخدمة والفنادق والمساحات المخصصة لضيوف الرحمن.

ويعد المشروع الأكثر شمولاً من حيث نطاق المعالجة العمرانية مقارنة بما سبق، إذ لا يقوم على توسعة من الداخل، بل على تحويل شامل لطبيعة البيئة السكنية والتجارية المحيطة بالحرم إلى بيئة مخططة مسبقاً، تعمل وفق منظومة عمرانية موحدة التصميم والمرافق، بدلاً من المشهد السابق المعتمد على التراكم السكني والعمراني دون دراسات متكاملة.

البعد الحضري والمعماري

يعتمد المشروع على ما يعرف بالتخطيط المتدرج للاستخدامات، من خلال توزيع الخدمات الدينية والسكنية والتجارية وفق مستويات وصول مختلفة، بما يقلل من ازدحام النطاق الأقرب للحرم، ويرفع من كفاءة استخدام الطاقة والمساحات، مع دمج عناصر الهوية الإسلامية في التصميم العمراني، وإدراج معايير استدامة تتضمن التشجير، واستخدام مواد بناء تتناسب مع بيئة مكة ومناخها الجاف الساخن.

ومن المتوقع أن يشمل المشروع بنية فندقية مرتفعة، إلى جانب مساكن مخصصة لضيوف الرحمن على مدار العام، ومناطق تعليم ديني، ومتاحف معرفية مرتبطة بتاريخ مكة المكرمة، ومسارات مشاة مغطاة، ومناطق مظللة ذات تهوية طبيعية، إضافة إلى ساحات عامة تمتد من نطاق مواقف النقل إلى نقاط الدخول الموزعة للحرم، بطريقة تخفف الضغط المباشر على البوابات الرئيسة.

توسعة الحرم المكي.. إنجاز تاريخي يعزز خدمات الحجاج والمعتمرين

كما تشير التقديرات التخطيطية إلى أن المشروع يستهدف إعادة تشكيل التجربة الدينية كاملة في محيط المسجد الحرام عبر انتقال تدريجي من نمط الحشود العشوائية إلى نمط تدفقي منظم، بما يجعل الزيارة الدينية أكثر هدوءاً واستيعاباً وسلاسة، وبما يتماشى مع مستهدفات السعودية في رفع القدرة الاستيعابية الكلية للحج والعمرة.

تطوير عقاري كبير

قبل إطلاق "بوابة الملك سلمان"، شكل مشروع "جبل عمر" أبرز عملية تطوير عقاري كبرى ملاصقة للحرم من الجهة الغربية، مع خطة لبناء نحو 45 برجاً فندقياً وسكنياً على مساحة مبنية تتجاوز 2.5 مليون متر مربع، تستوعب أكثر من 100000 حاج ومصلٍّ، وتوفر مساحة صلاة تقارب 150000 مصلٍّ، إضافة إلى مواقف تتسع لنحو 9000 سيارة.

كما برز مشروع طريق الملك عبد العزيز "مسار مكة" كمحور حضري جديد يربط مداخل المدينة بالمنطقة المركزية عبر ممر بعرض يقارب 320 متراً وطول 3.65 كيلومتر، يضم مسارات للسيارات وخط مترو ومناطق سكنية وتجارية، مع قدرة متوقعة على استيعاب عشرات الآلاف من السكان والزوار، ما جعله أحد الاعمدة الرئيسة في خطة تسهيل الوصول إلى الحرم من خارج الحلقة المركزية.

غير أن هذه المشاريع، على أهميتها، بقيت تعمل ضمن نطاقات محددة، كل منها يطور قطعة من الكتلة المحيطة بالحرم، دون وجود مظلة واحدة تعيد تنظيم كامل الجبهة العمرانية في جهة بعينها.

وهنا يأتي تميز "بوابة الملك سلمان" من حيث الحجم والترابط، إذ تغطي مساحة أكبر من مجموع كثير من هذه المشاريع، وتجمع بين السكن والفنادق والتجزئة والساحات والربط المباشر بالحرم ضمن رؤية واحدة.

ومن المتوقع أن يتداخل أثر المشروع الجديد مع المشاريع الجارية، سواء عبر ربط شبكات الحركة بينها، أو عبر إعادة توجيه جزء من الاستثمارات الفندقية والتجارية إلى المنطقة الشمالية للحرم، بما يخلق مركز ثقل عمراني جديد يضاف إلى محور جبل عمر ومحور "مسار مكة" في إعادة تشكيل خريطة مركز المدينة.