

مسقط - خالد عرابي
قال سعادة ليو جيان، سفير جمهورية الصين الشعبية المعتمد لدى سلطنة عمان: "تجمع الصين وسلطنة عُمان صداقة تقليدية عميقة وثقة سياسية متينة، مما يجعلهما شريكين استراتيجيين يعتمد كل منهما على الآخر بثقة." وأكد سعادته أن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه - وفخامة الرئيس شي جين بينغ يوليان اهتمامًا كبيرًا لتطوير العلاقات الصينية - العُمانية، ويلعبان دورًا أساسيًا في توجيهها استراتيجيًا.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده سعادته مساء أول أمس بمقر السفارة، وأوضح سعادته أن رئيسا الدولتين تبادلا الرسائل هذا العام، وحافظا على تواصل وثيق عدة مرات، واضعين التخطيط الأعلى لتطور العلاقات الثنائية.
وأشار سعادته إلى أنه مع تقدم الصين وسلطنة عُمان كلتاهما في تنفيذ الخطة الخمسية الخامسة عشرة للصين والتحديث الصيني، والخطة الخمسية الحادية عشرة لعُمان ورؤية عُمان2040، ينبغي للبلدين أن يتطلعا إلى المستقبل، ويغتنما الفرص، ويسيرا قدمًا جنبًا إلى جنب، لتحقيق المنفعة المتبادلة والربح المشترك.
وأكد قائلا: تتمتع الصين وسلطنة عُمان بثقة سياسية متبادلة قوية، وتدعمان بعضهما بعضًا في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية لكل منهما. وتُعد مسألة تايوان جوهر المصالح الأساسية للصين، ومبدأ الصين الواحدة هو التوافق الواسع للمجتمع الدولي والأساس السياسي للعلاقات الدبلوماسية للصين مع 183 دولة، بما في ذلك سلطنة عُمان.
وأضاف: ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تمسكت سلطنة عُمان بحزم بمبدأ الصين الواحدة، وهو ما تُعرب الصين عن تقديرها له. ومؤخرًا، أعلنت الصين اليوم الذكري لاستعادة تايوان لتعزيز التوافق الدولي حول مبدأ الصين الواحدة. وقال: نشأت قضية تايوان خلال فترة ضعف الأمة، وستُحلّ في نهاية المطاف في مسيرة النهضة الوطنية. وتأمل الصين أن تواصل سلطنة عُمان التمسك الثابت بمبدأ الصين الواحدة، وأن تعارض بحزم أي شكل من أشكال ما يسمى بـ استقلال تايوان، وأن تدعم تحقيق الصين للوحدة الوطنية في أقرب وقت ممكن.
مخرجات الجلسة الرابعة
وكان سعادته قد عقد هذا المؤتمر الصحفي بهدف تسليط الضوء على مخرجات الجلسة الرابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ببكين، و أوضح قائلا: عُقدت الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني في بكين بنجاح خلال الفترة من 20 إلى 23 أكتوبر 2025، . وقد حظي هذا الاجتماع باهتمام عالمي واسع وتناقلته وسائل الإعلام الدولية الرئيسية على نطاق واسع. وترى العديد من المؤسسات الإعلامية الدولية أن الخطة الخمسية الجديدة سترسم اتجاه وأهداف التنمية الاقتصادية للصين، وتخلق المزيد من الفرص التنموية للعالم.
المنظور الداخلي
وقال سعادته: من المنظور الداخلي، تمثل الجلسة الختام الناجح للخطة الخمسية الرابعة عشرة، وتؤسس لانطلاق الخطة الخامسة عشرة. ويُعترف على نطاق واسع بأن ركيزة حوكمة الحزب الشيوعي الصيني هي توجيه التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد عبر التخطيط المتوسط والطويل المدى. ومنذ خمسينيات القرن الماضي، شكّلت الخطط الخمسية مخططًا وطنيًا شاملاً على المستوى الأعلى، وكانت حاسمة في تحقيق هدف واحد طويل الأمد هو تحديث الصين كدولة اشتراكية حديثة.
وأضاف: أما من المنظور الدولي، فإن العالم يشهد تحولات وتحديات عميقة غير مسبوقة منذ قرن. وفي ظل هذا السياق من تزايد الشكوك والمخاطر الخارجية، يراقب المجتمع الدولي عن كثب كيف تنظر الصين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر دولة نامية، إلى هذه التحولات وكيف ستتعامل معها. وتقدم نتائج الجلسة الكاملة الرابعة واتجاه الخطة الخمسية الخامسة عشرة إجابة واضحة وحاسمة: ستواصل الصين مسارها المختار نحو التنمية المستقرة، مساهمةً بالحكمة والحلول الصينية للعالم. ومن خلال تحقيق المعجزتين المزدوجتين للنمو الاقتصادي السريع والاستقرار الاجتماعي الطويل الأمد، ستستفيد الصين من يقين تنميتها الذاتية كقوة استقرار في عالم مليء باللايقين.
وأضاف سعادته: تمتد فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2020–2025) على أول خمس سنوات من مسيرة الصين الجديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل. كانت هذه الفترة استثنائية ورائعة. ففي مواجهة أوضاع دولية معقدة ومهام داخلية شاقة في مجالات الإصلاح والتنمية والاستقرار، وحّدَت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وعلى رأسها الرفيق شي جين بينغ، صفوف الحزب والشعب من جميع القوميات في الصين، وساروا قدمًا بعزمٍ راسخ، متحمّلين الأثر الشديد لجائحة القرن، ومتصدّين بفعالية لسلسلة من المخاطر والتحديات الكبرى، مما ضمن بداية جيدة نحو تحقيق الهدف المئوي الثاني) أي بناء دولة اشتراكية حديثة عظيمة بشكل شامل عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في منتصف هذا القرن.(
خلال السنوات الخمس الماضية، تمسكت الصين بالتنمية عالية الجودة كموضوع رئيسي، وطبّقت بالكامل فلسفة التنمية الجديدة، وسرّعت بناء نمط التنمية الجديد، وحققت قفزات جديدة في القوة الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية، وكذلك في القوة الوطنية الشاملة.
لقد تعزّزت القوة الاقتصادية للصين بشكل ملحوظ. فمن عام 2021 إلى عام 2024، نما الناتج الاقتصادي الإجمالي للصين بثبات، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من أقل من 110 تريليونات يوان إلى أكثر من 134 تريليون يوان) حوالي 18.9 تريليون دولار أمريكي (في عام2024 ، بمعدل نمو سنوي متوسط يبلغ5.5% . واستمر إسهام الصين في النمو الاقتصادي العالمي عند حوالي30% ، محافظةً على موقعها كثاني أكبر اقتصاد في العالم. كما ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 10,600 دولار أمريكي عام 2020 إلى 13,400 دولار عام2024 ، لتحتل الصين مرتبة جيدة ضمن الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى.
النظام الصناعي الصيني
وأوضح أن النظام الصناعي الصيني أصبح أكثر اكتمالًا وتنظيمًا. فقد احتلت البلاد المرتبة الأولى في العالم من حيث إجمالي الإنتاج الصناعي على مدى 15 عامًا متتالية. وخلال فترة الخطة الرابعة عشرة، من المتوقع أن يرتفع الناتج الصناعي التحويلي بمقدار 8 تريليونات يوان، مسهمًا بأكثر من 30% من نمو الصناعة التحويلية العالمية.
وقال: زاد الاستثمار في البحث والتطوير بشكل مطّرد، إذ تجاوز إجمالي الإنفاق الوطني على البحث والتطوير 3.6 تريليونات يوان عام 2024، لتحتل الصين المرتبة الثانية عالميًا. وأكثر من 570 شركة صناعية صينية مدرجة ضمن أكبر 2500 شركة عالمية في الاستثمار في البحث والتطوير. وارتفعت نسبة صادرات المنتجات عالية التقنية بشكل حاد — إذ تمثل الصين 23% من صادرات السيارات الكهربائية و 22%من صادرات الطباعة ثلاثية الأبعاد عالميًا. وأصبحت الصين أكبر مالك لبراءات اختراع الذكاء الاصطناعي في العالم، بحصة تبلغ 60% من الإجمالي العالمي.
وأكد: قفزت القوة الوطنية الشاملة للصين قفزات كبيرة. فبينما حافظت على الاستقرار الاجتماعي العام، أصبحت أكبر دولة في تجارة السلع، وأكبر دولة من حيث احتياطي النقد الأجنبي، وأكبر منتج للطاقة، وأكبر دولة من حيث الموارد البشرية. كما تمتلك أكبر مجموعة من ذوي الدخل المتوسط وأوسع نظام للضمان الاجتماعي في العالم. تجاوز إنتاج الحبوب 700 مليون طن العام الماضي، وتحتل الصين المرتبة الأولى عالميًا في إنتاج الحبوب واللحوم والخضروات والفواكه.
انفتاح الصين في التوسع
وقال جيان: استمر انفتاح الصين في التوسع. فقد نفّذت تعاونًا عالي الجودة ضمن مبادرة الحزام والطريق مع أكثر من 150 دولة و 30منظمة دولية. وعلى مدى ثماني سنوات متتالية، احتلت الصين المرتبة الأولى في تجارة السلع عالميًا ومن بين الثلاثة الأوائل في الاستثمارات الخارجية. وتم إلغاء جميع القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي في قطاع التصنيع. وتدرس المزيد من الدول الحلول والخبرات الصينية وتتبناها. وقد تصدت الصين بحزم لممارسات التنمر التجاري وساهمت في استقرار سلاسل التوريد العالمية. وارتفع عدد الدول التي تتمتع بإعفاء أحادي الجانب من التأشيرة إلى 47 دولة، واستمر ارتفاع الحماس لبرامج سافر في الصين وتسوّق في الصين.
وأشار سعادته إلى أن كل هذه الإنجازات الكبرى تحققت بفضل القيادة القوية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بزعامة الرفيق شي جين بينغ، وبفضل الإرشاد العلمي لفكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية للعصر الجديد. لقد دفعت تنفيذ الخطة الخمسية الرابعة عشرة التنمية عالية الجودة بقوة، وعززت بشكل كبير قدرات الحوكمة الوطنية، وأرست أساسًا متينًا للخطة الخمسية الخامسة عشرة القادمة.
وقال سعادته: ستسرّع الصين جهودها لبناء دولة قوية في مجال التصنيع وقوة فضائية كبرى، وتشكيل نظام صناعي حديث تكون الصناعة التحويلية المتقدمة عموده الفقري. كما ستعزز التنمية المنسقة بين التعليم والعلوم والتكنولوجيا والموارد البشرية، مما يمكّن الجامعات الصينية الرائدة من إعداد المزيد من المواهب العلمية والتكنولوجية البارزة. وستواصل البلاد دفع بناء الصين الرقمية، وتسريع الابتكار في التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وتمكين الذكاء الاصطناعي من خدمة جميع قطاعات الاقتصاد والمجتمع.
الانفتاح هو السمة المميزة للصين
وأكد سعادته على أن الانفتاح هو السمة المميزة للصين المعاصرة وفلسفة أساسية في حكم الرئيس شي جين بينغ. إن التمسك بالانفتاح والتعاون والمنفعة المتبادلة هو مطلب جوهري للتحديث الصيني.
ويركز الانفتاح على مستوى عالٍ على التوسع التدريجي في الانفتاح المؤسسي، أي إزالة الحواجز والعوائق أمام التدفق عبر الحدود للسلع والخدمات ورأس المال والمواهب والمعلومات، ووضع قواعد اقتصادية وتجارية أكثر علمية وعقلانية وتقدماً.
وقال: في الممارسة العملية، ستبادر الصين إلى توسيع انفتاحها، وتتماشى مع القواعد الاقتصادية والتجارية الدولية ذات المعايير العالية، مع التركيز على فتح قطاع الخدمات وتسريع إنشاء مناطق التجارة الحرة والموانئ الحرة التجريبية.
وأضاف: ستواصل الصين دفع التعاون عالي الجودة في إطار الحزام والطريق، وتعزيز التوافق الاستراتيجي مع دول مجلس التعاون الخليجي ودول الشرق الأوسط، وتعميق الاتصال الصلب في البنية التحتية، والاتصال الناعم في القواعد والمعايير، والاتصال بين الشعوب. كما ستعزز التعاون في التنمية الصناعية والاقتصاد الأخضر والاقتصاد الرقمي، وبناء إطار تعاون منفتح وشامل ومستدام.
التمسك بالسياسة الخارجية
وأكد سعادته على أن بلاده ستواصل الدعوة إلى تعددية الأقطاب متساوٍ ومنظّم، وإلى عولمة شاملة ومفيدة للجميع. وستعمل على توسيع شبكة شراكاتها العالمية، وتعزيز بناء نوع جديد من العلاقات الدولية.
وستعمق الصين التكامل الإقليمي، وتقوي الأمن المشترك، وتوطد الثقة الاستراتيجية المتبادلة، وتتعاون مع جيرانها لبناء مجتمع مصير مشترك. كما ستحافظ على الاستقرار العام في العلاقات بين الدول الكبرى، وتعزز التضامن والتعاون مع الدول النامية.
وستنفذ الصين مبادرات التنمية العالمية، والأمن العالمي، والحضارة العالمية، والحكامة العالمية، موجهة النظام الدولي نحو مزيد من العدالة والإنصاف. كما ستدعم وحدة الجنوب العالمي وتحقيق الاعتماد الذاتي، وتزيد من المساعدات الخارجية، وتوفر المزيد من السلع العامة الدولية.
وتعارض الصين بشدة الهيمنة وسياسة القوة وممارسات التنمر، وتتمسك بالإنصاف والعدالة الدوليين، وتحمي المصالح المشتركة لجميع الشعوب. وستدافع عن القيم المشتركة للبشرية، وتسعى لبناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن الشامل والازدهار المشترك والانفتاح والشمول والنقاء والجمال، مساهمةً بقدر أكبر في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
وقال سعادته: ستعمل الصين على تعزيز التنمية عالية الجودة لتقوية الأمن رفيع المستوى، وضمان الأمن رفيع المستوى لحماية التنمية عالية الجودة. ومن خلال ذلك، ستواصل الصين كتابة فصول جديدة في المعجزتين المزدوجتين - النمو الاقتصادي السريع والاستقرار الاجتماعي طويل الأمد.
وفي زمن تتزايد فيه الاضطرابات العالمية، تُظهر أفعال الصين للعالم أنها شريك موثوق ومصدر استقرار في عالم مضطرب — شريك قادر على العمل مع الآخرين لبناء مستقبل أفضل.
قطاع السياحة
وقال سعادته: تنص الخطة في فقرتها حول التعاون عالي الجودة ضمن مبادرة الحزام والطريق على فتح مجالات جديدة للتعاون مثل السياحة. وتُعدّ السياحة قطاعًا محوريًا في رؤية عُمان 2040 لتحقيق التنويع الاقتصادي.
وتتمتع كل من الصين وعُمان بموارد ثقافية وسياحية غنية. ووفقًا لتقرير منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، أصبحت الصين أكبر دولة في العالم من حيث إنفاق السياحة الخارجية.
وفي 30 نوفمبر، سيتم إطلاق أول رحلة جوية مباشرة بين الصين وسلطنة عُمان، لتُقلّص مدة السفر من مسقط إلى بكين من 13 ساعة عبر الترانزيت إلى نحو 8 ساعات فقط.
وفي يونيو من هذا العام، أعلنت الصين إعفاءً أحادي الجانب من التأشيرة لمواطني عُمان، ثم أعلنت لاحقًا تمديد فترة الإعفاء. وسيؤدي الجمع بين الرحلات المباشرة والإعفاء من التأشيرة إلى تسهيل التبادلات بين شعبي البلدين بشكل كبير.
ينبغي لنا اغتنام هذه الفرصة للدخول في العصر الذهبي للتعاون السياحي الصيني–العُماني. وترغب الصين في العمل مع عُمان على تعزيز الترويج السياحي المتبادل ودمج الثقافة والسياحة، وتشجيع المزيد من الزيارات المتبادلة بين السياح، وتعميق التفاهم المتبادل، وتحفيز النمو الاقتصادي.
وأختتم سعادته مؤكدا على أن تنمية الصين ستخلق المزيد من الفرص للعالم. وفي مسيرة تنفيذ الخطة الخمسية الخامسة عشرة وتحقيق التحديث الصيني، ستشارك الصين جميع دول العالم فرصها وتسعى إلى التنمية المشتركة معها.