جلسات علمية تبحث سُبل الوقاية من السرطان والعلاج بأحدث التقنيات بمسقط

صحة و طب الثلاثاء ٠٤/نوفمبر/٢٠٢٥ ١٥:٥٩ م
جلسات علمية تبحث سُبل الوقاية من السرطان والعلاج بأحدث التقنيات بمسقط

مسقط - العُمانية

تواصلت في مسقط اليوم أعمال المؤتمر العالمي للسرطان والقمّة والمعرض المصاحب لعام 2025، لليوم الثاني على التوالي، بمشاركة نخبة من الخبراء والأطباء في مجالات علاج وأبحاث السرطان، والوقاية منه، والتقنيات الحديثة في التشخيص والعلاج، من داخل سلطنة عُمان وخارجها. وأكّدت الجلسات على أنّ مستقبل مكافحة السرطان يعتمد على الدمج بين البحث العلمي المتقدم والتقنيات الرقمية الذكية، مثل الذّكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الجينومية، لتطوير استراتيجيات دقيقة في التشخيص والعلاج. ودعت إلى أهمية تعزيز التعاون بين المراكز البحثية الإقليمية والعالمية، وتوسيع برامج التدريب وبناء القدرات الوطنية في مجال الأورام، بما يضمن استدامة الجهود وتحقيق العدالة في الحصول على الرعاية الصحية.

وشدّدت على أهمية الجانب النفسي والاجتماعي في رحلة المريض، داعيةً إلى تطوير برامج متكاملة للدعم النفسي وإعادة التأهيل، وإشراك المرضى المتعافين في جهود التوعية كقدوة مجتمعية محفزة للأمل.

وتطرّق المتحدثون خلال الجلسات إلى أهمية تعزيز الشراكات الدولية في مجال أبحاث السرطان، وتبادل الخبرات في التقنيات العلاجية المتقدمة، مشيرين إلى أنّ المؤتمر يشكّل منصة عالمية لربط المؤسسات البحثية والمستشفيات المتخصّصة، وتوحيد الجهود لتسريع الوصول إلى علاجات أكثر فاعلية وأقل كلفة.

وشهد اليوم الثاني من المؤتمر عقد ثلاث جلسات علمية متخصّصة ناقشت أحدث التطوّرات في مجالات الوقاية والتشخيص والعلاج، مع تركيز خاص على التقنيات الإشعاعية المتقدمة ودور المنظمات غير الحكومية في تعزيز جهود مكافحة المرض.

وفي الجلسة الأولى التي جاءت بعنوان "الوقاية من السرطان.. استراتيجيات وطنية واستثمار في الوعي"، جرى التأكيد على أهمية تبنّي استراتيجيات وطنية شاملة للوقاية والتشخيص المبكر، باعتبارها أساسًا لتقليل العبء الصحي والاجتماعي للمرض.

وأشارت الجلسة إلى أنّ الاستثمار في التوعية الصحية والتحصين باللقاحات وتغيير أنماط الحياة يمثل ركيزة أساسية للحد من انتشار السرطان، مع ضرورة دمج هذه الجهود ضمن السياسات الصحية الوطنية لضمان استدامتها وفعاليتها.

وفي محور سرطان الثدي والتطوّرات الحديثة في العلاج والجراحة الروبوتية، نُوقشت أحدث الأساليب في علاج سرطان الثدي النقيلي عالي الخطورة.

وقدمت الدكتورة جاياناتي ثومسي محاضرة حول تقنيات استئصال الثدي الروبوتي، موضحةً أنّ هذه الأساليب الدقيقة تُسهم في تحسين النتائج الجمالية والوظيفية بعد الجراحة.

وأكّدت الجلسة على أهمية الطب الدقيق في تخصيص العلاج وفقًا للخصائص الجينية لكل مريض، واختُتمت الجلسة بنقاش تفاعلي تناول التحدّيات السريرية وآفاق البحث المستقبلي.

أما المحور الثاني "سرطان الثدي: العلاج المناعي وإعادة البناء التقني"، فقد تناول الدور المتزايد للعلاج المناعي في المراحل المبكرة من سرطان الثدي الثلاثي السلبي، مع التركيز على النتائج المشجعة للدمج بين العلاجات الموجّهة والمناعية لرفع معدلات الشفاء.

وقدّم الدكتور محمد جابر عرضًا مرئيًا حول طريقة جديدة لإعادة بناء الحلمة والهالة باستخدام تقنية "فيكس نيب–نيبل"، فيما ناقش البروفيسور ديميتريوس فارفراس والدكتورة أرتيفا الشمري أحدث التطوّرات في جراحة أورام الثدي وتقنيات إعادة البناء. وخُتم المحور بعرض حول خزعة العقدة اللمفاوية الحارسة بعد العلاج الكيميائي المساعد، تلاه نقاش مفتوح حول أفضل الممارسات السريرية.

وفي محور "أورام متنوعة.. من الكشف المبكر إلى إعادة البناء الدقيق"، قُدمت مجموعة من العروض التي ركزت على الوقاية والكشف المبكر والعلاجات الحديثة. وشملت الجلسة محاضرة حول الحماية من سرطان الجلد، تلتها مناقشة حول الكشف المبكر عن سرطان الثدي، ثم عرض بعنوان "سرطان الفم في عُمان: من الكشف المبكر إلى إعادة البناء الدقيق" الذي أبرز التطوّر في الخدمات الجراحية والعلاجية في سلطنة عُمان.

وناقش المتحدثون أهمية إدراج لقاح فيروس الورم الحليمي البشري ضمن برامج الوقاية الوطنية للحد من معدلات سرطان عنق الرحم.

واختُتمت الجلسة بعروض حول الأورام العصبية وأورام الأطفال، بما في ذلك استخدام مثبطات إنزيم (IDH) والعلاج الإشعاعي الشبكي في حالات الساركوما.

وفي الجلسة الثانية المخصّصة لمحور العلاج الإشعاعي والثورات التقنية في مكافحة الأورام، شارك عدد من المختصين البارزين في مجال العلاج الإشعاعي. واستعرض الدكتور سريدهار تقنيات العلاج الإشعاعي التجسيمي (SBRT) باستخدام السايبر نايف والعلاج بالبروتونات (PBT)، بوصفها تقنيات ثورية في علاج السرطان المتقدم.

واستعرضت الدكتورة س. م. سونيثا دور تقنية الرنين المغناطيسي الخطي (MR-Linac) في تحقيق دقة عالية في توجيه الأشعة مع الحفاظ على الأنسجة السليمة.

وقدّم الدكتور زاهد المنذري ورقة عمل حول العلاج الإشعاعي المعزّز قبل الجراحة لسرطان الثدي المبكر، تلاها عرض سريري عن تأثير التصوير بالرنين المغناطيسي في تحسين النتائج العلاجية.

وناقشت الجلسة كذلك استخدام تقنية DOTA PET/CT في الأورام السحائية الدماغية، والعلاج الإشعاعي الموضعي لأورام الجلد، إضافة إلى العلاج الإشعاعي لسرطان المستقيم، مع التركيز على دور العلاج بالبروتونات في تحسين نسب البقاء على قيد الحياة في الحالات المعقدة.

وتناول محور "سرطان الجهاز البولي التناسلي" أحدث الممارسات في علاج أورام البروستاتا والكلى والمسالك البولية، بما في ذلك المراقبة النشطة باستخدام الرنين المغناطيسي وتجربة الاستئصال النانوي في مؤسسة حمد الطبية.

وأكّد المشاركون أنّ التكامل بين التقنيات الروبوتية والعلاج المناعي يفتح آفاقًا جديدة لتحسين نتائج المرضى. وفي الجلسة الثالثة بعنوان "دور المنظمات غير الحكومية.. شراكات مجتمعية وإبداع في التوعية"، شهدت النقاشات طرح تجارب ثرية حول الشراكات المجتمعية ودور المنظمات غير الحكومية في مكافحة السرطان ودعم المرضى.

وشاركت صاحبة السُّمو الملكي الأميرة دينا مرعد الرئيسة السابقة للاتحاد الدولي لمكافحة السرطان إلى جانب الدكتورة سوسن الماضي وسعادة الشيخ الدكتور خالد بن جبر آل ثاني، رئيس الجمعية القطرية للسرطان وسارة ناجي في جلسة بعنوان "شراكات المنظمات غير الحكومية"، حيث تمّ استعراض تجارب ناجحة في جمع التبرعات وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى. وتناول محور التوعية العامة دور وسائل التواصل الاجتماعي في إيصال رسائل الوقاية، مع عرض مرئي حول الإبداع في التوعية بسرطان الثدي، فيما ركزت جلسة "نمط الحياة والسرطان" على تغيير السلوك الصحي كوسيلة فعّالة للوقاية.

واختُتمت فعاليات اليوم الثاني بحلقة عمل حول توجيه مرضى السرطان، أكّدت على أهمية التكامل بين العمل المجتمعي والمؤسسي لتوسيع نطاق الوقاية والرعاية، مشددةً على أنّ الوقاية والتشخيص المبكر والبحث العلمي تمثّل الركائز الأساسية لمكافحة السرطان.

وأجمع المشاركون إلى أنّ الدمج بين التقنيات الطبية الحديثة والوعي المجتمعي والشراكات المؤسسية يُعدُّ الطريق الأمثل للحدّ من انتشار المرض وتعزيز جودة حياة المرضى.