
كما عودنا جهازالرقابة المالية والإدارية للدولة في الربع الاخيرمن كل عام بنشر تقريره السنوي بعنوان (ملخصً المجتمع) والذي يظهر ملخص لنتائج أعماله للسنة المنصرمة ويكشف للمجتمع ما أسفرت عنه نتائج المتابعة المالية والإدارية لبعض الوحدات الحكومية والهيئات والاستثمارات والشركات المشمولة برقابته ، إلى جانب استعراض جهود الجهاز في تعزيز النزاهة خلال ذلك العام ومؤخرا تم نشر مخلص التقرير لعام 2024م في نسخته الخامسة.
ومن الأثار الإيجابية لنتائج أعمال الجهاز لعام 2024 حسبما ورد في بيان الجهاز تمثلت في تحقيق قيمة مضافة من واقع تحصيل واسترداد مبالغ مالية لصالح الخزانة العامة بلغت نحو 58 مليون ريال عُماني منها 25 مليون ريال عُماني حُصِّلت أو استُرِدَت في عام 2024، و33 مليون ريال عُماني حُصِّلت أو استُرِدت في عام 2023، وأُدرِجت في التقرير السنوي عن عام 2024.
يقوم الجهاز برفع تقريره السنوي مباشرة الى جلالة السلطان - حفظه الله ورعاه- ليكون جلالته على اطلاع بالنتائج التي توصل اليها الجهاز ونسخًا منه إلى مجلس الوزراء ومجلس الدولة ومجلس الشورى إعمالًا لحكم المادة (66) من النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 6/ 2021، والمادة (29) من قانون الرقابة المالية والإدارية للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 111 /2011.
والحق يقال بأن جهاز الرقابة المالية والادارية للدولة يبذل قصارى جهده في سبيل الحفاظ على المال العام ومكافحة الفساد بكافة اشكاله والكشف عن القضايا التي احيانا يتخبى اصحابها تحت عبأة الزهد والوقار ، وخلال السنوات الاخيرة لاحظنا هناك جودة في الأداء وتعمق اكبر في قضايا كثيرة ويظهرها الجهاز بكل شفافية ووضوح للشارع العام والمتمثلة في قضايا استغلال المنصب لتحقيق منفعة، وقبول الرشوة للقيام بأعمال منافية لواجبات الوظيفة، والتزوير المعلوماتي، والتزوير في محررات رسمية، واختلاس أموال عامة، والإخلال في أداء الواجبات الوظيفية، والتعدي على المال العام .
في هذا المقال سوف لن نخوض في تفاصيل ماجاء في التقرير من وقائع وحقائق وارقام فهي منشورة ومتاحة في موقعهم عبر شبكة المعلومات وتم تداولها عبر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
سوف نسلط الضؤ على بعض الإستنتاجات التي نستشفها من واقع ماجاء في هذا التقرير المختصر لعل أهمها هو أن هناك للاسف الشديد اشخاص خانوا الامانة وباعوا ضمائرهم ووطنهم مقابل ثمن بخس دراهم معدودة أو مناصب براقة واعتدوا على المال العام واستغلوا مناصبهم وذلك بسبب عدم وجود الوازع الديني والرقابة الذاتية فلو وجدت الرقابة الذاتية لدى الموظف والذي هو مؤتمن على وظيفته والتي هي تكليف قبل ان تكون تشريف لما تطاول على المال العام ولم تطاوعه نفسه إستغلاله لمصالحه الشخصية.
للاسف الشديد في بعض وحدات القطاع العام هناك تسيب وعدم مبالة ولا يوجد لدى من أوكل إليه المسئولية إهتمام أوحرص على المال العام ، و رغم وجود دوائر تدقيق داخلي في كل الوحدات والتي كان ينبغي عليها ان تراجع كل صغيرة وكبيرة تمر عليها قبل اقرارها او اعتمادها إلا أنه يبدوا بأن هذه الدوائر لم تقوم بدورها على أكمل وجه لمحاولة مكافحة الفساد قبل وقوعه وإلا ماذا نسمي جهة معينة يوجد بها موظف إستطاع ان يستغل الصلاحيات اوامر الشراء لتذاكر السفر 82 معاملة وبماذا نفسر منح أكثر من 300 عامل ومربي مواشي إقامة مستثمر وصرف حوالي ثلاثة ملايين ونصف ريال عماني كدعم غبير مستحق ، بل أنه حتى الجمعيات التعاونية بالمدارس لم تسلم من السرقة وفي جهة أخرى هناك منن قام بالتزوير لصالح أقارب وغيرها من القضايا .
ومن أغرب القضايا التي لفتت أنتباها القضية المتعلقة بمنظومة إجادة هذه المنظومة التي روج لها منذ أكثر من ثلاث سنوات وطبقت على أرض الواقع رغم الملاحظات الكثيرة عليها فقد إتضح انها تدار من قبل شركة خاصة دون إشراف الوزارة مما يؤكد الخلل الموجود في بعض مؤسساتنا العامة.
هناك فجوة كبيرة داخل بعض الوحدات الحكومية بين الادارة والاقسام فكل جهة تعمل منعزلة عن الاخرى ولا يوجد ترابط ولا تنسيق فيما بينهما من هنا ينتهز بعض ضعاف النفوس هذه الفجوة لكي يقوم بإستغلال الوضع ، إضافة الى ذلك عدم وجود تنسيق وتكامل بين الوحدات بعضها البعض مما يؤدي الى ارتكاب مثل هذه المخالفات .
واخيرا نقول شكرا جزيلا لجهاز الرقابة المالية والادارية للدولة والذي هو الحارس الامين على المال العام ونقول للوحدات الادارية للدولة ينبغي أن تتعلم الدرس وتصلح من هياكلها الادارية والمالية ومن أجهزتها الرقابية وفي الاخير هناك أمنية وطموح لدى المواطن أن يتم التشهير بكل من تسول له نفسه استغلال المال العام بأي طريقة كانت وذلك لكي يكون عبرة للأخرين وهذا يأتي في اطار مراعاة مشاعر أكثر من ثلاثة ملايين مواطن يطالبون بذلك.