عودة الحمى الصفراء

مؤشر الأحد ٢٢/مايو/٢٠١٦ ٠٣:٢٦ ص
عودة الحمى الصفراء

قبل أن تبدأ أهوال مرض الايبولا الأخير في غرب أفريقيا بالتلاشي من عقولنا، ظهر فيروس زيكا كخطر كبير يهدد الصحة العالمية ، وهو الآن موضوع قلق بالنسبة للباحثين والأطباء في أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى، ومنطقة البحر الكاريبي . ومع ذلك، فإن عدد القتلى في ارتفاع مستمر بسبب فيروس آخر: الحمى الصفراء.
في جنوب غرب أفريقيا، تواجه أنغولا وباء الحمى الصفراء الخطير لأول مرة منذ 30 عاما. منذ أن ظهر الفيروس في لواندا، عاصمة أنغولا والمدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان في ديسمبر الماضي، أودى هذا الوباء بحياة 293 شخصا وإصابة 2267. وقد انتشر الفيروس الآن في ست محافظات من بين 18 محافظة في البلاد. ونقل المسافرون معهم المرض إلى الصين، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وكينيا. والآن توجد ناميبيا وزامبيا في حالة تأهب قصوى.
وينتقل فيروس الحمى الصفراء عن طريق بعوض "الزاعجة المصرية" - نفس البعوض الذي نشر فيروس زيكا. وتشمل أعراض الاٍصابة بالفيروس الحمى وآلام في العضلات، والصداع، والغثيان، والتقيؤ، والتعب. وما لا يقل عن نصف الحالات الشديدة غير المعالجة من الحمى الصفراء يموتون في غضون 10 أو 14 يوما.
والخبر السار هو أنه على خلاف زيكا أو الإيبولا، يمكن السيطرة على الحمى الصفراء بلقاح فعال، والذي يكفي لمنح حصانة مدى الحياة في غضون شهر من العلاج. وبالفعل، يشكل التلقيح جوهر خطة الاستجابة الوطنية في أنغولا، والتي بدأت في بداية هذا العام بهدف جعل لقاح الحمى الصفراء في متناول أكثر من 6.4 مليون شخص في مقاطعة لواندا.وحتى الآن، تم تلقيح ما يقرب من 90٪ من هذه الفئة السكانية المستهدفة، وذلك بفضل منظمة الصحة العالمية، ومجموعة التنسيق الدولية لتوفير اللقاح، وغيرها من البلدان، بما في ذلك جنوب السودان والبرازيل، والتي قامت بتوفير نحو 7.35 مليون جرعة من اللقاح.
وقد أوقف التلقيح الشامل انتشار الحمى الصفراء. لكن من أجل وضع حد لتفشي المرض، ينبغي أن يستمر التلقيح ليس فقط في لواندا، حيث هناك 1.5 مليون من الناس المعرضون لخطر العدوى، بل يجب أن يشمل أيضا المحافظات المتضررة الأخرى. وسيكون هذا تحديا كبيرا.
الآن تكمن المشكلة الرئيسية في تكلفة اللقاح. ففي عام 2013، كلف لقاح الحمى الصفراء 0.82 دولار لكل جرعة في أفريقيا - وهو السعر الذي لا تستطيع معظم البلدان النامية تحمله. وأظهر تقرير عام 2015 لمنظمة أطباء بلا حدود أن اللقاح أصبح الآن أكثر تكلفة بما يقرب من سبعين مرة مما كان عليه في عام 2001.
ومما يزيد الأمور سوء أنه ولو كانت الدول لديها المال الكافي، هناك قيود على التزويد. ويعد معهد باستور بداكار في السنغال، واحد من أربع منشآت فقط في العالم التي تنتج لقاحات الحمى الصفراء، بتصنيع نحو عشرة ملايين جرعة سنويا، لكن من الصعب الزيادة في نسبة عملية التصنيع. وعلاوة على ذلك، فمعهد باستور على وشك الإغلاق لأجل الترميم لمدة خمسة أشهر، حيث أنه لن يكون قادرا على اٍنتاج المزيد من اللقاحات.
ولحسن الحظ، سيتم تحسين الوضع. فمعهد باستور يعمل على بناء منشأة جديدة تبعد بمسافة 30 كيلومترا من داكار، في ديامنياديو، والتي من المتوقع أن تضاعف اٍنتاجه ثلاث مرات أكثر بحلول عام 2019. وهناك مصنع آخر ينتج لقاح الحمى الصفراء ، سانوفي باستور في فرنسا، ويعمل أيضا على توسيع القدرة التصنيعية. (وهناك مصانع أخرى في البرازيل وروسيا). و لحد الآن، لا توجد إمدادات كافية. فالطريقة الوحيدة لتوسيع المخازن الموجودة ستكون عن طريق إعطاء جرعة جزئية (أي خٌمٌس الجرعة المعتادة)، وقد ثبت أنها فعالة أيضا للوقاية من الحمى الصفراء.
رئيس البرنامج وزميل الصحة العالمية في مؤسسة بيل وميليندا غيتس.