صباح الخير..
في زمنٍ يتعطّش فيه العرب لمن يرفع رايتهم في سماء كرة القدم العالمية، جاء المغرب ليصنع معجزة جديدة، لكن هذه المرّة على مستوى الشباب. فوز منتخب المغرب تحت 20 سنة بكأس العالم 2025 لم يكن مجرّد “مفاجأة”، بل تتويجًا لمدرسة كروية عربية باتت تتكلم لغة العالمية باحتراف.
فنيًا، قدّم منتخب الشباب المغربي نموذجًا متكاملًا لفريق منضبط تكتيكيًا، قوي بدنيًا، ذكي ذهنيًا. في كل مباراة، بدا واضحًا أن اللاعبين لا يعتمدون على المهارات الفردية فقط، بل على “فلسفة لعب” واضحة: تنظيم دفاعي صلب، انتقال سريع من الدفاع للهجوم، وسيطرة عقلانية على نسق المباريات. المدرب محمد وهبي زرع عقلًا في أقدام لاعبيه، وهذا ما يميز المدرسة المغربية الجديدة.
المذهل في الأداء المغربي ليس فقط النتائج، بل الهوية. منتخب يعرف ماذا يريد، يعرف متى يُهاجم ومتى يصبر، ومتى يُغلق المساحات بذكاء. لا عشوائية، لا ارتجال. كل تحرك محسوب. هذا الفريق لم ينتصر فقط على الأرجنتين في النهائي، بل أطاح بمدارس كروية كبرى مثل البرازيل، فرنسا، إسبانيا. نحن أمام جيل مغربي يعرف كيف يلعب كرة عالمية، دون أن يتخلى عن روحه العربية.
لكن وراء هذه الطفرة عوامل كثيرة:
• استثمار طويل المدى في التكوين، عبر أكاديميات مثل أكاديمية محمد السادس التي أصبحت منجم ذهب حقيقي.
• ربط الجيل الناشئ بالكرة الأوروبية دون أن يذوب فيها، بل يستفيد منها فنيًا ويصقل هويته.
• احترافية غير مسبوقة في التنظيم والتخطيط من الاتحاد المغربي، الذي بات يعمل بعقلية الأندية الأوروبية الكبرى.
الكرة المغربية لم تعد مجرد موهبة، بل أصبحت نظامًا. مشروعًا كرويًا يمتد من الفئات السنية إلى المنتخب الأول، قائم على وضوح الرؤية، والعمل الصبور، والجرأة في الحلم.
وإن كان مونديال قطر قد أعطى للعرب الأمل، فإن مونديال الشباب 2025 منحهم البرهان: نعم، الكرة العربية يمكن أن تكون عالمية… بشرط أن تتعلّم من المغرب.