الكويت - العُمانية
شاركت سلطنة عُمان، ممثلةً بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، اليوم في أعمال الاجتماع الحادي عشر لأصحاب المعالي والسعادة الوزراء المسؤولين عن الشؤون الدينية/الإسلامية والأوقاف بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي استضافته دولة الكويت الشقيقة، بمشاركة أصحاب المعالي والسعادة الوزراء من دول المجلس، وبحضور معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ناقش الاجتماع عددًا من الموضوعات المتعلقة بسُبل تطوير العمل المؤسسي المشترك في المجالات الدعوية والوقفية، ودعم البرامج الهادفة إلى نشر ثقافة الوسطية والاعتدال، إلى جانب بحث المقترحات المتعلقة بتفعيل دور المؤسسات الدينية في خدمة المجتمع وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة.
وتناول الاجتماع المبادرات الرامية إلى توظيف التقنيات الحديثة والذّكاء الاصطناعي في مجالات العمل الديني، وتطوير آليات بناء المساجد وصيانتها، وترسيخ ثقافة الأمن الفكري، وترشيد استهلاك الموارد في المساجد.
وأكّد أصحاب المعالي والسعادة الوزراء على أهمية استمرار عقد اللقاءات الدورية لتبادل الخبرات والتجارب الناجحة، بما يُسهم في تعزيز رسالة العمل الديني المشترك في دول مجلس التعاون، وتفعيل دوره في دعم التنمية وتعزيز القيم الأخلاقية والإنسانية في المجتمعات الخليجية.
وألقى معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري، وزير الأوقاف والشؤون الدينية، كلمةً قال فيها: إنّ عالمنا اليوم يشهد تحوّلات سريعة وتحدّيات متشابكة ألقت بظلالها على شعوبنا ومجتمعاتنا، وحتى على مستوى الأفراد؛ من اضطراب المفاهيم القيمية، إلى تصاعد خطاب الكراهية والتحريض على الانقسام، مرورًا بتداعيات الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية، التي باتت تهدّد السلم العالمي والاستقرار الاجتماعي.
وأضاف معاليه: في خضمّ هذه التحدّيات، تبقى الأسرة في مجتمعاتنا إحدى أكثر المؤسسات استهدافًا، إذ تسعى أجندات بعض الأشخاص إلى تفكيك روابطها وإضعاف مكانتها، إدراكًا منهم بأن صلاحها هو الركيزة الأولى لبناء الإنسان وحماية المجتمع.
وفي هذا المشهد العالمي المضطرب، أكّد معاليه على المسؤوليات التي تقع على عاتق المؤسسات الإسلامية والدينية لإعادة توجيه الخطاب الديني، بما يُعزّز من مكانة مجتمعاتنا وقدرتها على الصمود والتأثير الإيجابي ضمن هذا النسيج العالمي الواسع، وهذا لا يتأتّى إلا بخطاب يُعيد الاعتبار لمقاصد هذا الدين الحنيف، التي تتمحور حول تكريم الإنسان ورعاية مصالحه الدينية والدنيوية، ويقوم على الوسطية والاعتدال، ويواجه مظاهر الغلو والتطرّف والإقصاء.
وتطرّق معاليه إلى تجربة سلطنة عُمان، التي أظهرت أنّ تعزيز الاستقرار والتفاهم والتعايش يبدأ بثُلاثية: المعرفة، والتعارف، والاعتراف؛ فالمعرفة هي الأساس في إزالة الجهل عن الذات والآخر، وبناء الثقة والوضوح في التعاملات، والتعارف هو التفاعل الحضاري والإنساني الذي يفتح آفاق التعاون بين الناس ويمنع الصدام والعزلة، أمّا الاعتراف فهو تقدير متبادل للإنسان في تنوّعه وثقافاته وخياراته، بما ينسجم مع القيم الأخلاقية والإنسانية الجامعة.
ولفت معاليه إلى أنّ هذه الثلاثية تمثّل إطارًا نظريًّا ورؤية عملية يمكن أن تُسهم في حماية أوطاننا وتعزيز مكانة مجتمعاتنا في هذا العالم سريع التغيّر.
وأكّد معالي الدكتور وزير الأوقاف والشؤون الدينية في خِتام كلمته على أنّ لمؤسساتنا الإسلامية والدينية اليوم دورًا جوهريًّا في بناء ثقافة الوئام والسلام، وتحصين المجتمعات بالقيم الإنسانية المشتركة، والتأكيد على أنّ أمن الأوطان يبدأ من إيمان الإنسان: إيمانه بدوره ومسؤولياته، وأنّ النهضة والتنمية لا تُبنى إلا على أسس راسخة من القيم الدينية والإنسانية.