برامج وطنيّة متكاملة لتعزيز التعافي والوقاية من المخدرات

بلادنا الأحد ٠٥/أكتوبر/٢٠٢٥ ١٤:٠٠ م
برامج وطنيّة متكاملة لتعزيز التعافي والوقاية من المخدرات

الشبيبة - العمانية 

تبذل سلطنة عُمان جهودًا حثيثة في مجال الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية عبر سلسلة من البرامج المتكاملة التي تجمع بين العلاج والتأهيل والتوعية، وتشترك في تنفيذها مختلف الجهات الحكومية والأهلية، في إطار تنسيق وشراكة مجتمعية.

وتتمثل هذه البرامج الوطنية الرائدة في برنامج "تكيّف" المخصص لمتابعة رعاية المتعافين ودمجهم اجتماعيًّا وأسريًّا، وبرنامج "فواصل" الوقائي الموجّه لطلبة المدارس لتعزيز مهاراتهم الحياتية ورفع وعيهم بمخاطر المخدرات، وهي برامج تتكامل مع الجوانب العلاجية والوقائية والمجتمعية لتعزيز استقرار المتعافين وترسيخ بيئة داعمة للحد من انتشار ظاهرة المخدرات.

وأكدت الدكتورة أميرة بنت عبدالمحسن الرعيدان، مشرفة قسم التوعية والتدريب في المكتب التنفيذي التابع للجنة الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية بوزارة الصحة لوكالة الأنباء العُمانية، أن هناك جهود تعاون ملموسة بين وزارة الصحة والجهات الحكومية ذات الصلة، من خلال البرنامج الوطني "تكيّف"، المخصص لمتابعة ورعاية لاحقة لخريجي مركز بيوت التعافي بين المستفيد والأخصائي الاجتماعي.

وأضافت أن لجنة الوقاية التابعة للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات قامت بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية بتنفيذ هذا البرنامج الوطني ليشمل جميع محافظات سلطنة عُمان.

وبيّنت أن البرنامج يهدف إلى إعادة التأهيل الاجتماعي للمتعافين من إدمان المخدرات وإعادة تواصلهم مع أسرهم، من خلال تقديمه برامج إرشادية متنوعة يقدمها الأخصائي الاجتماعي للمتعافين؛ لتساعدهم على التكيّف في محيطهم الاجتماعي والأسري، بما يحقق لهم الاستقرار النفسي والاندماج في المجتمع.

وذكرت أن البرنامج الوطني التعليمي الوقائي "فواصل"، نفذته لجنة الوقاية من المخدرات بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، ويستهدف طلبة المدارس من سن الثانية عشرة إلى الرابعة عشرة، لافتة إلى أن البرنامج بُني على نموذج التأثير الإدراكي والاجتماعي من خلال انتهاج أساليب ومهارات صحية وقائية في ممارسات الطلبة اليومية.

وأشارت إلى أنه تم تدريب فريق وطني مكوّن من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين بالمحافظات التعليمية من وزارة التربية والتعليم، ولجنة الوقاية التابعة للجنة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية، وشرطة عُمان السُّلطانية، ووزارة الصحة، لإكسابهم أساليب واستراتيجيات جديدة في التوعية، وزيادة وعي الطلبة والأهالي معًا بمخاطر المخدرات، من خلال مزج المعلومات بالمهارات الشخصية والاجتماعية، وتنمية المهارات الحياتية، وإحداث التأثير الإدراكي عبر إيجاد الفرص المناسبة لتفاعل الطلبة وإشراكهم بصورة إيجابية في أنشطة البرنامج، الذي يُعدّ أحد البرامج الإبداعية والمتجددة في هذا المجال.

وقالت الدكتورة أميرة بنت عبدالمحسن الرعيدان إن لجنة الوقاية تشرف سنويًّا على "المسابقة المجتمعية"، بالتعاون مع دائرة المبادرات المجتمعية بوزارة الصحة التي تهدف إلى تشجيع أفراد المجتمع بشكل عام، وفئة الشباب على وجه الخصوص، على تبّني مشروعات مجتمعية تؤدي في مجملها إلى الحدّ من هذه الظاهرة في جميع ولايات محافظات سلطنة عُمان، وبالتعاون مع اللجان الصحية فيها.

وأضافت أن المسابقة تتضمن مجموعة من التدخلات المجتمعية، القائمة على تنفيذ أنشطة ثقافية ورياضية وترفيهية لاستثمار طاقات الشباب وتوظيفها بالشكل الإيجابي، بما يعزز سلوكياتهم الصحية ويحدُّ من المخاطر السلبية على حياتهم.

جدير بالذكر أن لجنة الوقاية التابعة للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، وبالتعاون مع الإدارة العامة للمكافحة، تنظم بصفة دورية حملات مجتمعية توعوية، من خلال إقامة الندوات والمعارض التوعوية وتسيير القافلة التوعوية التي تجوب مختلف محافظات سلطنة عُمان، لرفع مستوى الوعي المجتمعي تجاه مشكلة المخدرات.

وحول توفير الدعم النفسي والاجتماعي للمتعافين من الإدمان، بيّنت مشرفة قسم التوعية والتدريب في المكتب التنفيذي التابع للجنة الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية بوزارة الصحة، أن الدعم يتجلى من خلال تشجيع المريض على حضور المتابعة الدورية في عيادة الإدمان بمستشفى المسرة، لمقابلة الطبيب من أجل تقييم الحالة النفسية والصحية، ومعالجة الظروف الاجتماعية والأسرية التي يواجهها المريض.

وأشارت إلى أنه على أساس ذلك يقوم الطبيب بدوره في تحويل الحالة إلى الأخصائية النفسية لحضور الجلسات النفسية الفردية أو الجماعية، كما يتم الحرص على إحالة المريض إلى رعاية الأخصائية الاجتماعية، لمساعدته على تخطي المشكلات الأسرية والوظيفية والاجتماعية التي قد يمر بها.

وعن الخطط المتبعة لدمج المتعافين في المجتمع بعد انتهاء فترة العلاج، وضحت الدكتورة أميرة بنت عبد المحسن الرعيدان أنه يتم تعزيز الدافعية لدى المريض وتشجيعه على استكمال برنامج التأهيل العلاجي السلوكي في مركز الرعاية اللاحقة (مركز بيوت التعافي)، وهي مرحلة تأهيل طويلة المدى تستمر إلى 6 أشهر فأكثر، بحسب رغبة المستفيد مؤكدة على أن هذه المرحلة تسهم في تقليل احتمالية الانتكاسة، كما تُعدّ المستفيد لتحسين علاقته بأسرته، وإكسابه مهارات للاندماج في المجتمع.

وأضافت أن البرنامج الوطني "تكيّف" للمتعافين يسعى إلى دمج المستفيد في المجتمع، وإعادة بناء علاقات التواصل مع الأهل والأصدقاء، وتنمية القدرة على التكيّف ومواجهة ضغوط الحياة، من خلال ما يُقدَّم لهم من برامج إرشادية وسلوكية متنوعة تساعدهم وتدعمهم على التكيّف في محيطهم الاجتماعي والأسري، بما يحقق لهم الاستقرار النفسي والاجتماعي، ويُعزز تعافيهم، ويقوي صلابتهم النفسية في التعامل مع التحديات.

ودشنت المنصة الوطنية للتوعية بمخاطر الإدمان والمؤثرات العقلية "حياة"، كأول منصة رقمية في سلطنة عُمان تُعنى بتقديم خدمات توعوية واستشارية متكاملة في مجال الوقاية والعلاج من المخدرات والمؤثرات العقلية، إلى جانب توفير قنوات دعم مباشرة للأفراد وأسرهم وفئات المجتمع.

وتأتي المنصة ثمرة للشراكة بين وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية ووزارة الإعلام ووزارة الثقافة والرياضة والشباب.

كما أعلن عن هذه المنصة استجابةً للتحديات الاجتماعية المرتبطة بانتشار المخدرات وتزايد أعداد المدمنين، والحاجة إلى توفر بيانات ومعلومات توجيهية وتوعوية موثوقة في مكان واحد، من خلال توفير بيئة إلكترونية آمنة وفعّالة وسهلة الوصول للوقاية، والدعم، والتوعية، والإرشاد والعلاج والتأهيل.

وتُعدُّ منصة "حياة" إحدى المبادرات الوطنية التي تنسجم مع أولويات رؤية "عُمان 2040"، لا سيما في محورها المتعلق ببناء مجتمع آمن وصحي ومتماسك.