أفكار جديدة للتعمين

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٩/يناير/٢٠١٨ ٠٢:٠٩ ص
أفكار جديدة للتعمين

سمعان كرم

في هذه الظروف التي تحمل في طيّاتها الكثير من التحديات يكون الحل بالتكاتف والتعاون وتحمل المسؤوليات والأعباء بعضنا عن بعض إلى أن نصل بمشيئة الله إلى أوضاع أفضل وأحسن. وبخاصة تطبيق القوانين على الجميع. فالصغير عنده صعوبات صغيرة والكبير عنده صعوبات كبيرة عند الأزمات. من هذا المنطلق نحاول أن نقترح أفكاراً جديدة لتوظيف القوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص.

مما لا شك فيه أن التعليم والتدريب والتأهيل ونشر سلوكيات العمل وقياس الإنتاجية كلها أمور جوهرية لنجاح العملية، لكنها تتطلب وقتاً لتحقيقها وقد لا يكون لدينا اليوم الوقت الكافي لتعديلها حسب متطلبات السوق بالرغم من أهميتها القصوى. إذ نحن الآن أمام تحدٍ كبيرٍ وهو توظيف الباحثين عن العمل اليوم وكذلك في السنوات القليلة المقبلة. والذين يتجاهلون الوضع الملح حالياً وينشغلون في تحليل الأسباب واقتراح الحلول البعيدة المدى يكونون كمن يقول للمتعثر في الماء ويكاد يغرق «لا تخف سأعلمك السباحة» أنقذني أولاً ثم علمني السباحة.

الخطوة الأولى: تطبيق القوانين

هناك حوالي أربعمائة ألف شركة ومؤسسة مسجلة في وزارة التجارة والصناعة. وهناك ستة عشر ألف فقط منهم مسجلين في التأمينات الاجتماعية. أي أن ستة عشر ألف فقط يوظفون واحداً أو اكثر من القوى العاملة الوطنية.أين الباقون؟ منذ العام 2003 ومنذ انطلاقة المخيمات السلطانية كانت شركات الدرجة الثالثة والرابعة معفاة من نسب التعمين لإعطائها الوقت الكافي كي تنمو وتكبر وتوظف. لكن بعد خمس عشرة سنة ماذا حققنا؟. يبدو لي أننا اعطينا غطاءً إضافياً للتجارة المستترة التي ينعم فيها الوافد تحت مظلة العماني أو العمانية. نستنتج من الأرقام أن حل معضلة الباحثين عن عمل في المدى القصير يأتي عن طريق تطبيق القوانين على الجميع سواسية. على كل شركة أو مؤسسة تعمل في السلطنة أن يكون لها ملف في التأمينات الاجتماعية أي أن توظف عمانياً واحداً أو عمانية على الأقل، وذلك كشرط أساسي لتسجيلها. بالتوازي يعاد النظر بنسب التعمين في جميع القطاعات كي تصبح أكثر واقعية وتطبق بعدها بدون استثناء أو تمييز بين شركة وأخرى في نفس القطاع. بعكس ما نشهده اليوم من تفاوت حيث انه في قطاع المقاولات مثلاً تعمل شركات ونسبة التعمين فيها 25%وغيرها 20%وغيرها 10%وغيرها 0%. وهي جميعها تتنافس على المشاريع نفسها. هذا الإجراء سيحل المشكلة إلى بضعة سنوات ولو انه ليس الحل المرغوب عند الكثيرين إذ انه يعيدنا إلى الأرقام والأعداد إي إلى الكم وليس النوع.

الخطوة الثانية: الإحلال

والتي يجب أن تواكب الخطوة الأولى هي إيجاد هيئة مركزية واحدة تدير عملية التدريب والاعتماد والتوظيف على غرار الهيئة العليا للتعمين التي عملت في السبعينات والثمانينات. نقترح مثلاً أن يوسع دور الصندوق الوطني للتدريب للقيام بتلك المهمة. تحلل الهيئة تركيبة القوى العاملة الوافدة أي 1.6 مليون وظيفة وتدرب فقط في المرحلة الأولى من اجل الإحلال. لنأخذ مثلاً مهنة ضابط سلامة مهنية. فهناك قرارٌ وزاري ينص على أن لكل خمسين عاملاً يجب أن يكون معهم ضابط سلامة مما يعني انه لو طبَق القانون يكون هناك حوالي ثلاثين ألف وظيفة قد تجذب العمانيين لها. إذاً يحصر الصندوق أول اهتماماته بالإحلال والتدريب من اجله. وتهتم تلك الهيئة من ناحية أخرى بإعادة النظر بعملية التعليم والتدريب وتوجيهها لتواكب مخرجاتها متطلبات السوق الحالية والمستقبلية. وتنضم تحت مظلتها جميع الهيئات والجهات المعنية بالتدريب والتوظيف من لجان مشتركة للتعمين، والجمعيات المهنية مثل الخدمات النفطية (OPAL) وجمعية المقاولين، وجمعية السيارات.

الخطوة الثالثة: النمو الاقتصادي

تلك الخطوتان معنيتان بالوضع الحاضر للقوى الوطنية العاملة في القطاع الخاص. أما الخطوة الثالثة فهي تُعنى بالمستقبل إي بإيجاد وظائف جديدة ناجمة عن النمو الاقتصادي، والمشاريع المبتكرة، وتلك التي ستولدها الثورة الصناعية الرابعة إذا عرفنا كيف نستفيد منها. بهذا الصدد نعود لنشدد على أهمية الشراكة الفعلية بين القطاعين العام والخاص، وإصدار القوانين اللازمة لتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي مثل قانون الاستثمار والشراكة(PPP) والإفلاس، وتسهيل الإجراءات والانتقال إلى الحكومة الإلكترونية وغيرها من الإجراءات لتفعيل النمو الاقتصادي وتنويعه.
إن خيرات السلطنة وافرة والحمد لله، ونهضتها المباركة أوجدت الفرص، وما علينا سوى أن نفتح أعيننا جيداً لنبصرها ونحرّك عقلنا وقلبنا فنوجد الحلول.