مسقط - وكالات
- ما أهمية مشروع الحديد الأخضر في عُمان؟
يضع السلطنة في موقع محوري لإنتاج الصلب منخفض الانبعاثات.
- ما حجم الطاقة الإنتاجية المتوقعة لمصنع الحديد الأخضر في الدقم؟
2.5 مليون طن سنوياً بحلول 2029.
تتجه سلطنة عُمان إلى ترسيخ موقعها الصناعي عبر مشروع يُوصف بأنه نقطة تحول في مسار الصناعات الثقيلة، يتمثل في إنشاء مصنع لإنتاج الحديد الأخضر بالمنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم، وفق تقرير أعدته صحيفة "الخليج أون لاين".
ويقود المشروع تحالف دولي تقوده شركة ميرانتي غرين ستيل السنغافورية، ليعكس التحول نحو صناعات منخفضة الانبعاثات، ويضع السلطنة على خريطة الأسواق العالمية الباحثة عن منتجات صناعية صديقة للمناخ.
تحوّل صناعي
وفي خطوة تعد الأولى من نوعها إقليمياً، تعمل سلطنة عُمان مع شركة ميرانتي غرين ستيل السنغافورية (MGS) على إنشاء مصنع لإنتاج الحديد الأخضر في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، مستفيدة من موقعها البحري ومقومات البنية التحتية الحديثة.
ويُنظر إلى المشروع بوصفه ركيزة رئيسية ضمن مساعي السلطنة لتسريع تحول الطاقة وتوسيع قاعدة الصناعات الثقيلة منخفضة الانبعاثات.
ويمثل المشروع جزءاً من خطة الشركة لإزالة الكربون من صناعة الصلب عالمياً، ويستهدف إنتاج 2.5 مليون طن سنوياً من الحديد المختزل المباشر (DRI) والحديد المضغوط الساخن (HBI).
وسيُخصص نحو 60% من هذا الإنتاج لتغذية مصنع ميرانتي المخطط له في تايلاند، فيما تتجه الكميات المتبقية إلى الأسواق الأوروبية ذات الطلب المتنامي على الصلب الأخضر.
وبحسب تقديرات منصة الطاقة ومقرّها واشنطن، فإن المشروع سيعزز اندماج عُمان في سلاسل القيمة العالمية للصلب المستدام، عبر توفير مواد أولية منخفضة الانبعاثات، مع قيمة مضافة محلية تسهم في تنويع الاقتصاد الوطني.
ويتماشى مشروع الحديد الأخضر مع توجهات عُمان لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، الذي شهد خلال العامين الماضيين إرساء 8 مشروعات بطاقة إنتاج محتملة تصل إلى 1.2 مليون طن سنوياً، مع استهداف رفعها إلى 1.5 مليون طن بحلول 2030.
ومن المقرر أن يعتمد المصنع على مزيج من الغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر في مراحله الأولى، مع رفع نسبة الاعتماد على الهيدروجين تدريجياً إلى 85% من العمليات الصناعية.
هذه الآلية ستسمح بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى أقل من 200 كيلوغرام لكل طن من الصلب، وهو مستوى يتماشى مع اشتراطات المنافسة في أوروبا وآسيا.
كما أن اختيار موقع الدقم يوفّر ميزة إضافية تتمثل في تقليل تكاليف الشحن والانبعاثات المرتبطة بالنقل بفضل الميناء البحري العميق والربط اللوجستي مع الأسواق المستهدفة.
رؤية استدامة
ويؤكد الباحث الدكتور حبيب الهادي أن مشروع "الحديد الأخضر" يعتمد على الطاقة النظيفة، مما يجعله خطوة هامة في سياسة سلطنة عُمان نحو تحقيق الحياد الكربوني والصفري.
ويشير الهادي، في حديثه مع "الخليج أونلاين"، إلى أن هذا المشروع يتناغم مع الخطط المماثلة لدول الخليج، ويعزز من تنويع مصادر الدخل.
ويضيف أن المشروع لا يقتصر على الاعتماد على الطاقة النظيفة فقط، بل يدعم الصناعات المختلفة التي تستخدم الطاقة المتجددة.
ويرى أن هذا المشروع ينسجم مع الرؤية الاستراتيجية للسلطنة، ويعزز التوجه نحو الاستدامة بشكل أكبر.
ويلفت إلى أن المشروع يعتمد بشكل كبير على الاستثمارات الخارجية والأجنبية، مما يساهم في دعم الاقتصاد المحلي وتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
سلاسل وقيمة
ويكتسب مشروع الحديد الأخضر في سلطنة عُمان بعداً إضافياً من خلال موقعه في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
وتتيح البنية التحتية الحديثة، وتَوفّر الغاز الطبيعي منخفض التكلفة، والميناء البحري العميق، ميزة تنافسية في خفض تكاليف الشحن وتقليص الانبعاثات المرتبطة بالنقل إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية.
ويمثل المشروع حلقة رئيسية في سلاسل القيمة العالمية للصلب المستدام، إذ ستتمكن ميرانتي من إمداد مصنعها في تايلاند بخامات الحديد المضغوط الساخن منخفضة الانبعاثات، إلى جانب تلبية الطلب الأوروبي المتزايد.
وتعتمد الشركة في ذلك على اتفاقيات مع موردي خام الحديد عالمياً لتأمين مدخلات إنتاج عالية الجودة، ما يعزز استقرار الإمدادات وتكامل العمليات.
وعلى صعيد التمويل، حصلت الشركة على تخصيص مشروط للغاز من شركة الغاز المتكاملة العُمانية (IGC)، بالتوازي مع مباحثات مع مؤسسات دولية، بينها بنك (KFW-IPEX) الألماني، لدعم مراحل المشروع المختلفة.
هذه الخطوات تعكس اعتماد المشروع على مزيج من التمويل المحلي والدولي، بما يتوافق مع توجهات عُمان لزيادة استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وإلى جانب العوائد الصناعية، يُتوقع أن يسهم المشروع في تحقيق فوائد مباشرة للاقتصاد الوطني عبر خلق فرص عمل، وتعزيز برامج الشراكة مع الجامعات والمؤسسات التقنية لنقل المعرفة وتمكين الكفاءات المحلية.
وتؤكد الشركة السنغافورية التزامها بدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسلطنة، بما يرسخ موقعها كمركز إقليمي لصناعات منخفضة الانبعاثات.
ومع هذه الخطوات، تقترب عُمان من تثبيت مكانتها على خريطة الصلب الأخضر العالمية، فيما تمضي ميرانتي غرين ستيل في تحقيق استراتيجيتها لتصبح لاعباً رائداً في إنتاج الصلب المستدام، مواكبة للطلب الدولي المتسارع على منتجات صناعية متوافقة مع معايير المناخ.
وكانت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة قد وقّعت في ديسمبر 2022، مذكرة تفاهم مع شركة جندال شديد لتشييد مصنع لإنتاج الحديد باستخدام الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، باستثمارات بلغت 3 مليارات دولار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 5 ملايين طن سنوياً.
وفي نوفمبر 2023 وُضع حجر الأساس للمصنع المتكامل "فولكن"، حيث أكّد رئيس الهيئة الدكتور علي بن مسعود السنيدي لوكالة الأنباء العُمانية، أن المشروع يستهدف تلبية احتياجات صناعات السيارات والأدوات الكهربائية وطواحين الهواء، بما يعزز توجه السلطنة نحو صناعة الحديد الأخضر.
وبهذه المشاريع، تضع عُمان نفسها على مسار جديد يجمع بين التحول الصناعي والتنمية المستدامة، مستفيدة من موارد الطاقة المتجددة وموقعها الإستراتيجي.
ومع دخول عصر الحديد الأخضر، تقترب السلطنة من لعب دور محوري في سلاسل القيمة العالمية للصلب منخفض الانبعاثات.