لم يعد التطوير الإداري قصرًا على المؤسسات الحكومية التي تبذل جهودًا في السنوات الأخيرة لتطوير القيادات لإدارة دفة الأمور في الدولة، وإنما يضطلع القطاع الخاص ممثلًا في غرفة تجارة وصناعة عُمان بدور محوري وكبير في تطوير قياداته سواء بتراكم الخبرات في مؤسساته أو من خلال الفعاليات التي تنظمها الغرفة، ويتم من خلالها تبادل الخبرات والوقوف على أحدث الممارسات والمفاهيم في العالم، حيث لا تقف هذه الممارسات عند حدود نتائج البحث الأكاديمي أو التنظير ولكن تم اختبارها حتى تحولت إلى قصص نجاح.
وتتكامل في ذلك الجهود لبناء قيادات وطنية قادرة على إدارة دفة القطاع الخاص، ذلك القطاع الحيوي والمهم في التنمية في البلاد مع الإسهام الفاعل في مواكبة التطورات المتسارعة في الإدارة الحديثة وانعكاساتها على إدارة شركاتنا بالكيفية التي تؤهلها للنهوض بأعمالها ومواكبة المستجدات وملاءمة المتغيرات في العالم.
ولعل تنظيم غرفة تجارة وصناعة عُمان ندوة التطوير الإداري يعد واحدًا من الجهود التي تبذلها الغرفة للتطوير المؤسسي والإداري في مؤسسات القطاع الخاص وما تبذله من جهد ملموس في تأهيل القيادات الوطنية والارتقاء بالقدرات البشرية وتعزيز دورها في المرحلة القادمة بما يسهم في تطوير العمل الاقتصادي في البلاد، الأمر الذي يبعث على الارتياح لهذه الجهود التي تبذل على أكثر من صعيد للنهوض بالقطاع الخاص من جانب بيت التجار.
وفي هذه الندوة تم تسليط الضوء على الجوهر الحقيقي لمفهوم القيادة وطبيعة القائد ومهام عمله التي تعتمد بالأساس على التفاهم والتواصل المستمر مع فريق العمل وكيفية إدارة الكفاءات لتحقيق الأهداف المنشودة مع استعراض قصص نجاح يُشار لها بالبنان محليًّا وعالميًّا.
وقد مثلت الجلسات النقاشية والتفاعلية خلال هذه الندوة حوارًا مفتوحًا وجسرًا تنتقل فيه الخبرات من كفاءات برعت في القيادة ولم تبخل بتجربتها ولا ما راكمته في مشوارها العملي.
وهذا الجهد يجب تقديره والتفاعل معه بالإيجاب كونه يسهم في تكامل الجهود بين بيت التجار والمؤسسات والشركات التي عليها أن تعي بأن مجال الإدارة هو الأساس لتطوير العمل الاقتصادي.
ولاشك أن تطوير القيادات والمهارات من جانب الغرفة بدأ بسلسلة من الجهود منها المدير المالي الذي جاء ليسهم في تطوير كفاءات وطنية تدير المهام التي يحتاجها هذا التخصص الدقيق والبرامج التدريبية الأخرى وما يتم تقديمه من استشارات.
هذه الندوة التي شاركت فيها قيادات من القطاع الخاص جاءت للاطلاع على آخر المستجدات في مجال القيادة من خلال محاضرين من دول العالم، وقد تم تبادل الأفكار والخبرات والمعارف حول أفضل الممارسات القيادية للإسهام في إيجاد ثقافة القيادة الفاعلة القائمة على الرؤية الاستراتيجية والقدرة على اتخاذ القرارات السليمة وتحفيز الكوادر العاملة كسبيل ما تتطلبه بيئات العمل في عالم اليوم.
بالطبع هذه الندوة ماهي إلا نموذج واحد من عدة مبادرات وندوات وحلقات عمل تنظمها الغرفة للارتقاء بالكفاءات الوطنية وتتواكب مع التطورات، ولكن يبقى العمل الأكبر على مؤسسات القطاع الخاص نفسها أن تسهم في بناء قدراتها وتعرف أن عالم اليوم لا يؤمن إلا برأس المال البشري القادر على إحداث تغيرات في قيادة المؤسسات وبنائها.
نأمل أن تكلل الجهود المبذولة من جانب غرفة تجارة وصناعة عُمان في مجال التطوير الإداري والإسهام الفاعل في تطوير القدرات الوطنية من الشركات نفسها بما يحقق التطلعات ويسهم في بناء شركات وطنية قادرة على التعاطي مع المتغيرات المتسارعة في العالم وما تتطلبه من قدرات قادرة على إحداث التغير المطلوب.