السلطنة تحتفل باليوم العالمي للتنوع الأحيائي

بلادنا الأحد ٢٢/مايو/٢٠١٦ ٠٢:٢٩ ص
السلطنة تحتفل باليوم العالمي للتنوع الأحيائي

مسقط -
تحتفل السلطنة ممثلة في وزارة البيئة والشؤون المناخية مع باقي دول العالم اليوم الأحد باليوم العالمي للتنوع الأحيائي (البيولوجي) الذي يصادف 22 مايو من كل عام، وذلك تحت شعار (استدامة البشر وسبل معيشتهم).

ويعتبر التنوع الأحيائي (البيولوجي) أساس الحياة والخدمات الأساسية التي تقدمها النظم الإيكولوجية، كما يدعم التنوع البيولوجي سبل معيشة الشعوب والتنمية المستدامة في جميع النشاطات، بما في ذلك القطاعات الاقتصادية مثل الزراعة والغابات ومصائد الأسماك والسياحة وغيرها، بالإضافة إلى وقف فقدان التنوع البيولوجي، يعني الاستثمار في الشعوب، وحياتهم ورفاهيتهم.

ويعقد مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي الثالث عشر في كانكون بالمكسيك في 4-17 ديسمبر المقبل، ويركز المؤتمر على تعميم التنوع البيولوجي داخل وعبر القطاعات، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقا بموضوع اليوم الدولي للتنوع البيولوجي لهذا العام.
وقد أعلنت الجمعية العامة، بموجب قرارها 55/‏201 المؤرخ 20 ديسمبر 2000م، يوم 22 مايو من كل عام يوماً دولياً للتنوع البيولوجي لزيادة الفهم والوعي بقضايا التنوع البيولوجي.
وخصص هذا التاريخ تحديدا لإحياء ذكرى اعتماد نص اتفاقية التنوع البيولوجي في 22 مايو 1992م بحسب الوثيقة الختامية لمؤتمر نيروبي لإقرار النص المتفق عليه لاتفاقية التنوع البيولوجي.
وتأكيداً على أهمية العناية بالموائل الطبيعية والحياة الفطرية في دول العالم وضرورة بذل المزيد من الجهد للحفاظ على هذا التنوع واستدامته، حيث يكتسب شعار هذا العام أهمية خاصة، لارتباط التنوع الاحيائي ارتباطا وثيقا بمصير استدامة البشرية وسبل معيشتهم والأمثلة على ذلك كثيرة فالتنوع الاحيائي والخدمات التي يقدمها يشكل مصدراً أساسيا في الاقتصادات العالمية والمحلية من حيث إنتاج الغذاء، وتوفير الإمدادات النظيفة والآمنة من الماء، والسلع والخدمات الأساسية لصحة الإنسان وهو بذلك يشكل الأساس لسبل العيش المستدام للبشرية.

حماية التنوع الأحيائي

التنوع الأحيائي هو أساس الحياة على الأرض وإحدى ركائز التنمية المستدامة، وان ثراء الحياة على الأرض وتنوعها هما اللذان يتيحان ما نعتمد عليه من الخدمات التي تسديها إلينا النظم الإيكولوجية من مياه نظيفة وغذاء ومأوى ودواء وملبس. والبيئات الغنية بالتنوع البيولوجي قادرة على الصمود عندما تصيبها كارثة طبيعية.
وتعد حماية التنوع الأحيائي في السلطنة إحدى ركائز التنمية المستدامة، حيث تتميز السلطنة بتنوع أحيائي فريد حيث تضم المراعي والغابات مجموعة متنوعة من أنواع النباتات تم تحديد 1208 أنواع منها حتى الآن، وكما تم تصنيف الكثير من أنواع الأشجار والحشائش الموجودة في مناطق بيئية أخرى، ويساعد الغطاء النباتي وخاصة الأشجار على منع تآكل التربة والحد من عمليات التصحر بحيث تضم مجموعات النباتات 78 نوعا مستوطنا إلى جانب وجود العديد من الثدييات التي يرتبط وجودها بالخصائص الجغرافية والمناخية الهوائية القادرة على إعاشة أنواع متنوعة من الحياة.
وتضم مجموعة الثدييات بالسلطنة الغزال العربي وغزال الريم والذئب والضبع المخطط والنمر العربي والوعل النوبي وأرنب مصيرة والمها العربي والثعلب الرملي والوشق والوعل العربي وغيرها، كما تم تحديد اكثر من 75 نوعا من الزواحف وآلاف الأنواع من اللافقاريات.
ويقترن التنوع البري بتنوع بحري غني تمثل في مختلف أنواع الحياة البحرية والساحلية خاصة الأسماك وأكثر من 20 نوعا فرعيا من الحيتان والدلافين، وأكثر من 130 نوعا من المرجان، بالإضافة إلى خمسة أنواع من السلاحف البحرية منها أربعة أنواع تعشش على الشواطئ وتعد جزيرة مصيرة من أهم مواقع تعشيش السلاحف من فصيلة الرماني في العالم.

الحياة الفطرية

مثّل الاهتمام بعناصر التنوع الأحيائي بالسلطنة عناية خاصة تدين بالفضل والعرفان للرعاية السامية والمتواصلة لحضرة صاحب الجلالة سلطان البلاد المفدى – حفظه الله ورعاه – حيث تم حتى الآن الإعلان عن 16 محمية طبيعية للمحافظة على الحياة الفطرية بالسلطنة والتي تقدم نماذج لما تضمه البيئة العمانية من تنوع أحيائي بري وبحري فريد يرتبط وجوده بالخصائص الجغرافية والمناخية القادرة على إعاشة مثل هذه الأنواع كمحمية المها بجدة الحراسيس بولاية هيماء ومحمية السلاحف البحرية برأس الحد ومحمية جزر الديمانيات ومحميات الأخوار بساحل ظفار.
ولكون وزارة البيئة والشؤون المناخية الجهة المناط بها حماية وصون التنوع الأحيائي بالسلطنة، فقد قامت بالتنسيق مع سائر الجهات المختصة بالدولة وبالتعاون مع خبراء الهيئات الدولية المعنية بوضع إستراتيجية وطنية وخطة عمل التنوع الأحيائي لضمان استخدام الموارد الأحيائية بصورة مستدامة، كما شهد العام 2002م صدور المرسوم السلطاني بالتصديق على اتفاقية المحافظة على الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية في دول مجلس التعاون، فيما صدر أيضاً المرسوم السلطاني رقم 6/‏2003 بإصدار قانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية ليضيف بعداً آخر على اهتمام حكومة السلطنة بصون الطبيعة والحياة الفطرية، كما تم خلال العام 2007م صدور المرسوم السلطاني رقم (117/‏2007) الصادر بتاريخ 19 نوفمبر 2007م بانضمام السلطنة إلى اتفاقية الاتجار الدولي في أنواع الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض (CITES).كما تنفذ الوزارة مشاريع مستمرة لتطوير المحميات الطبيعية وتهيئتهاً سياحياً حيث تم تنفيذ مشروعين متميزين لتطوير محمية السلاحف برأس الحد وتطوير محمية السليل الطبيعية بولاية الكامل والوافي وذلك من خلال إنشاء عدد من المرافق السياحية المهمة فيها.

اتفاقية التنوع الأحيائي

وقعت السلطنة على اتفاقية التنوع الأحيائي خلال مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية (قمة الأرض) الذي عقد في يونيو عام 1992م بريو دي جانيرو بالبرازيل وصادقت عليها بموجب المرسوم السلطاني رقم (119/‏94)، وبالتنسيق مع سائر الجهات المختصة بالدولة تم بوضع استراتيجية وطنية وخطة عمل للتنوع الأحيائي وتحديد الإجراءات المطلوبة من كل جهة طبقاً للالتزامات الواردة بالاتفاقية الدولية الساعية إلى استخدام الموارد الأحيائية بصورة مستدامة واقتسام منافعها بطريقة عادلة مستعينة في ذلك بخبرات الاتحاد العالمي للصون (IUCN) وبدعم من مرفق البيئة العالمي (GEF)التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وتعمل هذه الاستراتيجية على اقتراح أفضل السبل والوسائل لترقية وتطوير تفاعل الإنسان العماني مع بيئته وتقديره لحقوق واحتياجات الأجيال المستقبلية (الوعي البيئي)، واقتراح الأطر الإدارية والمؤسسية والقانونية اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة العمانية، إلى جانب تحديد الإطار العام وأسبقيات تخطيطية وإنمائية عبر جميع القطاعات الوطنية ذات الصلة بتنفيذ الاستراتيجية تحقيقا لأهدافها على المدى البعيد، واقتراح أفضل السبل والوسائل التي ينبغي أن تتعامل وتتفاعل بها السلطنة مع المجتمع الإقليمي والدولي بهدف إصحاح البيئة العالمية والحفاظ على الموارد الطبيعية والتراث الحضاري العالمي.
ويمثل توقيع السلطنة على هذه الاتفاقية اعترافها بأهمية تحقيق أهداف الاتفاقية وضرورة الأخذ بالتوجيهات العامة التي تدعو إليها في دعم مسيرة الحفاظ على مفردات التنوع الأحيائي، وحماية البيئة والسعي إلى تحقيق مفهوم التنمية المستدامة خلال ممارسة كافة الأنشطة الاقتصادية والزراعية والصناعية، وتشكل الاستراتيجية الوطنية وخطة عمل التنوع الأحيائي تشكل مساهمة رئيسية في تدعيم خطط التنمية بالسلطنة، وهي تعتمد على منطلقات الدراسات والخطط الوطنية السابقة خاصة الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة العمانية وتوظيف مشاريع هذه الخطط والدراسات ذات العلاقة، بشكل محدد ومباشر لخدمة أهداف صون التنوع الأحيائي واستخدام موارده بصورة قابلة للاستمرار.
وتهدف الاستراتيجية في المقام الأول إلى حماية بيئات الموائل الطبيعية والموارد المتجددة المنتجة لاستغلالها بصورة رشيدة ومستدامة، كما تهدف إلى صون بيئات الموائل الطبيعية والتنوع النباتي والحيواني، كما توفر في ذات الوقت بيئة طبيعية ذات جودة عالية للأنشطة الترفيهية والسياحية، وهي تسهم أيضا في رفع مستوى المعرفة بالنظم البيئية ورفع قدرات إدارة الموارد، وتوفر الاستراتيجية فرص الاقتسام العادل للمنافع العائدة من استخدام الموارد بصورة مستدامة على المستويين المحلي والإقليمي، وتشجع التعاون الإقليمي والدولي في مجالات صون التنوع الأحيائي واستخدام الموارد الطبيعية بصورة مستدامة.

دراسات ومسوحات

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف وتنفيذ السياسات والبرامج الرامية إلى الحفاظ على الخصائص البيئية والطبيعية وأشكال التنوع الأحيائي فقد قامت السلطنة بإجراء الدراسات والمسوحات اللازمة لاقتراح (68) منطقة تخصص كمواقع لصون الطبيعة، تم إلى الآن إعلان (16) منطقة منها كمحميات طبيعية بموجب مراسيم سلطانيةٍ سامية، تسهم هذه المحميات في عملية التنمية المستدامة من خلال المحافظة على استقرار البيئة التي تمثلها هذه المناطق وتقلل تبعاً لذلك الأخطار الناتجة عن الفيضانات أو الجفاف، وتحمي التربة من الانجراف، وضمان الإنتاج واستمرار التوازن البيئي وتوفير الفرصة للبحث العلمي، ومتابعة الأحياء البرية والنظم البيئية ودراسة وفهم علاقتها مع تنمية الإنسان وتوفير فرصة لإحداث واستمرار التنمية في المناطق النائية والاستغلال الامثل للأراضي الهامشية واستغلال الفرصة للتوعية البيئية وتسهيل التنزه والاستجمام والاقتراب من عالم الطبيعة الغني بالجمال.
كما تم إصدار سلسلة من القوانين البيئية كقانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية الصادر بالمرسوم السلطاني السامي رقم (6/‏2003) وقانون البيئة ومكافحة التلوث الصادر بالمرسوم السلطاني السامي رقم (114/‏2001)، واتخذت تبعا لذلك إجراءات النظام الوطني للرصد البيئي، وخطط الطوارئ لمواجهة الكوارث البيئية، وحماية سواحل السلطنة وموانئها من مخاطر التلوث بصوره وأشكاله المختلفة، وحماية التربة وعدم الإضرار بها وتطوير البيئة الصحراوية والاهتمام بالتنوع الحيوي وزيادة الرقعة الخضراء وحماية المناطق الزراعية وتنميتها، والرقابة على المواد والنفايات الخطرة، وحظر الأعمال والأنشطة والتصرفات التي من شأنها إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية أو الإضرار بالحياة البرية أو البحرية أو المساس بقيمتها الجمالية، كما تركزت أنشطة الأجهزة البيئية على مواصلة تحديث عمليات الرصد وتأمين الرقابة على المشاريع التنموية والمنشآت الصناعية وغير الصناعية والتأكيد على مدى التزامها بالضوابط والقواعد المنظمة لها، والعناية بنشر المعرفة والمفاهيم البيئية الصحيحة، وإفساح المجال أمام مشاركة أفراد المجتمع في جهود الحماية وصون مفردات الطبيعة.