صلالة - العُمانية
تفضّل حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظه الله ورعاه/ فترأس اليوم اجتماع مجلس الوزراء بقصر المعمورة العامر بصلالة.
وقد استهل جلالته - أعزّه الله - الاجتماع بالتوجّه إلى الخالق - عز وجل - بالثناء والشكر على جزيل نعمه وفيض آلائه وما حبا به بلادنا العزيزة من أمن واستقرار، سائلًا الله - جل وعلا - أن يحفظ هذا الوطن العزيز ومواطنيه والمقيمين فيه بعين عنايته، وأن يسبغ عليهم جزيل خيراته، وأن تكلل كافة الجهود والمساعي بالتيسير والتوفيق.
ثم تفضّل جلالته - أبقاه الله - باستعراض الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية، وذلك على النحو الآتي: -
في ضوء الإيجاز الذي استمع إليه المجلس حول النتائج والمؤشرات التي حققتها خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021 - 2025)، ومستهدفات خطة التنمية الخمسية الحادية عشرة (2026-2030) لتحقيق تنمية اجتماعية وبشرية متوازنة، وتنويع اقتصادي مستدام، ورفع كفاءة سوق العمل والتشغيل وتوفير بيئة تعليمية وصحية وإسكانية.. أشاد جلالته - أبقاه الله - بجهود كافة وحدات الجهاز الإداري للدولة والقطاع الخاص، والتزامها بتنفيذ البرامج والمشاريع التنموية المختلفة، وهو ما أدى إلى تعزيز المركز المالي والأداء الاقتصادي لسلطنة عُمان وتقدمها في المؤشرات الاقتصادية، مؤكدًا - أعزّه الله - على أهمية المحافظة على التقدم الذي تم تحقيقه، والعمل على استمرار رفع ترتيب سلطنة عُمان في تلك المؤشرات، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتنافسية الاقتصاد الوطني، والاستفادة من مراجعة وتقييم ما تم إنجازه في الخطة السابقة لتحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040، مشيرًا - أبقاه الله - إلى أن ما حققته الخطة الحالية من نتائج إيجابية يعزز الثقة في مسارات التنمية المستقبلية.
موجّهًا جلالته بضرورة تضافر جهود الجميع لتحقيق مستهدفات خطة التنمية القادمة والعمل على الوصول إلى معدلات نمو أعلى، ووضع الآليات المناسبة لتعزيز الاقتصاد الوطني وتوسعة هيكلته وتنويع مصادر الدخل، وإيجاد الحلول اللازمة لمعالجة التحديات التي تواجه تنفيذ مبادرات وبرامج التشغيل والتدريب، والتركيز على خلق فرص عمل في كافة القطاعات.
وبعد أن اطلع مجلس الوزراء على النتائج الأولية للميزانية العامة للدولة لعام 2025م والتي حقق فيها الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة نموًّا بنسبة (3.4 %) نتيجة تحسن القيمة المضافة للأنشطة غير النفطية، وشهدت طرح مشروعات وبرامج في عدد من المجالات التنموية الاجتماعية والاقتصادية.. تم استعراض بنود مشروع الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2026م والتي تعتبر السنة الأولى من سنوات تنفيذ خطة التنمية الخمسية الحادية عشرة (2026 - 2030)..
مؤكدًا جلالته - أبقاه الله - على ضرورة استمرار الجهات المعنية في تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة ودعم الاستقرار الاقتصادي وكفاءة الإنفاق ضمن إطار متوازن ومستدام، ومتابعة آليات تنفيذ السياسة الوطنية للمحتوى المحلي وذلك بهدف تشجيع الصناعات العُمانية وإقامة المشاريع المحلية والعمل على تعزيز الصناعات الإنتاجية المرتبطة بالصادرات ووضع برامج وسياسات اقتصادية لتحفيز النمو الاقتصادي الوطني.
وفي إطار استعراض ما حققه برنامج التحول الرقمي الحكومي (2021 – 2025م) والذي شهد تدشين البوابة الوطنية الموحدة للخدمات، وإصدار لائحة تنظيم التحول الرقمي الحكومي، ورقمنة (74%) من الخدمات الحكومية، إضافة إلى تبني عدد من مشروعات الذكاء الاصطناعي، وجعل سلطنة عُمان الوجهة الإقليمية لمراكز معالجة البيانات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي؛ مما أسفر عن تقدم سلطنة عُمان إلى المرتبة الـ (45) عالميًّا والـ (5) على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي.. أكد المجلس على أهمية تعاون كافة وحدات الجهاز الإداري للدولة لتحقيق مستهدفات البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي وبرامجه التنفيذية، والعمل على رفع الجاهزية الاستثمارية والتقنية والبشرية والتشريعية وتذليل العقبات التي تواجه البرنامج ومشاريع الذكاء الاصطناعي خلال الفترة المقبلة.
وبعد تقديم إيجاز للمجلس حول ملف التشغيل والموقف التنفيذي للمبادرات والبرنامج الوطني للتشغيل والتحديات التي تواجهه، وحرصًا من المجلس على توفير فرص وظيفية أكبر للباحثين عن العمل، وجّه جلالته - أبقاه الله- بمضاعفة المبلغ الذي تم تخصيصه سابقًا لدعم برامج ومسارات تشغيل الباحثين - عمن عمل في القطاع الخاص وخصوصًا مبادرة دعم الأجور ليكون (100) مليون ريال عُماني، وذلك نظرًا لإقبال القطاع الخاص والباحثين عن عمل على هذه المبادرات والبرامج.
كما أشير إلى أنه قد تم تدشين المنصة الوطنية للتوظيف "توطين" في ديسمبر 2024م، والتي توفر بيانات العرض والطلب للوظائف وعرض فرص العمل المتوفرة بالقطاعين العام والخاص وكذلك بيانات الباحثين عن عمل.. وقد تم التأكيد على تطوير منصة "توطين" وإيجاد الآلية المناسبة لرفع عدد الشركات المسجلة بها وإكمال ربط قواعد البيانات ذات العلاقة بها للاستفادة من البيانات التي توفرها في إيجاد فرص عمل للمواطنين.
وفي ضوء ما استمع إليه مجلس الوزراء بشأن استعراض نتائج التقييم نصف السنوي لأداء المؤسسات الحكومية لعام 2025م، وإلى شرح حول النتائج التي حققتها المنصة الوطنية للمقترحات والشكاوى والبلاغات (تجاوب).. أكد المجلس على أهمية استمرار تطوير المنصة وضرورة رفع الجهات لنسب إنجاز البلاغات في المدة المحددة، والتفاعل مع المقترحات والشكاوى ومعالجة أبرز الملاحظات المرصودة عليها، ومتابعة رضا المستفيدين منها ومن الخدمات الحكومية، كما أشاد المجلس بالجهات ذات الأداء المرتفع، وأكد على أهمية قيام بقية الجهات ببذل مزيد من الجهود لرفع مستوياتها.. مؤكدًا جلالته - أبقاه الله - على أنه اعتمد منذ بداية العام آلية للمساءلة والمحاسبة لجميع الجهات وفقًا لنتائج أدائها السنوي.
وفي إطار اهتمام جلالته بكل ما من شأنه الارتقاء بالخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة، وفي ضوء ما تم استعراضه بشأن بعض المؤشرات، ولأهمية إعطاء هذه الفئة اهتمامًا أكبر.. وجّه - أيده الله - بإنشاء قطاع جديد بمستوى وكيل وزارة ضمن هيكل وزارة التنمية الاجتماعية، يتولى الإشراف على هذا القطاع والاهتمام به ومعالجة تحدياته، والعمل على ضمان تمكينهم وإدماجهم بصورة أكثر فاعلية لتعزيز دورهم في بناء المجتمع، وتسهيل سبل التعليم لهم بمختلف مراحله.
كما بارك المجلس إطلاق المبادرة الوطنية للفريق الحكومي الواحد التي ستنظمها الأكاديمية السلطانية للإدارة لكافة منتسبي وحدات الجهاز الإداري للدولة المدنية والتي تعنى بترسيخ ذهنية تتعدى حدود التفكير الوظيفي إلى الغاية الأسمى بالانضمام إلى الفريق الحكومي للإسهام في بناء مستقبل عُمان.. مؤكدًا جلالته - أبقاه الله - على أهمية العمل بروح الفريق الواحد للبلوغ بالبلاد إلى المكانة التي تليق بها حيث إنه لن يتأتى ذلك إلا بأن يؤمن كل فرد منا بأهمية الأثر الذي يتركه عمله اليومي على مجتمعه ووطنه.
وبعد الإشارة إلى نجاح موسم خريف ظفار لعام 2025م.. أشاد المجلس بالجهود المبذولة من قِبل المحافظة والجهات المعنية لتنفيذ العديد من المشاريع التنموية والفعاليات والبرامج الموجهة لاستقطاب السياح إلى المحافظة.
وفي الشأن الإقليمي والدولي.. وبعد الإشارة إلى ثوابت ومبادئ سياسة سلطنة عُمان الراسخة في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.. أشاد مجلس الوزراء بنتائج القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة وما تضمنته من مخرجات، معبرًا المجلس عن إدانته للعدوان الإسرائيلي الذي تعرضت له دولة قطر الشقيقة والذي ينتهك بشكل صارخ سيادتها الوطنية وكافة القوانين والأعراف الدولية، مؤكدًا تضامنه التام معها وتأييده الكامل لكل ما تتخذه من إجراءات في هذا الشأن.
كما جدد المجلس - في هذا الصدد - التأكيد على موقف سلطنة عُمان الثابت بشأن القضية الفلسطينية والوضع في الأراضي المحتلة، واستنكارها للعدوان المستمر ضد قطاع غزة المحاصر، ورفضه القاطع للممارسات المتواصلة في الاستهداف المتعمد للمدنيين الأبرياء والطواقم الطبية والإغاثية والإعلاميين والبنية الأساسية في القطاع، والإمعان في جرائم التجويع للسكان ومنع المساعدات عنهم ومحاولات تهجيرهم والذي يمثل انتهاكًا صارخًا للأعراف والقانون الدولي وقرارات الشرعية والمبادئ الإنسانية، ويقوض كافة جهود السلام الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق سلام عادل وشامل يضمن حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
كما تمت الإشارة إلى ما حفلت به الفترة الأخيرة من الزيارات السامية والرسمية المتبادلة مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة والتأكيد على أهمية الاستفادة من الاتفاقيات التي تم توقيعها وتحويلها إلى برامج تنفيذية ملموسة تخدم الأهداف التنموية للبلاد، بالإضافة إلى مشاركة سلطنة عُمان في عدد من الاجتماعات والقمم الإقليمية والدولية الهادفة إلى ترسيخ مبادئ الحوار وإيجاد الحلول المشتركة التي تعزز التعاون والأمن والاستقرار وتحقق المصالح المشتركة لجميع الدول.
وفي ختام الاجتماع.. تفضّل جلالة السُّلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - بالدعاء للجميع بدوام التوفيق لما فيه الخير والنماء لهذا الوطن العزيز وأبنائه الأوفياء.