مسقط - الشبيبة
• الأسواق الشعبية في محافظة مسقط: حكاية مكان وذاكرة إنسان
• دور الأسواق في تعزيز الاقتصاد المحلي وتنشيط التجارة
• من مراكز البيع إلى فضاءات اللقاء المجتمعي.. وسوق الجمعة أنموذجًا
• التجارة والتقاليد… ملامح تلتقي في الأسواق العُمانية
تمثل الأسواق الشعبية في محافظة مسقط معالم تجارية وثقافية متجذّرة في الذاكرة العُمانية، حيث تمتزج فيها روح العراقة بأجواء التجارة الحديثة، لتعكس الهوية الثقافية للمجتمع العُماني وأصالته.
وتُعد هذه الأسواق مراكز نابضة بالحياة، تجمع بين الباعة والحرفيين والمتسوقين من مختلف الأطياف، وتشكل نقاط جذبٍ مهمة للزوار والسياح على حد سواء، ومن أبرز هذه الأسواق بمحافظة مسقط: سوق مطرح، وسوق السيب، وسوق الجمعة، وسوق روي، ويتميز كل منها بطابعه الخاص ونكهته المتفردة.
سوق مطرح: أقدم الأسواق وأشهرها
يُعد سوق مطرح من أعرق وأشهر الأسواق في سلطنة عُمان، إذ يعود تاريخه لأكثر من قرنين من الزمان، يُجسّد صورة حية للماضي من خلال أزقته الضيقة، ومحاله المتراصة التي تعرض تشكيلة واسعة من السلع، مثل الحُلي والذهب، والملابس التقليدية، والعطور والبخور، واللبان العُماني، بالإضافة إلى التحف والهدايا والمنتجات اليدوية. ويضم السوق نحو 1,274 محلاً تجارياً، مما يجعله مركزاً حيويًا للتسوق والتفاعل المجتمعي.
ويُعرف جزء من السوق باسم "سوق الظلام" بسبب كثرة الأزقة والممرات التي تظللها مظلات خشبية، تمنح الزائر تجربة فريدة تُشبه التجوال في متحف حيّ.
ويمتد هذا السوق من مسجد الرسول الأعظم وصولاً إلى بوابتي خور بمبة مطرح (دروازة مطرح)، ويشتهر ببيع الأقمشة المزركشة، والحُلي التقليدية، والمنتجات الفنية التي تُدهش الزائر بجمالها ودقتها.
ولا تكتمل الزيارة إلى سوق مطرح دون المرور بـسوق العطارين المجاور، الواقع شرق "سوق الظلام"، حيث تُباع فيه أجود أنواع البخور والعطور، واللبان، والأعشاب الطبيعية المستخدمة في الطب الشعبي.
ويجاور هذه الأسواق أيضًا سوق الرحبيين، يضم مجموعة من المحال المتجاورة التي تقدم تشكيلة متنوعة من التوابل، والمكسرات، والتمور، والبن العُماني، وغيرها من المواد الغذائية التي تجذب المتسوقين من داخل وخارج المحافظة.
سوق السيب: تنوّع تجاري في قلب المدينة
يُعتبر سوق السيب من أكثر الأسواق تنوعًا في محافظة مسقط، ويمتد على مساحة تُقدّر بحوالي 5,200 متر مربع، ليضم 125 محلاً تجارياً و28 تبريزة.
ويشمل السوق عدة أقسام منها سوق الملابس، والكماليات، والعطارة، والبخور والتوابل، إلى جانب أسواق متخصصة مثل سوق الخضروات والفواكه، وسوق اللحوم، وسوق السمك، وسوق القت.
ويُعد سوق السيب وجهة مثالية للتسوق اليومي للعائلات والمقيمين؛ لما يعرف عنه من احتواءه على أسعار تنافسية وتنوع في المنتجات، ولتميزه كذلك بأجواء تقليدية تعكس روح المكان، وتمنح الزائر تجربة متفردة.
سوق الجمعة: ملتقى أسبوعي نابض بالحياة
يقام سوق الجمعة في منطقة الوادي الكبير كل جمعة، ويُعد سوقًا استهلاكيًا تقليديًا يُلبّي احتياجات الزوار من مختلف الفئات، حيث تتوفر فيه السلع الجديدة والمستعملة بأسعار تنافسية، حيث يبدأ نشاط السوق منذ ساعات الصباح الباكر وحتى التاسعة مساءً، ويتضاعف الإقبال عليه في المناسبات الخاصة، لاسيما خلال هبطات عيدي الفطر والأضحى، حيث يتحوّل السوق إلى مركز احتفالي ينبض بالحيوية والبهجة.
ويُعتبر هذا السوق أنموذجًا للأسواق الشعبية وأقرب ما يكون إلى الأسواق الموسمية التي تنعش الحركة التجارية وتوفر خيارات متنوعة بأسعار مناسبة، كما تمنح التجار المحليين والحرفيين فرصة لعرض منتجاتهم والانطلاق بمشاريعهم الصغيرة عبر منصات البيع في السوق. ليضيف سوق الجمعة بذلك طابعًا اجتماعيًا وثقافيًا يربط الناس بموروثهم، ويجعل من التسوّق تجربة ممتعة وحيوية.
سوق روي: تنوع في الخدمات والبضائع
يُعتبر سوق روي من أكثر الأسواق حركةً ونشاطًا في محافظة مسقط، ويمتد من دوار الحمرية وحتى دوار روي.
ويتميز هذا السق بتنوع محاله التي تشمل الذهب والمجوهرات، والأقمشة، والملابس، وشركات الصرافة، ومكاتب السفر والسياحة، إضافة إلى محال الإلكترونيات، والبنوك، ومحال الأدوات المنزلية، وإنتاج اللوحات والزجاج.
ويخدم السوق شريحة واسعة من السكان، ويُعد نقطة التقاء للثقافات والجنسيات المختلفة.
الأسواق وذاكرة المكان
تحتفظ الأسواق الشعبية في محافظة مسقط بجاذبيتها وفرادتها، إذ لا تقتصر أهميتها على كونها مراكز للتجارة فحسب، بل هي أيضًا مرآة تعكس الطابع الاجتماعي والثقافي للمجتمع العُماني. وتمثل هذه الأسواق مصدر دخلٍ للعديد من الحرفيين وأصحاب المحال، وتسهم في تنشيط الحركة الاقتصادية، وتوفير فرص العمل، وتعزيز التفاعل المجتمعي.
كما تظل شاهدًا على أنسنة المدينة وتنوع نسيجها الاجتماعي، وما يحمله من اختلاف في الاحتياجات وتباين في أنماط المعيشة، في ارتباط وثيق بذاكرة المكان وخصوصية المجتمع العُماني وقدرته على الجمع بين أصالة التراث وروح الحداثة. وهكذا تبقى هذه الأسواق مقاصد أساسية للمتسوقين والسياح، وركيزة تدعم المكانة الاقتصادية والثقافية لمحافظة مسقط.