صلالة – الشبيبة
زار المشاركون في الملتقى الصحفي الرابع بمحافظة ظفار، صباح اليوم، مزرعة رزات السلطانية، في إطار البرنامج الميداني المصاحب للملتقى الذي يهدف إلى تسليط الضوء على المقومات الاقتصادية والتنموية التي تتميز بها المحافظة، حيث اطلعوا على مختلف أقسام المزرعة وتعرفوا على أبرز ملامحها التاريخية والإنتاجية ودورها في دعم الأمن الغذائي للسلطنة.
واستمع الوفد الصحفي إلى شرح وافٍ من المشرفين على المزرعة الذين استعرضوا تاريخها العريق، إذ تعود نشأتها إلى عام ١٩٥٣ م لتكون من أوائل المشاريع الزراعية والحيوانية المنظمة في سلطنة عُمان، وقد أسهمت منذ ذلك الحين في رفد الأسواق المحلية بالمنتجات الزراعية والحيوانية، وتوفير قاعدة علمية وتجريبية لتطوير هذا القطاع الحيوي. وتمتد المزرعة على مساحة واسعة تتجاوز 1085 فدانًا، وتتنوع أنشطتها بين زراعة المحاصيل وإنتاج الأعلاف وتربية المواشي وتصنيع منتجات الألبان.
واطلع الزوار على الحقول الزراعية المتعددة داخل المزرعة، حيث تضم حقولًا للأعلاف تقدر مساحتها بـ270 فدانًا يُزرع فيها نبات ذرة الدخن وذرة الدخن الرفيع والذرة الشامية باستخدام أنظمة الري المحوري الحديثة التي توفر كفاءة عالية في استغلال المياه وتغطية المساحات الواسعة. كما تعرفوا على الحقول المخصصة للخضروات والفواكه التي تنتج أصنافًا متنوعة على مدار العام، في حين يحظى بنك المختبر الجيني باهتمام خاص من إدارة المزرعة، حيث يتم فيه الحفاظ على أكثر عدة أصناف من الموز من بينها أصناف "ويليامز" و"كاتو" ، إضافة إلى صنف جديد استحدث بعد أبحاث وتجارب استمرت سبع سنوات كاملة، وقد حظي هذا الصنف بتسمية سامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – ليحمل اسم "موز رزات"، وهو إنجاز علمي وزراعي يعكس العناية السامية بتطوير القطاع الزراعي والاهتمام بالابتكار في هذا المجال.
كما تجول المشاركون بين الأشجار المعمرة التي تشكل جزءًا من هوية المزرعة، مثل أشجار التبلدي التي يزيد عمر بعضها على مائة عام وتعد من الأشجار النادرة في المنطقة، وأشجار التمر الهندي التي تستخدم ثمارها في الأطعمة والطب الشعبي، وأشجار الصبار التي تدخل منتجاتها في الصناعات التقليدية. وأبدى الزوار إعجابهم بالتنوع النباتي الكبير الذي تحتضنه المزرعة، والذي يجمع بين الأصناف الغذائية والاقتصادية والطبية.
وفي الجانب الحيواني، تعرف الوفد على السلالة البريطانية من الأبقار المعروفة باسم "الجيرسي"، التي جرى استقدامها نظرًا لقدرتها العالية على إنتاج الحليب الغني بالدهون والبروتين. وقد أوضح المشرفون أن المزرعة وفرت لهذه السلالة بيئة ملائمة وحظائر متخصصة تُصنف بحسب المواليد والحوامل والأبقار الحلوب، بما يتيح إدارة دقيقة للإنتاج. ويشرف على هذه العمليات فريق بيطري متخصص يتابع صحة الأبقار من خلال العيادة البيطرية المتكاملة التي تقدم الرعاية والتطعيمات الدورية، إضافة إلى المختبر البيطري الذي يجري الفحوصات الدقيقة لعينات الحيوانات والألبان لضمان مطابقتها لمعايير الجودة والسلامة.
وتوقف الزوار عند محطة استراحة زوار للمزرعة، وتناولوا بعض من إنتاج المزرعة ، و تعرفوا بعض منتجات مصنع الألبان و الذي يُعد من أبرز وحدات الإنتاج الغذائي المتكامل في السلطنة، حيث ينتج الحليب الطازج كامل الدسم ومنخفض الدسم، والروب، والزبدة، والقشدة، إلى جانب الآيسكريم بمختلف النكهات المحلية والعالمية. ويحمل المصنع شهادات دولية في الجودة وسلامة الأغذية، وقد باتت منتجاته معروفة في الأسواق العمانية وتحظى بإقبال كبير من المواطنين والزوار، حتى غدت علامة بارزة في الصناعات الغذائية المحلية.
كما شملت الجولة الاطلاع على مرافق البنية الأساسية مثل مخازن الأعلاف والأسمدة، ووحدة الوزن المخصصة لقياس وتوزيع الأعلاف، فضلًا عن نظام التعقيم الذي تخضع له المركبات عند الدخول إلى المزرعة لضمان عدم انتقال أي فيروسات أو بكتيريا من الخارج، وهو ما يعكس الحرص الكبير على سلامة الإنتاج واستدامته.
وقد عبر المشاركون في الملتقى عن انبهارهم بما شاهدوه من تنظيم وإدارة متكاملة تجمع بين الخبرة التاريخية والتقنيات الحديثة، مؤكدين أن مزرعة رزات السلطانية تمثل نموذجًا وطنيًا رائدًا في تطوير القطاع الزراعي والحيواني وتعزيز الأمن الغذائي، فضلًا عن كونها وجهة معرفية وسياحية تستقطب المهتمين بالتنمية الزراعية. وأكدوا أن إدخال صنف "موز رزات" الجديد يعد شاهدًا حيًا على الجهود العلمية التي تبذلها السلطنة في الابتكار الزراعي، ودليلًا على الرؤية السامية لجلالة السلطان المعظم في دعم مشاريع الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة.