في منطقة الخليج المُلتهبة بالحرارة والرطوبة العالية واللزجة في فصل الصيف، يبرز موسم الخريف في محافظة ظفار كأفضل المواسم السياحية ليس على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم من حيث المقوّمات الطبيعية والمناخية الفريدة التي لا توجد في بقية مناطق شبه الجزيرة العربية، وهو ما يجعلها وجهة سياحيّة مهمّة وجاذبة للسياح من كل صوب وحدب. ومن أبرز المقومات المناخية خلال موسم الخريف (يونيو – سبتمبر) الرياح الموسميّة الجنوبية الغربية التي تأتي محمّلة بالرطوبة القادمة من المحيط الهندي وهي العامل الأساس في إضفاء الجوّ المعتدل والمنعش، كما تنخفض درجات الحرارة إثر ذلك لتصل إلى ما بين 20 و 27 درجة مئوية فقط، ليجد الضباب الكثيف متسعًا من وقت ليمنح المنطقة طقسًا غائمًا ورطبًا معظم اليوم، ونتيجة لذلك تكتسي الأرض باللون العشبي النباتي الأخضر، يحدث كل هذا الانبهار بمساعدة الأمطار الخفيفة ذات الرذاذ المستمر، في حين تختفي الشمس خلف السحب الماطرة وتستأسد الرطوبة المنعشة على المشهد برمّته.
وبما أن المشهد بهذه الألق أبت بعض النفوس المعتلة إلا أن تحاول إفساد هذا الكم البديع من الجمال من خلال نثر بعض المنغصات الحاقدة لتفسد المتعة الربانية التي خص ربُّ العزّة بها محافظة ظفار، هذه البقعة الجميلة والأخاذة من سلطنة عُمان، ونثرت غبار حقدها الدفين في وجه زوار خريف صلالة، ذلك الحقد الدفين الذي تجلّى في أبشع صوره من خلال نشر إشاعة مغرضة في مقطع فيديو فحواها أن هناك فيروسًا متوحّشًا ينتشر بالمحافظة ويسبّب الحمّى لزوارنا الكرام، وهي إشاعة بشعة بالتأكيد من حاقد وحاسد لا أكثر.
وبما أن الإشاعة بالغة الخطورة، فإن وزارة الصحة قامت بواجبها كاملًا فأصدرت تعميمًا لكل زوارنا مفاده بأن الوضع الصحّي بمحافظة ظفار في تمامه كالبدر في كبد السماء، وإنه تحت السيطرة تمامًا. وفي الوقت ذاته أعلنت عن اتخاذها الإجراءات القانونية اللازمة حيال ناشر الإشاعة ليلقى العقاب الذي يستحقه، وما من شكّ أن هذا الحاقد لما رأى أن الموسم يحقق نجاحات باهرة وأن الزوار سعداء بهذا الجمال قرر السعي لإفشال الموسم، وما من شك أن كل الجهات ذات العلاقة بأمن الموسم السياحي ستضرب بيد من حديد على يد ورأس كل من تسول له نفسه المعتلة الإضرار بمقوماتنا السياحية.
وربما أن الأرقام والإحصاءات بشأن نجاح الموسم قد ألهبت جذوة الحسد في ناشر الإشاعة، وحتى نزيده ألمًا وعذابًا نقول إن الموسم شهد زيادة في أعداد السياح حيث وصلت إلى 827 ألف زائر في الفترة من 21 يونيو إلى 15 أغسطس بزيادة 2.1% عن الفترة نفسها من العام الماضي في نمو ملحوظ ومتزايد بحمد الله وتوفيقه، وقد كتب التاريخ في صحائف ناصعة البياض أن هذا الموسم السياحي كان الأفضل على الإطلاق في المنطقة.
وبالتالي فإن الصحة في سلطنة عُمان خطٌّ أحمر لا يمكن العبث به أو الاقتراب منه بإشاعة وجود أمراض دون أدلة أو مصادر صحية موثوقًا بها، وهي بلا شك إشاعة مغرضة تطعن في سلامة النظام الصحي في البلاد وغير مقبولة أبدا ولايمكن المهادنة معها، فالقطاع السياحي من القطاعات شديدة الحساسية الذي يتأثر سلبًا بأي همسات كاذبة أو غمزات حاقدة، لذا يجب التعاطي بمسؤولية وحذر عند الحديث عن السياحة.
وبالطبع الجهود المبذولة من كافة الجهات كبيرة لإنجاح الموسم السياحي، وهناك انسجام وتعاون في كل ما من شأنه راحة المواطن والمقيم والزائر، وهذا واضح تمامًا من علامات البِشر والارتياح، وتتمثل في الضحكات والابتسامات والقفشات التي تلاحظ بوضوح في وجوه الزوار، لذلك فإن أي محاولة لسرقة هذا الابتهاج من الوجوه الضاحكة المستبشرة ستقابل بالردع اللازم وبالقانون.
نأمل أن ننتبه لمثل هذه الإشاعات المغرضة التي تهدف مع سبق الإصرار والترصد لضرب النظام الصحي والسياحي في البلاد مدفوعين بعلل نفسية مزمنة وعدم الخوف من الله، ولكن خاب مسعاهم - ولله الحمد- وذلك بوعي الجهات المختصة التي نشرت مظلة تأمينيّة صحيّة مُحكمة في سماء المحافظة فسقط على إثر ذلك كل الكيد الدفين في مرجل الحقيقة وصار رمادًا في مهبّ الريح.
علي بن راشد المطاعني